أدعو القارئ الكريم خصوصا المتداول في سوق الاسهم السعودية الى وضع خارطة الجزيرة العربية أمامه عند قراءة هذا المقال، وإن لم تتوفر الخارطة فلا بأس من تخيلها في ذهنه.. ماذا سيرى ؟. في أقصى شمال الجزيرة العربية سيرى العراق بمشاكله القديمة والمتجددة وسوريا، حيث الاضطرابات والمستقبل الغامض وجارهما الاردن يتأثر بما يحدث فيهما ويتذبذب ما بين الهدوء الحذر والتوتر، أما لبنان فحدث ولا حرج. أما من ناحية الشرق فهناك إحتقان في البحرين تغذية دولة غير شقيقة تدعى إيران. ومن الغرب على الضفة المقابلة لنا على البحر الاحمر العمود الفقري للأمة العربية جمهورية مصر العربية بين الثورة والثورة المضادة، أما السودان فقد أصبح سودانين. وأخيرا جنوب الجزيرة هناك اليمن غير السعيد هذه الايام، فالشد والجذب بين الحكومة والمعارضة وصل الى مراحل متقدمة وكل الطرق للحوار مسدودة. الآن لنضع خارطة الجزيرة العربية جانبا ونرى العالم بصورة أوسع وأشمل، فأوروبا ترزح تحت مشاكل الديون السيادية لبعض دولها والحلول المطروحة مفعولها مثل مفعول الإبرة المخدرة، واقتصاد الولاياتالمتحدةالامريكية يترنح جراء التجاذب السياسي بين الديموقراطيين والجمهوريين، كما ان مستويات الدين الامريكي وصلت الى أرقام فلكية (15 تريليون دولار)، اما الصين فهي أظهرت مستويات ضعيفة في النمو مقارنة بالسنوات السابقة كما انها جزء رئيسي من العالم تتأثر سلبا بما يحدث فيه. هل هذا الطرح مغال في السلبية ؟ قد يكون كذلك، ولكنها الحقيقة التي يعلمها الجميع.. قد يقول البعض، وأنا منهم، إن إقتصاد المملكة متين وجبار والسيولة متوفرة، بل وتزيد عن الحاجة كما ان المشاريع كبيرة ومتنوعة والإنفاق الحكومي وصل الى مستويات قياسية لم يسبق لها مثيل منذ تأسيس المملكة مما انعكس بشكل إيجابي على أداء الشركات في سوق الأسهم، فالنتائج إيجابية ومكررات الارباح في أدنى مستوياتها.. ولكن هل تكفي كل تلك العوامل منفردة او حتى مجتمعة لتحريك مؤشر السوق ودفعه للأعلى .. لا أعتقد ذلك لسبب بسيط وهو ان رأس المال جبان، والمتداول أو المستثمر يضع في حساباته كافة الاحتمالات وعلى رأسها المخاطر المحتملة الاقتصادية منها والسياسية القريبة حولنا وكذلك البعيدة، وبلاشك فان العام 2011 م هوعام استثنائي بكل المقاييس ليس على المستوى العربي والاقليمي بل وحتى الدولي. أتوقف هنا وأقول انه بالرغم من كل ذلك تظل سوق الأسهم السعودية سوقا عظيمة .. وشخصيا أعتقد ان من كان يملك مائة ريال بداية هذا العام 2011 واستثمرها في سوق الاسهم السعودية وانتهى العام وهوما زال يملك نفس المائة ريال بدون نقص فهو بطل. أما من استطاع أن ينهي السنة وقد حقق شيئا ولو قليلا فوق المائة ريال فهو بالتأكيد ليس بطلا فقط.. بل وبطل ومضارب.. !