أصدرت منظمة العمل الدولية مؤخراً تقريرها "عالم العمل" لعام 2011 أوضحت فيه أن الشهور القليلة القادمة ستكون حاسمة في تفادي انخفاض حاد في التوظيف قد يؤجل آمال تعافي الاقتصاد العالمي. ووفقاً لكيو أن بي كابيتال فقد تراجعت توقعات تحسن الاقتصاد العالمي بدرجة ملحوظة، وذلك بصفة أساسية بسبب ضعف الاقتصاد في العالم المتقدم الذي يصارع للخروج من أزمة المديونيات السيادية لمنطقة اليورو وعجز التوازنات المالية وتباطؤ النمو. وترى منظمة العمل الدولية بأن الأمر سيستغرق حوالي ستة أشهر ليصل كامل آثار هذا الضعف الاقتصادي إلى أسواق العمل. كما أن هناك مخاطر بأن تكون هذه الآثار أشد حدة من تلك التي شهدها العالم بعد الأزمة المالية لعام 2008م، فالشركات قد تكون أقل رغبة في الاحتفاظ بالوظائف في مواجهة الصعوبات الاقتصادية التي تبدو الآن أكثر ديمومة عما كانت عليه إثر الأزمة المالية. وعلاوة على ذلك، فإن كثيراً من الحكومات قد تآكلت قدراتها على دعم الوظائف بسبب ضعف أوضاعها المالية نتيجة تنفيذها لإجراءات تقشفية، لقد بدأت مظاهر التراجع في مجال التوظيف تتجلى سلفاً. تقول منظمة العمل الدولية بأن أكثر من نصف الدول التي تتوفر عنها معلومات (30 من الدول متقدمة و23 من دول الاقتصاديات الناشئة والنامية) قد حققت أرقاماً سالبة في مجال خلق الوظائف في الآونة الأخيرة، بينما شهدت سبع دول فقط نمواً في عدد الوظائف. وتقدّر منظمة العمل الدولية بأن هناك حاجة لخلق 80 مليون وظيفة جديدة خلال السنتين القادمتين لاستعادة مستويات التوظيف التي كانت تسود في فترة ما قبل الأزمة، 27 مليوناً منها في الاقتصاديات المتقدمة و53 مليوناً في الاقتصاديات النامية، ولكن ووفقاً لتوقعات النمو الحالية فإنه لا يتوقع سوى خلق نصف هذا العدد من الوظائف. ونتيجة لذلك فإن معدل التوظيف (وهو مؤشر يقيس عدد الأشخاص الذين يعملون كنسبة من إجمالي عدد السكان الذين هم في سن العمل، باستثناء أولئك الذين لا يبحثون عن العمل، مثل الطلاب وربات البيوت) في الاقتصاديات المتقدمة يقدر له أن يهبط من 70% في عام 2008 إلى 68% في عام 2011 ولا يتوقع لهذا المعدل أن يرتفع لمستويات عام 2008 إلا في عام 2016م، أما في الاقتصاديات الناشئة والنامية، فإن تراجع مستويات التوظيف كان أقل حدة ويتوقع لمعدل التوظيف أن يرتفع بنسبة 7,1% و 3,1% على التوالي حتى عام 2016. وتقترح منظمة العمل الدولية جملة من الإجراءات للمساعدة في تحسين وضع التوظيف والدخل، وتشمل هذه الإجراءات إتباع سياسات تدعم المزيد من النمو الإيجابي في مجالات مثل الزراعة والمؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة، وسن مزيد من التشريعات والقوانين والضرائب التي تحمي الأجور الحقيقية مقابل عدم الاستقرار في أسعار السلع بالحد من المضاربات من خلال المشتقات المالية، ويقترح تقرير منظمة العمل الدولية إمكانية تبني سياسات عالمية منسقة محابية للتوظيف في المدى القريب من أجل استقرار الأوضاع الاقتصادية، وبصفة خاصة في الأسواق الناشئة والمتقدمة.