قبل بضعة أسابيع فقط كتبت موضوعاً استعرضت فيه تطورات المخاطر في العالم العربي.. وقلت إن المخاطر القائمة حالياً لم تعد إسرائيل وحدها من تبنت عداوتها هذه المخاطر، بل إن علاقة إسرائيل العدوانية محدودة بدول معينة قريبة منها، وبالذات الشعب الفلسطيني، الذي نهبت أرضه وحقوقه في آن واحد، وأوضحت أن إيران بكثير من إجراءاتها مارست عدواناً مكشوفاً ضد منطقة الخليج بدءاً باحتلالها ثلاث جزر إماراتية جميع سكانها من العرب، وهي تاريخياً عربية التواجد، ثم امتدت إلى محاولات تدخل في الكويت، ولازمت في الوقت نفسه إقلاق الأمن البحريني، بل ممارسة تكليف عدوانيين معينين بمحاولات إقلاق الأمن البحريني وتحويل الفوضى لو حدثت إلى وسيلة تدخل منها.. بعض الإخوان اعتبر أن هذه المقارنة غير صحيحة.. هي لن تكون صحيحة لو كان العدوان لا يحدث إلا على الأرض الفلسطينية أو ما حولها، بل إن إسرائيل تلتزم بمعاهدة سلام لا تمكنها من ذلك.. أخيراً نأتي إلى خبر مصدره النيابة البحرينية يوم أمس يؤكد أن الخلية الإرهابية التي أعلنت المنامة أمس الأول اعتقال خمسة من أفرادها كانت تقوم ب«التنسيق» مع الحرس الثوري الإيراني لاستهداف منشآت حساسة في البحرين، ومقر السفارة السعودية بالمنامة، وجسر الملك فهد الرابط بين البلدين.. من السذاجة أن نتصور هذه التنظيمات المتوالية في بث العدوان والتخريب أنها مجرد خلاف جزئي مع إيران، أو أنها بسبب خلاف مذهبي حيث الطموحات التي توجه سلوكيات إيران ليست إلا إعادة الدولة الفارسية، وهو ما يرفضه الإخوة الشيعة العرب قبل غيرهم.. ويكفي أن نتابع واقع علاقاتها بل جزالة تدخلها في لبنان والجسور السرية تعاملاً مع سوريا لنضيف ذلك إلى ممارسات العدوان القائمة خليجياً لكي نرى بشاعة التطلعات التي تريد الوصول إلى القوة النووية كي تكون مصادر الاقتصاد الخليجية تحت رحمة التهديد الإيراني، وهو ما لن يحدث، فلن يقبل به لا العرب ولا القوى الدولية الغربية.. في كثير من المقالات - وعبر سنوات - كنت أكرر التأكيد على أن تطور الوعي وموضوعيته لدينا هو ما يجب أن يكون واجهة تعاملنا مع كل الظروف المختلفة حول مجتمعاتنا.. هذا الوعي هو الذي جعلنا عربياً أمام مكاسب تطور، فيما غيرنا أمام انتكاسات أوهام.. مَنْ يهدّد مصادر قدراتنا لن يستطيع أن يسحبنا إلى صراعات طائفية لأننا لم نعرف ذلك في مجتمعنا الخليجي وبالذات في المملكة.. وتأكيد التوافق هو لطمة رفض في واجهة أحلام العدوان..