اسمحوا لي بأن أستعير عنوان الفيلم الذي أُنتج عام 1983م بطولة زعيم الكوميديا (بالتقادم) المصري عادل إمام . فقد وجدته أفضل عنوان يعبّر عن حكاية اليوم. عنتر المقصود هُنا هو كل من ظن بنفسه أنهُ وحيد زمانه في الشجاعة. هناك على سبيل المثال لا الحصر عنتر في كل حارة يتزعم مهاوشات الحي مع أفراد الأحياء الأخرى، وعنتر الشوارع الذي لا يرى أحقية في السير والمرور إلاّ هو والبقية بستين داهية. وعنتر الوظيفة الذي يتجاهل خدمة الناس ولا يحترم كرامتهم وغير هؤلاء من العناتر. إنما أخطرهم عنتر الكلمة وهو من يستغل المنبر أو الوسيلة الاتصالية وقنوات (الميديا) في بث ونشر سوداوية روحه ونظرته غير المتصالحة مع الحياة ولا مع الآخر. إن إثارة ( الشارع) في أي مجتمع لا يحتاج إلى كثير مهارة ولا خوارق ذكاء، بل يكفي أن يمتلك أحدهم لساناً طويلاً وفكراً لا يرى ابعد من أرنبة أنفه و ثقة خادعة بالنفس ليتفوه بكلامٍ يُخالف فيه السائد حتى ولو استخدم أكاذيب يختلقها على الهواء مباشرة (حسب تعبير الإعلام المرئي) ثم يُسارع (ملقوف) أيّاً كانت نيته إلى الإنترنت بقنواتها التواصليّة التي تحوي الغث والسمين وكثير من الأكاذيب والإشاعات فيدمغها هُناك باسمهِ المُستعار لتتناقلها المواقع المُختلفة وتُشعلها من جديد ليشتعل الشارع بكل غوغائية. هل تم التأكد من صحة الحدث ؟؟ لا يهم بل قليل ممن يسعى للتأكد من صحته. هل كلام (عنتر) مقدّس بحيث يتم تصديقه وقبوله على علاّته؟؟ أيضا لا يهم فالعقل هُنا (خارج التغطية)، المهم في كل هذا أن صاحبنا عنتر بعنترياته المعهودة قد أشعلها. لا أعتقد بأن أحداً يُقرّ أن دور المثقف أو السياسي أو رجل الدين أو الإعلامي إثارة سخط الناس على أوضاعهم ب(عنترياته) بقدر دوره في تنمية وعيهم بحقوقهم المشروعة المنصوص عليها بالقوانين وكذا أداء واجباتهم دون إخلال منه بأمانة الكلمة أو تحيّز لطرف دون آخر أو نفاق للسلطة وتضليل المسؤول. لكل عنتر أقول : لا لخداع الناس فالحقائق لا يُمكن إخفاؤها للأبد. محطة القافلة: سُئل عبيدالله الورّاق ما هي صفات من أوتي الحِكمة ؟ قال بعد أن فتح (الآي باد) وتصفّح (قوقل) إنه الرجل الذي يعرف الكثير لكنه لا يقول كل ما يعرف.