عندما نرى أكثر من مئة نادٍ في الدرجة الثالثة في الرياضة السعودية ولا نشاهد مستويات متميزة ولا حتى منافسات شرسة بل ولا نرى اهتماماً من المسؤولين في هذه الأندية فما الفائدة المرجوة من بقاء مثل تلك الأندية في خارطة الرياضة السعودية؟ أندية بلا طموح وبلا كوادر وبلا عمل؛ معدومة المواهب، ومفلسة البنية تحتية؛ ماذا تضيف لرياضتنا؟ لن تزيد سوى الإحباطات والخسائر المادية لاسيما وأن هذه الأندية تحول بعضها إلى متنفس لأهالي المنطقة ومكاناً يجتمعون فيه لتناول القهوة والشاي تاركين أبناءهم يركلون الكرة في ملاعب الأندية من دون وجود مدربين أو مهتمين في تطوير المواهب، بل أن بعض الأندية الريفية تمر الشهور من دون أن يدخلها شخص حتى تحول العمل في هذه الأندية إلى عدد من العاملين من الجنسيات العربية الذين أصبحوا (رؤساء) حقيقيين لها، عندما نقرأ قبل فترة معينة في وسائل الإعلام أن نادٍ رياضي معترف به من الاتحاد السعودي يزرع ملعبه للمرة الأولى في تأريخه هذا الموسم وكأنه منجز يستحق التباهي والمفاخرة، لا أمراً واجباً على كل إدارة بأن توفر ملعباً مزروعاً يستطيع من خلاله لاعبو الفريق ممارسة تدريباتهم اليومية. في الدرجة الثالثة أو (الريفية) الإمكانات معدومة ولن تجد شيئا مما تعتقد بوجوده داخل هذه الأندية ولن تكون المهمة صعبة على كل رياضي أن يتحرك إلى أقرب نادٍ ريفي ويتجول بداخله إن وجد الأبواب مفتوحة فسيجد الإهمال مرسوماً بصورة جميلة وسيجد مستقبل الرياضة السعودية حاضراً أمامه، عندما تغيب الإمكانات ولا تتوفر الاحتياجات في هذه الأندية فذلك يعني أننا سنخسر أجيال قادمة لن تستطيع ممارسة اللعبة في منشآت كهذه وهو ما ظهر مؤخراً حيث قلة المواهب في الرياضة السعودية؛ فتخيل أن ريكارد لم يجد لاعباً في الوسط الأيمن يستطيع القيام بأدواره مما أجبره على الاستعانة بالظهير الأيمن حسن معاذ، وذلك يكفي ليعطي دلالة واضحة على غياب إنتاج المواهب في الرياضة السعودية الذي لم يكن وليداً للحظة ولم يأت في عام أو عامين بل نتاج إهمال أعوام ماضية لهذه الأندية التي هي عبء على الرياضة السعودية إذ تستنزف ميزانيات سنوية من دون إنتاج. أرى أن الحل يكمن في تشكيل فريق عمل من الاتحاد السعودي والقيام بزيارات مفاجئة لهذه الأندية، وتدوين تقارير عن أوضاعها من كافة النواحي وبناءً على تلك التقارير إما أن يتم تثبيت النادي ضمن الأندية الرسمية في الاتحاد السعودي أو أن تم إلغاء النادي وإغلاقه مع توفير البديل، والبديل في ذلك إنشاء أكاديمية رياضية تخضع لإشراف مباشر من مكاتب الرئاسة في المدن فعلى سبيل المثال عندما يوجد خمسة أندية في مدينة واحدة وتتواجد هذه الأندية الخمسة في الدرجة الثالثة ولا تجد الاهتمام من منسوبيها يتم إلغاء أسوأ ثلاثة أندية من ناحية الاهتمام وإنشاء أكاديميات رياضية للاعبين من فئة (ستة أعوام وحتى عشرة أعوام) ومن فئة (عشرة أعوام