خلال الأيام التي حذرت فيها هيئة الأرصاد والدفاع المدني من أخطار الأمطار والعواصف في بعض المناطق برزت تساؤلات حول التباين بين مسؤولي جهاتنا بالمنطقة الواحدة في تقدير تلك التحذيرات واختلاف تقدير المخاطر بين مسؤولي نفس الجهة في المناطق الأخرى التي شملها التحذير باعتبار أن الوضع لايستلزم اتخاذ قرارات مثل تعليق الدراسة ونحوها، ومع أن تلك الأمطار تعتبر طبيعية في دول أخرى، إلا انه بسبب انعدام وسائل النقل العام الآمن وسير الشاحنات داخل المدن وسوء خدمات تصريف السيول والبناء بالأودية كان سببا في مطالبة الدفاع المدني بتعليق الدراسة ببعض المناطق لتقليل فرص التعرض لتلك المخاطر . ففي الوقت الذي سارعت فيه إدارات التربية والتعليم بمناطق الرياض والمنطقة الشرقية والقصيم وحائل بالاستجابة لتلك التحذيرات مساء يوم الاثنين الماضي عبر إعلانها عن تعليق الدراسة ليوم الثلاثاء بمناطقها، تباين تعامل الجهات التعليمية الأخرى بذات المناطق (كالجامعات والمعاهد..) مع تلك التحذيرات وكان الوضع غامضا لطلابها وطالباتها، بل إن بعضهم تلقى رسائل تفيد بان الدراسة مستمرة واضطروا خلال ساعات نزول المطر الغزير الذهاب ثم العودة لمنازلهم وخروج أولياء الأمور من أعمالهم لإعادة بناتهم من الجامعات لعدم وجود دراسة في ذلك اليوم فالوضع كان في قمة الفوضى بمدن أُعلن بها عن تعليق الدراسة ولكن بسبب عدم توحيد الجهود والتنسيق كانت الآلاف من سيارات طلاب وطالبات الجامعات تطوف شوارع الرياض تحت زخات المطر الغزير والزحام الشديد والشاحنات تنزلق داخل المدينة كما في طريق خريص والملك فهد والدائري منذ ساعات الفجر لتتسبب في إغلاق الطرق خلال فترة الذروة الصباحية ومع جهود المرور فالهدف من تعليق الدراسة لتخفيض الحركة المرورية لم يتحقق بشكل كامل . وعلى الرغم أن هناك مناطق شملتها التحذيرات في ذلك اليوم ودائما ما تتضرر من الضباب وهطول الأمطار الغزيرة كما في عسير وجازان، إلا أن إدارات التربية والتعليم بها لم تعلق الدراسة، بل تعاملت إدارة تعليم جازان مع التحذير بشكل غير عملي مع أن الدفاع المدني أعلن بأنه تلقى تنبيها من هيئة الأرصاد بتكون سحب رعدية وهطول الأمطار، فقد أوضح مدير العلاقات العامة والإعلام بتعليم جازان بان تعليق الدراسة لايشمل طلاب وطالبات جازان وان مديري ومديرات المدارس منحوا صلاحيات من قبل الوزارة لصرف الطلاب والطالبات أثناء هطول الأمطار او توقع هطولها وفي أثناء تجمع السحب حفاظا على أرواحهم فهل يتفق إخراج الطلاب والطالبات أثناء هطول المطر مع تعليمات الدفاع المدني والمرور بعدم السير أثناء ذلك؟ وإذا كانت الصلاحية ممنوحة للمدير في حال توقع تكون السحب أليس من الأولى تعليق الدراسة مادام أن هيئة الأرصاد أوضحت توقعها بتكون السحب مسبقا؟ فالتعامل مع تحذيرات الجهات الرسمية يقوم على اجتهادات متباينة بين الجهات وداخل المدينة الواحدة . إننا أمام واقع يجب التعامل معه لحين تصحيح الوضع الذي نعيشه بمعظم المدن والمحافظات بسبب سوء البنية التحتية وحجم الحركة المرورية داخل المدن وفيما بينها التي تشهد خلال الأيام العادية ازدحاما وحافلات وشاحنات وفوضى كبيرة، وكذلك لتجنب سوء تقدير مسؤولي بعض الجهات لتحذيرات الدفاع المدني لكون الأمر لا يتعلق فقط بتعليق الدراسة بل هناك ما هو أهم وهو منع سير جميع الشاحنات داخل المدينة وعلى الطرق الرئيسة التي تمر بعقبات ومرتفعات خطيرة أثناء هطول الأمطار لكون معظم أعمال الإنشاءات في ذلك اليوم متوقفة، ولذلك فالأمر يتطلب توحيد الجهود ومن خلال اعتبار إمارة المنطقة هي الجهة المختصة التي تحدد وفقا لتقارير هيئة الأرصاد والدفاع المدني المخاطر ومايجب اتخاذه بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة مثل تعليق الدراسة بشكل موحد للجميع (مدارس جامعات تعليم فني معاهد..) ومنع سير الشاحنات داخل المدن والمناطق المنحدرة، وبحيث يتم ذلك بتوجيه صادر ومعلن من إمارة المنطقة بدلا من انتظار المواطنين لإعلان كل جهة بمنطقتهم تقديرها لمثل تلك التحذيرات، وحتى يكون التعامل مع تلك الظروف موحدا ومايتخذ من قرار محققا للهدف بتلافي مخاطر الأمطار التي ازدادت في السنوات الأخيرة.