تشهد الأسواق السعودية حركة ونشاطا دائبين، في معظم الأحيان، غير أن هذا النشاط وتلك الحركة يأخذان شكل الاستنفار مع تباشير مقدم فصل الشتاء، الذي يعتبر من أهم المواسم للتجار ويعوضون من خلاله خسائر قد يتكبدونها خلال فضل الصيف؛ فالملابس الشتوية لها طابع خاص فهي تباع بأسعار عالية؛ كونها موسمية ومستوردة.. وتوقع اقتصاديون أن يكون نصيبها 30 في المئة مما يصرفه السعوديون سنويا على الملبوسات من أصل ستة مليارات ريال أي ما يعادل ملياري ريال.. “شمس” بدورها دخلت أسواق الرياض من بوابة الشتاء؛ لترى كيف يتأهب الناس لملاقاته: إسبانيا وإيطاليا الأدفأ يشهد الإقبال على الملابس الشتوية ارتفاعا لا يدانيه سوى ارتفاع أسعار تلك الملابس، الذي يؤكد عاملون في محال البيع، أنها زادت بنسبة 10 في المئة. وعلى الرغم من ذلك ترى الازدحام داخل محال بيع الملابس وأمامها، وكأن ارتفاع الأسعار لا يفسد للود قضية، وكأن هناك لغة سرية بين الباعة والمشترين لا يفهمها طرف ثالث. صالح أحمد (مدير محل ملابس جاهزة) يقول: “إن السوق تم إغراقها منذ منتصف شهر ذي القعدة بالملابس الشتوية، بعد أن شهدت في النصف الأول تصريفا للبضائع الصيفية وإغراء المتسوقين بتخفيضات وصلت إلى 40 في المئة”، مضيفا، أن الإقبال متزايد من دون النظر في الأسعار من قبل السعوديين، وأشار أحمد إلى أن المنتجات الأوروبية (الإسبانية والإيطالية) تحتل المركز الأول، وتأتي بعدها المنتجات الصينية، خاصة النسائية، التي تسيطر بشكل كبير على السوق بنسبة تفوق 16 في المئة، بالإضافة إلى بعض المنتجات العربية، أهمها السورية واللبنانية، التي تتميز بالسعر المنافس للمنتجات الصينية، إلا أن المنتجات الأوروبية تنافس بقوة ماركاتها العالمية، في الوقت الذي بدأت فيه الشركات الأمريكية تركز بقوة على الجيل الجديد من المجتمع السعودي، خاصة النساء، بطرح الكثير من المنتجات التي تنافس الأوروبية، كما أن الطلب من قبل الشباب يأتي على الجاكيتات. خصومات 70 % وقال طوني مرسال مدير محل ملابس في شمال الرياض: “الزبائن يرتادون محلنا الذي يضم بين جنباته ماركات عالمية، ويدفعون الأسعار المحددة على كل قطعة”، مضيفا، أن المحل عمل على تصفية الملابس الصيفية بعمل خصومات بلغت 70 في المئة على موديلات الصيف الماضي، وتابع: “السوق السعودية خصبة والسعوديون ينفقون على ملابسهم بشكل كبير ولافت للنظر، وهي سوق مغرية للمستثمرين”، وتوقع أن حجم السوق يتجاوز ستة مليارات سنويا؛ نظرا إلى قوة الإنفاق في هذا المجال. مضيفا أن الموزعين والمعامل الخاصة تستعد مبكرا للمواسم بدورة سنوية شتوية صيفية، ويتم تجهيز الملبوسات والدفع بها في الأسواق قبل ولادة الفصل بأسابيع. يذكر، أن تقارير إعلامية أوردت أن السعودية تستورد ما يقارب 85 ألف طن من الملابس الجاهزة سنويا، 90 في المئة منها تقريبا تستورد من الدول الأوروبية، وكذلك من الدول الشرقية، إضافة إلى بعض الدول العربية. الاستعداد المبكر أما المستهلكون فيرون، أن ارتفاع الأسعار ملحوظ على بعض المنتجات، كما يؤكد محمد سعود (معلم)، أن الملبوسات الشتوية ترتفع خلال فصلها، مضيفا أنه يعمل منذ أعوام على جلب الملابس الشتوية نهاية الفصل، في ظل طرح المحال لتخفيضات كبيرة تصل إلى 70 في المئة. أما نزال الحارثي (رب أسرة) فيقول: “إن الأسعار في الأسواق شهدت ارتفاعا خلال هذا الأسبوع وصل إلى 30 في المئة”، وطالب بتفعيل دور الجهات الرقابية ذات الاختصاص؛ وذلك بسبب وجود قطع متشابهة في محال عدة تتفاوت أسعارها حسب أهواء التجار من دون تطبيق رقابة على هذه المحال، وأضاف أن الصناعات العربية والتركية هي الموجودة في الأسواق بشكل كبير ولافت للنظر. مضيفا أن الشركات ذات الأسماء الكبيرة لها محال خاصة وهي بأسعار باهظة. قديمك نديمك ويبدو أن لدى أم سعود حلا عمليا؛ إذ تقول: إنها “تعمل على كبح طلبات أبنائها من الجنسين بتقليل طلباتهم، وإرغامهم على لبس ملابسهم التي اشتروها خلال الشتاء الماضي”، وذكرت أن غسيل تلك الملابس يحتاج إلى جهد كبير، خاصة أنه جرت العادة على وضعها داخل أكياس بلاستيكية وبقائها حبيسة الأدراج لفترة تتجاوز ستة أشهر. وترى نوير يوسف، أن جلب الملابس من أدراجها متعة حقيقية، من خلال إظهارها وفرز الجيد من الرديء وتجهيزها قبل بدء الفصل بأسابيع، مضيفة أن أسعار الملابس الشتوية النسائية تتراوح بين 200 وألف ريال. الموضة تسبق الضرورة وأوضحت نشمية سعود أن ثقافة الاستفادة من الملابس القديمة، مغيبة بشكل كبير بين العوائل، ويسهم ذلك في الازدحام على محال التسوق، مع توقعات أن يكون البرد قارسا هذا العام، مضيفة أن غالبية المقبلات على شراء الملابس الشتوية هن من الموظفات والطالبات الباحثات عن الموضة، ويبقى شغلهن الشاغل التسوق في هذا التوقيت من كل عام.