أشار تقرير أعده مؤخراً مركز «خدمة أبحاث الكونجرس» وهو مركز أبحاث غير حزبي تابع للكونجرس الأمريكي إلى استمرار معاناة الولاياتالمتحدةالأمريكية من تراجع الاستثمارات الأجنبية فيها منذ عام 2001 حيث تراجعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أمريكا خلال عام 2002 إلى معدلات منخفضة لم تشهدها أمريكا منذ عام 1994. وأشار التقرير في بدايته إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في أمريكا خلال عامي 2003 و2004، ففي عام 2004 استثمر الأجانب 100 بليون دولار في الشركات والعقارات الأمريكية، وهو ما يعادل ضعف استثماراتهم في عام 2003، ولكنه لا يتعدى نصف الاستثمارات الأمريكية في العالم خلال العام نفسه، كما انه أقل بكثير من حجم الاستثمارات الأجنبية في أمريكا خلال عام 2000 والذي بلغ 300 بليون دولار أمريكي. وأرجع التقرير أسباب هذا التراجع إلى ضعف معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال السنوات الأخيرة ولضعف جهود الخصخصة في بعض بلدان العالم وضعف أرباح الشركات العالمية. كما أرجعه أيضا إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية في بعض قطاعات الاقتصاد الأمريكي كالقطاع الصناعي وتجارة الجملة والمعلومات والعقارات والخدمات، في المقابل أشار التقرير إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في القطاعين المالي والتجارة القطاعي. كما كشف التقرير إلى زيادة قدرة بعض الدول الأجنبية على اجتذاب الاستثمارات الأجنبية وعلى رأسها الصين التي اجتذبت 70 بليون دولار من الاستثمارات الاجنبية المباشرة في عام 2002. كما كشف التقرير عن تراجع المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في صناعات جديدة وتفضيلهم شراء صناعات قائمة خلال السنوات الأخيرة مما يضعف من قدرتهم على توظيف أيد عاملة أمريكية جديدة. وفيما يتعلق باجمالي الاستثمارات الأجنبية في أمريكا أشار التقرير إلى ان مجموع هذه الاستثمارات بلغ 1,4 ترليون دولار أمريكي أتى غالبيتها من دول صناعية متقدمة وعلى رأسها بريطانيا «230 بليون دولار» ثم اليابان «159 بليون دولار» ثم ألمانيا «149 بليون دولار» ثم هولندا «146 بليون دولار» ثم فرنسا «143 بليون دولار»، في حين بلغ اجمالي الاستثمارات الشرق أوسطية في أمريكا «8 بلايين دولار أمريكي تقريبا». وكشف التقرير عن تخصص بعض الدول في استثمارات بعينها، ففي عام 2003 أتت معظم الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط الأمريكي من هولندا وبريطانيا، في حين تركز الشركات اليابانية على الاستثمار في تجارة الجملة تليها في نفس المجال بريطانيا، ويركز المستثمرون الفرنسيون على قطاع المعلومات، وتسيطر الاستثمارات الألمانية والبريطانية على الاستثمارات الأجنبية في القطاع البنكي الأمريكي. وتذهب غالبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة للقطاع الصناعي الأمريكي بنسبة 35٪ من اجمالي الاستثمارات، ثم قطاع المالية والبنوك «18٪» ثم قطاع تجارة الجملة والقطاعي «16٪» ثم قطاع المعلومات «14٪»، اما قطاعا العقارات والخدمات فيجذبان «3,8٪» و«3٪» من اجمالي الاستثمارات الأجنبية في أمريكا على التوالي. وقال التقرير ان الشركات الأجنبية في الولاياتالمتحدة توظف 5,4 ملايين عامل أغلبهم في ولايات كاليفورنيا ونيويورك وتكساس والينوي وفلوريدا، وهو عدد يقل عن 4٪ من قوة العمل الأمريكية، كما انها تمتلك تسعة آلاف شركة، ويبلغ مجموع انتاج هذه الشركات 6,4٪ من اجمالي الناتج القومي الأمريكي المحلي. كما أشار التقرير إلى ارتفاع انتاجية الشركات الأجنبية بشكل ملحوظ مقارنة بنظيرتها الأمريكية حيث يزيد متوسط دخول العاملين في الشركات الأجنبية بنسبة 14٪ عن متوسط الدخول بالشركات الأمريكية، كما تزيد انتاجية الموظف فيها بنسبة 40٪ عن الموظف بالشركات الأمريكية، وأرجع التقرير زيادة انتاجية الشركات الأجنبية مقارنة بمتوسط انتاجية الشركات الأمريكية لكون الشركات الأجنبية في غالبيتها شركات كبيرة تستثمر في مشاريع معروف عنها النجاح في الاقتصاد الأمريكي، في حين ان الشركات الأمريكية بعضها صغير ويمر بتجارب عديدة لكي يحقق النجاح ويبني الاقتصاد الأمريكي من الداخل.