لم تترك "أم عبدالعزيز الحويطي" هوايتها بغزل الصوف والسدو والنسيج بعد أن انتقلت من بادية تبوك إلى المدينة، إذ جعلت من منزلها مصنعاً صغيراً تواصل فيه مهنتها التي ورثتها من والدتها منذ نعومة أظفارها، حتى استطاعت تسجيل اسمها في العديد من المهرجانات التراثية على مستوى المملكة، حيث حققت المركز الثاني في "سوق عكاظ" لعامين على التوالي. وقالت إن حياكة الصوف والوبر الذي تنتجه الأغنام والإبل التي ترعاها البادية تعد حرفة وصناعة أصيلة، استمدت إمكانياتها مما توفره البيئة قديماً، فالمادة الأولية هي الصوف والوبر، والاصباغ المستعملة تستخرج من أعشاب الصحراء، في حين يقمن بصنيع أدوات الانتاج بأنفسهن، مشيرة أن الأشكال والزخارف التي يزينَّ بها منسوجاتهن تعكس واقع البيئة الجغرافية التي تعيشها البادية. وأكدت على أن المرأة قديماً كانت تسجل حضوراً كبيراً بعملها في الحرف اليدوية، تسهم من خلاله في توفير "لقمة العيش" مع زوجها، حيث برز دورها في العديد من الأعمال اليدوية وفي مقدمتها حياكة الصوف والسدو، إذ كانت البنات يجتمعن أثناء حياكتهن ويرددن الأهازيج التي تستحث هممهن مثل: "عند الصخرة.. مثل المهرة.. ولشغيلك بارد حيلك"، وكذلك "غزلك ياخم النوم.. غزلك يثني اليوم"، ليقطعن بتلك الأهازيج الوقت الذي يستغرقنه في أعمال النسيج. ويستخدم "المغزل" في عمل السدو، لغزل الخيوط، ثم بعد ذلك برمها، وتمديدها، وأخيرا "سدوها"، ويستغرق أوقاتاً طويلة، حيث يعملن من الصباح الباكر وحتى غروب الشمس، مشيرةً إلى أن صناعة السدو اليدوية تنفذ باستخدام آلة "النول"، دون استخدام أي أدوات تقنية أخرى، ويتم السدو بواسطة خيوط ممتدة تربط بأربعة أوتار على شكل مستطيل. صناعة السدو اليدوية تنفذ باستخدام آلة «النول» وذكرت "أم عبدالعزيز" أن بيت الشعر هو عالمهن الخاص الذي يتفنن في تأثيثه وتجميله من الداخل، وذلك بما يقدمنه من أعمال نسج تبدأ في بيت الشعر، وتنتهي بمقتنياته من مخاد وسجادات، يحرصن خلالها على استخدام الألوان الصارخة كالأحمر والبرتقالي في منسوجاتها، وتشير تلك الألوان الصارخة إلى الحياة الصارمة لأهل البادية. وتعتمد أعمال غزل الصوف والسدو على أيادي ذوات الخبرة اللاتي يقدمن دروساً شبه يومية للبنات الأخريات بتعليمهن مراحل الحياكة، ابتداء من قص الصوف ، وجمع الوبر، وذلك في فصل الربيع للأغنام، والإبل في فصل الصيف، ويلي ذلك عمل الغزل وهو على مدار السنة، ويستخدم فيه المغزل، وبعد إكمال غزل الصوف والوبر يجري تلوين الابيض منه بمختلف الألوان، موضحة أن العملية الأخيرة هي الحياكة والسدو، وتتم عادة في فصل الصيف؛ نظراً لأنه أكثر استقراراً من الفصول الاخرى. وامتدحت الإقبال على منسوجاتها خصوصاً من الوفود الخارجية قائلة إنهم الأكثر إعجاباً وإقبالاً، متمنية وجود أماكن مخصصة للحرفيات مستقبلاً، بعد هذه النقلة التنموية التي تعيشها السعودية، مؤكدة على أنها وجدت العديد من بنات الجيل الحالي يردن تعلم الحرفة، واستطاعت تدريب 15 فتاة على أعمال الغزل والنسج والحياكة، إلاّ ان عدم توفر الدعم كان حجر عثرة أمامهن لتقديم منسوجات أكثر تغطي تزايد الطلب الذي يجدونه اثناء المشاركة في المعارض والانشطة الموسمية.