بعد عناء شهر كامل من العمل انتظاراً ل"الراتب".. أسند "عليان" ظهره إلى زوجته التي ما فتئت بالإلحاح عليه لشراء ملابس جديدة، كما هو حال صديقتها "أم سعيد" التي هي أيضاً تتأهب ل"هجمة الشتاء"؛ لكي تنتقي ملابسها الشتوية وأطفالها الأربعة.بينما النوم "يروح ويجيء" لمح "عليان" زوجته وهي تحضّر أطفالها أيضاً استعداداً للتسوق المعتاد مع بداية كل فصل شتاء، وما أن قاربت الساعة الرابعة عصراً حتى هرع "عليان" بسيارته مصطحباً عائلته إلى السوق لشراء ملابس شتوية جديدة، تضاف إلى ما تكّدس لديهم من العام الماضي، وما أن دخلوا السوق المزدحم بالعائلات، إذ بمسن يوجه المتسوقين: "يالحبيب.. محل التخفيضات أول لفة يمين"!، ومع ذهول "عليان" وأبنائه وزحمة السوق الممتلئ بالبضائع الشتوية ذهبوا إلى ذلك المحل لعلهم يجدون ما يدفيهم. "عليان" وعائلته كغيرهم وهم كُثر سرعان ما شعروا ب"لسعة البرد" حتى هبّوا إلى السوق؛ لشراء "خلاقين الشتاء"، وكأنهم لأول مرة يتسوقون لهذا الفصل، ويفتقدون أولئك لثقافة الإفادة من الملابس الشتوية القديمة، الأمر الذي يجعلهم يتسابقون للتسوق طوال فترة الشتاء، مما جعل جيوب المتسوقين "خاوية" أغلب أيام الشهر، ليبدأوا روتين التسوق تحت ذريعة "البرد قارس"!، وتبقى عشوائية الشراء سيدةً للموقف طوال الشتاء، ويظل "تكديس الخلاقين" و"صرف الأموال" دون فائدة كبيرة. "الرياض" تسلط الضوء على ثقافة التسوق الشتوي التي تظل غائبة لدى الكثير من الأشخاص سيما في ظل زحام الأسواق التجارية بهواة التسوق من مختلف الطبقات والشرائح، حيث كشف المتسوقون أن "هوس" تكديس الملابس الشتوية يعد هماً يشغلهم رغم توفر ملابس شتوية لديهم منذ الشتاء الماضي. الشكوى لله أكد "أبو مازن" -موظف حكومي- على أن توفر الملابس الشتوية لدى أطفاله مسبقاً، لم يشبع نهم والدتهم في شراء الملابس الجديدة مطلع كل شتاء. وقال:"حرص زوجتي على شراء الملابس لا ينقطع حتى لو لم يرتديها أبنائي فالمهم لديها هو التكديس"، مضيفاً أنه اعتاد على هذا الروتين من قبل زوجته والذي أصبح يقابله بقول:"الشكوى لله"!. ولا تمانع "فوزية الشمري" -أم لثلاث بنات- من التسوق كل فصل وفي كل حين، مشيرة إلى أن الفتيات بحببن "التنويع" في الملابس، واتباع الموضة وآخر صيحاتها، معترفةً بتكدس الملابس لديها؛ إلاّ أنها لا ترفض رغبتهن بالشراء. وقالت "هناء الحبيب" -طالبة جامعية- إن شراء الملابس الشتوية يشكل لها أمراً ضرورياً، حتى تستطيع منافسة صديقاتها في تنويع الملابس، معتبرةً ذلك أمراً عادياً بالنظر إلى كونهن فتيات يسارعن في شراء كل ما هو جديد. لسعة البرد! وترى "أم راكان" -موظفة حكومية- أن أسعار الملابس الشتوية ترتفع في بداية الفصل بحجة أن موديلاتها جديدة، وتجذب الكثير من المتسوقين، مشيرة إلى أن البعض يجذبه الموديل الجديد، واللون الغريب، بغض النظر عن فائدته، وهل هو "دافيء" أم لا، فالمهم لدى الغالبية هو "تكديس الخلاقين"، حتى لو لم يتم ارتداؤها!. وأبدت "سارة الكويليت" -ربة منزل- معاناتها من تكدس الملابس الشتوية لأطفالها، وهي الظاهرة التي باتت تهدد الجيوب لدى الكثير من الأسر، قائلةً: "بالنسبة لأطفالي ووالدهم فإنهم بمجرد إحساسهم بلسعة البرد يتسوقون لشراء ما يحميهم من شدة البرد، على الرغم من امتلاكهم لملابس شتوية منذ العام الماضي ولم تهترئ من تخزينها". وأشار "نعيمي نصيرات" -بائع ملبوسات شتوية- إلى أن إقبال الزبائن على شراء الملبوسات يستمر طوال فترة الشتاء، موضحاً أن الفتيات والأطفال هم أكثر الفئات المستهلكة للملابس الشتوية، لافتاً إلى أن أغلب الزبائن لا يبالون بالأسعار، فالأهم لديهم هو إرضاء ذائقتهم في اللبس ومدى جودته، راوياً أحد المواقف الطريفة: "جائتني زبونة تطلب شراء سلعة مماثلة للتي أخذتها الزبونة التي قبلها"، وذلك في إشارة إلى التقليد في شراء الملابس، مشيراً إلى أن ثقافة الاستعداد للشتاء تنعدم لدى الأغلبية بمجرد الاحساس بلسعة البرد.