تعددت قنوات التواصل الاجتماعي، مثل الفيسبوك وتويتر واليوتيوب وغيرها، وزاد استخدامها بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة ليس فقط بين عامة الناس بهدف التواصل الاجتماعي بل حتى في أوساط الاعمال والتجارة. ومن أبرزما تم استخدامها فيه في قطاعات الاعمال حتى الآن هو مجال التسويق والعلاقات العامة. وقد أحدثت هذه القنوات توعية اجتماعية تزامنت مع الثورة التقنية التي تتمتع بها. فلم يكن احد يتوقع أو يخطر بباله ما وصلت اليه التقنية اليوم الامرالذي ساهم في التغيير في عدد من مجالات الحياة اليومية وعلى رأسها الاجتماعية. أما في قطاعات الأعمال بشكل عام فانها وعلى خلاف عادتها لم تواكب هذه الثورة التقنية بالسرعة الكافية في طريقة عملها، حيث لازالت تمارس استراتيجياتها الكلاسيكية في ادارة اعمالها. ويستثنى من ذلك الى حد ما مجال التسويق والعلاقات العامة، وأقول الى حد ما لسبب رئيس وهو أن ما تحدثه قنوات التواصل الاجتماعي لايتعدى التسويق والعلاقات العامة من بناء أو تعزيز للصورة الذهنية عن المنشأة ولا يصل الى الهدف الأساسي لكثير من قطاعات العمال وهو رفع مستوى ادائها الحقيقي. ولعلنا نتفق أن لقنوات التواصل الاجتماعي دورا في رفع مستوى المعرفة والادراك لدى عملاء المنشآت الحاليين والمتوقعين وهو مطلب مهم وهدف اساسي لما بعده من خطوات عملية يقوم بها المتواجدون في شبكات قنوات التواصل الاجتماعي الا انه ليس الهدف الاهم. وهذا المقال موجه بالدرجة الاولى للقيادات الادارية في منشآت الاعمال العامة والخاصة على حد سواء للتحرك لاعادة النظر في امكانية الاستفادة المستديمة من هذه الثورة التقنية قبل فوات الاوان، ولا تزال هذه الثورة التقنية في بداياتها على الرغم من كل ما تصنعه من تغييرات متتابعة في مجالات الاعمال. ومن اول هذه التحركات اعادة النظر في هذه القنوات لكي تصبح ضمن استراتيجية المنشأة الادارية المستقبلية الشاملة، بحيث لا يكون استخدام قنوات التواصل الاجتماعي محصورا في ادارات التسويق التي لاتزال تعاني من ضعف ومحدودية في استخدام هذه القنوات. هذا الطرح سيعزز من النتائج التي تحققت لاقسام التسويق والعلاقات العامة من استخدام هذه القنوات اولا كما انه سيفتح بابا لتفاعل المنشأة ككل مع هذه القنوات الامر الذي سينعكس على كافة أنشطتها بما فيها التسويقية. ومن هنا فإن التطلع هو ان يكون لدينا منشآت اجتماعية في علاقاتها وتعاملاتها الداخلية والخارجية مع موظفيها ومع عملائها على ان تكون البداية من الداخل، بحيث تبدأ المنشآت في فتح قنوات التواصل بين الادارة والموظفين وبين الرؤساء والمرؤوسين فيما بينهم، من خلال هذه القنوات، بشكل يسمح لهم من تداول افكارهم ومناقشة تطلعاتهم واهدافهم بشفافية وبشكل مباشر. مستفيدين في ذلك مما تتيحه هذه القنوات من سرعة في التواصل ومباشرة في الاتصال ونزع لكثير من الاجراءات البيروقراطية التي يمر بها العمل الاداري بشكل عام. وهذا الطرح لا يعني بحال من الاحوال إلغاء النظام الاداري المعمول به في هذه المنشآت او تجاوز الصلاحيات والمسؤوليات الممنوحة للعاملين في هذه القطاعات وانما هو إضافة وسيلة اخرى للتواصل بين العاملين في هذه المنشآت، وادخال اسلوب اداري جديد يشجع على طرح الافكار والابداع في العمل وتعزيز روح التواصل بين العاملين. إن استراتيجيات منشآت الاعمال الناجحة هي تلك الاستراتيجيات التي تكون من المرونة بمكان يسمح لها من استيعاب التغيرات الخارجية داخل المنشأة قبل ان تعكسها على علاقاتها الخارجية كما هو حاصل اليوم في كثير من المنشآت التي تبنت هذه القنوات؛ ولا يزال الوقت متاحا لكل منهما لاستدراك هذه التغيرات واستيعابها. * إدارة إستراتيجية وتسويق كلية إدارة الأعمال – جامعة الملك سعود