وحتى 14 عاما) ومن فئة (14 عاما وحتى 18 عاما) يشرف عليها مدربون باختيار الاتحاد السعودي وبإشراف مباشر من مكتب الرئاسة في هذه المدينة، فعندما يتدرج لاعب بعمر 6 أعوام وحتى 18 عاما يتم تخريجه لواحد من الناديين المبقى عليه ليمثل الفريق الأول، أو فئة الشباب شريطة أن يتم التأكيد بين الحين والآخر على مسيرة العمل في هذين الناديين، وأنهما يسيران وفق خطى ثابته تساعد على تطور اللاعب، وتوفير الأجواء المناسبة له؛ من أجل تقديم أجمل مستوياته التي ستنعكس بالإيجاب على فريقه، فلن يكون في صالح اللاعب ولا حتى الرياضة السعودية أن يتخرج اللاعب بعد أعوام من هذه الأكاديمية ليصطدم بسوء عمل في هذه الأندية، وهذا ما يقتل الجهد الذي بذل طوال الأعوام الماضية، كما أنه من الضروري أن يتم عقد المحاضرات والندوات في الأكاديمات لتثقيف اللاعبين وتهيئة كافة الأجواء لهم سواء النجاح أو الفشل في هذا المشوار، فكثيراً ما فقدت الرياضة السعودية لاعبين بسبب سوء عقليتهم الرياضية، وبسبب سوء طريقة تفكيرهم فتجد أن طموحه يتلاشى بمجرد تسلم مقدم عقد ضخم، وهذا ما يحدث الآن مع معظم لاعبي المنتخب الحاليين، حيث يلعبون بلا طموح وبلا حماس، لذا فإن تأسيس اللاعب منذ الصغر فكرياً وفنياً يمثل أهمية بالغة. وفيما يخص الأندية التي تتجاوز فترة التقويم ويتم الإبقاء عليها فأرى أن الإبقاء على 50 نادياً من أصل 103 أندية بحيث يتم إنشاء دوري الدرجة الثالثة بدلاً من دوري المناطق، ويتم تقسيم الدوري إلى مجموعتين 25 ناديا لكل مجموعة، فليس من المنطقي أن يستمر وضع الدرجة الثالثة مثل وضعه الحالي حيث تلعب الأندية في شهرين من أصل 12 شهراً في السنة، وفي باقي الشهور يكون اللاعبون في فترة إجازة. ربما يرى بعض أن الأندية الريفية لا تمثل أهمية في الرياضة السعودية لكنني أرى أنها تؤثر وبقوة في مسيرة المنتخب فعندما تفتقد لأندية هاوية تخرج النجوم والمواهب وتصدرهم للاندية المحترفة المنافسة في دوري «زين» ويظل الدوري، يعتمد في قوته على اللاعبين الأجانب فذلك يعني أننا سنجد أنفسنا يوماً من الأيام في حاجة ماسة لتجنيس اللاعبين لإبراز المنتخب وجعله يستطيع المنافسة قارياً، فحتى الآن من يصدق أن المنتخب يبحث عن لاعب يسد ثغرة الجهة الدفاعية اليمنى في تشكيلة ريكارد، وذلك يعود بالطبع إلى ضعف الإنتاج في مواهب الرياضة السعودية لأسباب تأتي في مقدمتها غياب العمل والتخطيط السليم والاهتمام من مسئولي الأندية السعودية، فدائماً ما تعتمد الأندية ذات الدخل المحدود في دوري «زين» أو الأندية القابعة في الدرجتين الأولى والثانية على اللاعب المنسق من الأندية الكبيرة فنادراً ما نجد لاعبا ظهر من الفئات السنية بناديه، أو قدم من نادٍ في الدرجة الثالثة، فنجد اعتماد هذه الأندية على منسقي الأندية الكبيرة، وهو ما يرهق خزائن الأندية من دون وجود مردود يعود بالنفع والفائدة على الرياضة السعودية.