عندما كتبت مقالي في الأسبوع الماضي أحذّر من الخطر الإيراني على المملكة لم يكن يخطر ببالي ولا ببال أغلب المتابعين للشأن الإيراني أن يصل التهور والإجرام بالنظام الإيراني إلى هذه الدرجة !لأنها بذلك كسرت قاعدة تنظم العلاقات السياسية بين الدول ولم يجرؤ أحد سابقا على اجتياز تلك الخطوط الحمراء التي تنظم اللعبة السياسية العالمية !إن محاولة اغتيال السفير عادل الجبير تبين مدى الحقد الأعمى الذي وصلت إليه القيادة الإيرانية ضد المملكة لقد تحولت من دولة مارقة إلى عصابة وأصبحت تفكر بمبدأ العصابات أكثر من كونها نظاماً حكومياً! دعونا نحلل الأمر من منظار تاريخي وسياسي مع أن الأمور عندما تصل إلى تصرفات النظام الإيراني لا تكون منطقية دائما بسبب أن تصرفاتهم تحكمها في كثير من الأحيان الإيديولوجية أكثر من الحسابات السياسية! تاريخ النظام الإيراني مليء بالاغتيالات والجميع يعرف انه بعد الثورة الإيرانية اجتاحت العالم مجموعة من الاغتيالات سواء لمعارضين إيرانيين أو حتى بقايا نظام الشاه ،إذن الاغتيالات أسلوب إيراني معروف للتخلص من الخلافات السياسية! لو رجعنا لتاريخ العلاقات السعودية الإيرانية بعد الثورة لوجدناها في أغلب الأوقات يشوبها التوتر بسب التصرفات الإيرانية الرعناء فكلنا يذكر مؤامرة الحج الشهيرة في الثمانينات بل وصل الأمر إلى الاعتداء العلني وذلك كما حدث عندما حاولت مقاتلات إيرانية اختراق الأجواء السعودية لتدمير بعض المنشآت البترولية وقد تصدى لها الطيران السعودي وأسقط بعضها وهربت البقية ! كذلك كلنا نعرف حب إيران للحروب بالوكالة كما حدث مع الحوثيين وكما حدث عند احتلال بيروت من قبل حزب الله والاعتداء على السفارة السعودية !كما أن أغلب الجهات الاستخباراتية الدولية ترجح أن مقتل الدبلوماسي السعودي في باكستان تم بتحريض إيراني ! ومن كل ما ذكر يتضح أن تاريخ النظام الإيراني مع السعودية أسود تشوبه المؤامرات !ولكن لماذا السعودية تحديداً؟ الموضوع ببساطة لأنها الركن العربي الصامد في وجه كل التحديات منذ سنين والآن ظهر للجميع أنها أصبحت مرجع العرب في خضم ما تشهده المنطقة من تحديات وسقوط أنظمة ! بعض الأبواق بدأ يشكك بالمؤامرة وخصوصا ما يسمى عرب الشمال وفاتهم الكثير الذي لم يلاحظوه إما عن قصد أو جهل! أولاً المتهم بالقضية أمريكي يحمل الجنسية الأمريكية أي انه لن يخطر على بال أحد أن تقوم أمريكا بعمل مؤامرة على أحد مواطنيها لان ذلك مخالف للدستور ولن يتجرأ أحد مهما كان على عمل ذلك. بالإضافة انه لا يمكن بأي حال من الأحوال جمع أربعة أجهزة أمريكية مختلفة وهي المباحث الفدرالية ومكافحة المخدرات ووزارة العدل والاستخبارات على قضية لو لم تكن القضية قوية وثابتة! وهذا يتضح من لهجة الرئيس الأمريكي عندما قال بثقة لو لم نكن واثقين من قدرتنا على إثبات المؤامرة لما قمنا بتقديمها للعالم! البعض يقول إن التخطيط للعملية كان غير محترف ! وهنا نذكر أن أفضل أجهزة الاستخبارات بالعالم ترتكب أخطاء! وكلنا يذكر عملية اغتيال المبحوح في دبي كانت ساذجة رغم أن الموساد يعتبر من أدق وأكثر أجهزة الاستخبارات في العالم حرفية ! البعض يقول كيف تتجرأ إيران أن تفعلها في أمريكا؟ والرد على ذلك سهل للغاية ! إيران تسببت في مقتل آلاف الجنود الأمريكيين في العراق ولم تحاسب على ذلك بل ان أمريكا أعطتها مفاتيح اللعب في العراق كيفما تشاء لذلك تمادت لتصل إلى الأراضي الأمريكية وهذا هو الغرور وما يفعله ! خصوصا أنها كانت تخطط لجعل العملية باسم القاعدة وستخرج شريط أبو عدس رقم 2 والقاعدة سترحب بتبني أي عملية في أمريكا حتى لو لم تفعلها خصوصا أن بعض قادة القاعدة الكبار بضيافة طهران ! السؤال الآن هل أمريكا ستفعل شيئا بعد أن تجرأت إيران لتصل إلى أراضيها ؟الإجابة ببساطة نسمع جعجعة ولا نرى طحناً! مجرد زمجرة بعد أن اكتشفت امريكا أن هيبتها اضمحلت أمام الجرأة الإيرانية ! أما الرد السعودي فهناك أوراق كثيرة لدى السعودية مثل إبلاغ مجلس الأمن وفضح إيران دولياً( مع أن سمعة إيران هي في الحضيض أصلاً) لأنها تعدت كل الأعراف والمواثيق الدولية ! لكن الأهم من ذلك هو وجود أكثر من خاصرة ضعيفة لإيران معروفة للجميع فيجب أن يكون الرد السعودي في هذه الأماكن لأنه سيكون مؤلماً لإيران وستصلها الرسالة بقوة ولن تلام السعودية للدفاع عن مصالحها المشروعة!