قدّم باحث اجتماعي مسودة مشروع في دراسة اعتبرها الحل الجذري ل"مسألة العنوسة"، مؤكداً على أن المشروع حالياً قد وُضع على طاولة النقاش في لقاء "هيئة حقوق الإنسان" و"جمعية أواصر الأهلية"، والتي يرأسها فخرياً صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء. وقال باحث الدكتوراه "عبدالرحمن يحيى الصايغ": إنها كانت أحد النقاط التي طرحت ضمن عناصر بلورة التفاعل بين هيئة حقوق الإنسان وجمعية أواصر، مضيفاً أنه توجد نية للتعاون في هذا المجال، متوقعاً من خلال مشروعه -إذا رأى النور- أن يتم القضاء على ظاهرة العنوسة خلال خمس إلى ست سنوات من البدء بهذا المشروع فعلياً في مجتمعنا. من أجل الحياة وشدد "الصايغ" في ورقة العمل التي أسماها "الزواج من أجل الحياة" على أهمية تناول المشكلات الفرعية المتعددة التي قد تتسبب في العنوسة، حيث يطرح تصوراً عاماً وعميقاً للقضايا الاجتماعية وأبعادها وعوامل حدوثها، منطلقاً إلى بحث كيفية فهم معادلة التوازن الاجتماعي، مما يسهم في العمل على إعادة بناء المعادلة الصحيحة اجتماعياً وثقافياً وعصرياً، مشيراً إلى أن الاقتران الشرعي وتكوين أسرة سعيدة حق لكل شاب وشابّة، كفله لهما الدين القويم، مشدداً على أهمية أن يكفله لهما المجتمع، في إطار ما سماه المسؤولية الاجتماعية، طارحاً رؤية تستقصي مسألة العنوسة بين المشكلة والظاهرة والأزمة، وأنها أزمة تعصف بالمجتمع وآثارها السلبية في تزايد. شامل وجذري وفي طيات فكرته يطرح الباحث ما سماه "الحل الجذري أو "الحل الشامل"، ومن خلاله يشرح آلية عمل المشروع المقترح ويلخصها في تشكيل لجنة عليا يتفرع عنها عدد من اللجان في المناطق والأحياء الكبيرة والمحافظات، وعضويتها رجالية ونسائية، وتتكون من القيادات الاجتماعية ممن لهم القبول والتأثير الاجتماعي، تعمل هذه اللجان على عدة مهام منها التثقيف والتوعية وإدارة برامج تدريبية موسعة، وكذلك محاضرات وندوات وورش عمل، والشقّ الآخر -وهو بالغ الأهمية- مباشرة حالات العنوسة الموجودة وفق خطوات عمل منهجية ومحددة؛ للسعي في رفع الضرر، وفي إحداث تغيير اجتماعي إيجابي مدروس، كل ذلك في حالة كان هناك تواصل مستمر بين اللجان المنفذة واللجان العليا وبين مختلف عناصر المشروع وفق أحدث النظم الإدارية والتقنية، مع مراعاة الخصوصية، وفي إطار قيم ومبادئ أساسية يراعيها العمل تتمثل في احترام الإنسان واحترام حقوقه. منضبط بالشرع وعد "الصايغ" نقاش ذلك بمثابة تفكير ثقافي مجتمعي راقي النوعية، منضبط بالشرع الحنيف، بل ومعتمد على فرز الآثار الايجابية عن السلبية في التغيرات الاجتماعية والثقافية التي يخضع لها المجتمع، معللاً ذلك بقوله: "لابد أن نعمل على توجيه الجهد إلى التغير الثقافي الذي أفرزه التغير الاجتماعي عبر عقود من الزمن، مع محاولة الإبقاء على إيجابيات التغير الاجتماعي الموجود"، ذاكراً أن المقترح في شكله الحالي يحمل في طياته جميع وسائل الإقناع الثقافي، التي يمكن أن تستخدم بنجاح لتحقيق الهدف الذي ننشده، وهو الحل الجذري لأزمة العنوسة، مختصراً أدوات الإقناع الثقافي في خمس عناصر رئيسة هي التوعية والممارسة وجهود القيادات الاجتماعية، إضافةً إلى التدرج والإلزام. جُبن أناني وفي طريق الحل أكّد الباحث أنّ للثقافة إسهاماً كبيراً في صياغة العقلية الجماعية، وأن الإنسان أقرب دائماً إلى الاقتناع بالثقافة التي يعيشها، حتى وإن كان يعتريها الكثير من الأخطاء، ويحتاج إلى الإدراك الواعي والمقصود لملاحظة الأخطاء، موضحاً أن كل تغير اجتماعي لابد أن يتبعه تغير ثقافي، وأن التوازنات الحقيقية تعزز التنمية، بل وتقي المجتمع الآفات والمهلكات، مبيناً أننا إذا لم نعترف بأخطائنا فنحن في الحقيقة نتصف ب"الجُبن الأناني"، أو "الأنانية الجبانة"، بل ولا نصلح لتحمل المسؤولية الاجتماعية، مع بقاء آثار وتبعات الأخطاء، مشيراً إلى أنه لا توجد مشكلة عامة بدون أن يكون سببها أخطاء اجتماعية عن قصد أو عن غير قصد، بحسن نية أو غير ذلك، ذاكراً أن المجتمع يستطيع حل قضاياه عن طريق جهود أبنائه، ولكن بأسلوب منظم ومدروس، وأنّ العمل الميداني المحلي هو المشروعات الصغيرة التي يتأسس عليها المشروع الاجتماعي الكبير، وأن حالة التوازن الاجتماعي المنشودة لا يمكن أن تتأتّى إلاّ بالعمل الهادف والمقصود من قبل أبناء المجتمع وفي مقدمتهم القيادات الاجتماعية. مواجهة الأخطاء وأوضح "الصايغ" أن الاطلاع بالمسؤولية الاجتماعية يمثل عاملاً مهماً من أجله يتحرك الناس عامة والقيادات الاجتماعية خاصة، لمواجهة الأخطاء في المجتمع ولاستجلاب النافع المفيد، مبيناً أنه في المشروعات الاجتماعية الكبيرة هناك ما يمكن أن نسميه النقطة أو المساحة الأنسب في الجسم الاجتماعي ليبدأ العمل انطلاقا من عندها، مختتماً بالإشارة إلى أننا وبالإضافة إلى السلبيات التي نعانيها جراء الوضع الحالي الذي تنبئنا عنه الإحصاءات الرسمية لأعداد من لم يحظوا بحق الزواج من الجنسين مع تقدمهم في السن، نحتاج أيضاً إلى تجسيد صورة المجتمع الإسلامي الراقي الذي يمثل نموذجاً حضارياً يحتذى من قبل الحضارات والثقافات الأخرى، مما يستدعي ضرورة العمل على مواجهة أزمة العنوسة من خلال العمل والأمل "الزواج من أجل الحياة".