ترتدي اليوم منى حلتها البيضاء بالخيام المطورة وخدماتها الأساسية لتعلن لحجاج بيت الله الحرام القادمين إليها لقضاء يوم التروية فيها؛ اقتداء بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم قدم في العام العاشر من الهجرة في حجة الوداع ليوضح للمسلمين نسكهم ليسيروا عليها في كل عام، ملبين نداء الحق في صفوف موحدة وبرداء واحد لا يتغير لونه بتغير الشخصيات، فبياضه الناصع توافق مع بياض خيام منى التي ازدانت بحلتها البيضاء لتعلن للعالم نقاء وبياض قلوب المسلمين وتوحدهم في العبادات وإن فرقتهم الخلافات. وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده نائب رئيس مجلس الوزارء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز -حفظهما الله-، وبمتابعة مباشرة من قبل صاحب السمو الملكي الأميرخالد الفيصل أميرمنطقة مكةالمكرمة، اكملت الاجهزة الحكومية استعدادتها لخدمة ضيوف الرحمن لحج هذا العام 1432ه. وكانت "الرياض" من خلال جولاتها قد شاهدت الاستعدادات المكثفة والإمكانات التي أعدتها مختلف أجهزة الدولة لخدمة وراحة وفود الرحمن، حيث تمت صيانة وتجهيز شبكة من الطرق الحديثة والأنفاق والجسور المصممة على أحدث المواصفات العالية والمزودة بكافة وسائل السلامة واللوحات الإرشادية لتسهيل وصول الحجاج إلى مواقعهم بمشعر منى -بإذن الله-، إضافة إلى تخصيص عدد من الطرق الخاصة بالمشاة التي تم تظليلها وتهيئتها بالخدمات اللازمة. وقد جهزت وزارة الشؤون الإسلامية مساجد مشعر منى لاستقبال حجاج بيت الحرام بالفرش الفاخر والتكيف وتجهيز دورات المياة. وحيث إن الجولة في مشعر منى في اليوم السابع من ذي الحجة لا تحمل سوى مشاهدات عن استعدادات أو تجهيزات؛ لكنها تمنحك اطمئناناً من اكتمال تلك الخدمات قبل وصول الحجاج، فمثلاً حركة السير على مداخل منى وان كانت قد أُغلقت أمام جميع السيارات الخاصة، إلاّ أنها فُتحت لحافلات نقل الحجاج حتى تتمكن من الوصول إلى المخيمات دون إعاقة في السير ووصولهم بيسر وأمان وسلامة واطمئنان. أما الشوارع والطرقات فزانت نظافتها لتوفر للحجيج بيئة نظيفة ونقية تمنحهم الفرصة للتجول إن أرادوا لنقل مشاهداتهم في اليوم الثامن من ذي الحجة، فضاغطات النفايات انتشرت بالتقاطعات والشوارع الرئيسة لتؤكد للجميع أن النفايات يمكن التخلص منها سريعاً دون أن تنبعث روائحها أو تتجمع. وفي مقابل ذلك انتشرت عربات جمع النفايات الصغيرة الحجم الكبيرة السعة، والتي صُبغت بلون خاص يميزها ويبعد عنها أي حشرات طائرة من بعوض وخلافه. ورغم أن ضيوف الرحمن لم يبدأوا في الوصول إلى مشعر منى إلاّ بعد صلاة الفجر اليوم الثامن، إلاّ ان أمانة العاصمة المقدسة كانت حاضرة قبل وقت كافٍ، وأنجزت أعمالها وخدماتها، وتحديداً في تنظيف الشوارع ورش المبيدات. أما الاتصالات الهاتفية سواء كانت ثابتة أو متنقلة لم تكن هي الأخرى بعيدة عن الاهتمام، فقد انتشرت الكبائن في أكثر من موقع؛ مما يوفر للحجاج سرعة الاتصال بذويهم عبر هذه الكبائن أرضياً أو جوياً عبر هواتف جوالة حرصت الاتصالات على توفير بطاقاتها وجعلها في متناول الجميع. وفي الدخول إلى أي من مخيمات الحجاج سواء كانوا قادمين من آسيا أو أوروبا أو حتى من إفريقيا واستراليا؛ فإن مخيماتهم موحدة بلونها الأبيض وخدماتها الثابتة التي لا تتغير بتغير الاجناس أو الألسن والكل في هذه الايام سواسية أمام رب العباد ليس لأحد فضل على أحد إلاّ بالتقوى. بياض الخيام الخارجي وبرودتها الداخلية وإضاءتها الجيدة زادتها وسائل السلامة أماناً واستقراراً لكل من استظل تحت ظلها رافعاً يديه للسماء داعياً ربه بالغفران. وفي مقابل توفير الخدمات وتوفير السلامة في المخيمات؛ مُنح ضيوف الرحمن الراحة النفسية والاطمئنان فشعروا أنهم يعيشون داخل قصور ازدانت جدرانها بالجواهر.. وجواهر مخيمات الحجاج بمنى تمثلت بالكوادر السعودية المؤهلة التي وقفت بشرف واقتدار لتقول للحجاج "لبيك فنحن خدامك"، خدام من لبى نداء الله وترك المال والاهل والولد وقدم إلى المشاعر المقدسة لا يرجو سوى الرحمة والغفران والقبول والثواب. يذكر أن مشعر منى أحد مشاعر الحج وأقربها لمدينة مكةالمكرمة، وينزل بها الحاج في يوم التروية ويؤدي بها صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ومع اشراقة شمس اليوم التاسع من شهر ذي الحجة يتوجه منها إلى مشعر عرفات لقضاء "الوقفة الكبرى" على صعيد عرفات الطاهر، ومع غروب شمس اليوم نفسه يتوجه إلى المشعر الحرام بمزدلفة، ومع فجر يوم العاشر من ذي الحجة يتوجه الحاج الى مشعر منى مرة ثانية لرمي جمرة العقبة الكبرى، ويتحلل من الإحرام، ويذبح هديه واضحيته، كما يقيم في منى ثلاثة أيام وهي اليوم العاشر والحادي عشر والثاني عشر أو الثالث عشر، ويوجد بمشعر منى الجمار الثلاث جمرة العقبة والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى، كما يوجد بها مسجد الخيف ومسجد المرسلات ومسجد الكبش ومسجد الكوثر.