المملكة رئيساً للمنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة «الأرابوساي»    "التجارة" تكشف مستودعًا يزور بلد المنشأ للبطانيات ويغش في أوزانها وتضبط 33 ألف قطعة مغشوشة    وفد عراقي في دمشق.. وعملية عسكرية في طرطوس لملاحقة فلول الأسد    مجلس التعاون الخليجي يدعو لاحترام سيادة سوريا واستقرار لبنان    الجمعية العمومية لاتحاد كأس الخليج العربي تعتمد استضافة السعودية لخليجي27    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي كبار ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة    الإحصاء: إيرادات القطاع غير الربحي في السعودية بلغت 54.4 مليار ريال لعام 2023م    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    استمرار هطول أمطار رعدية على عدد من مناطق المملكة    استخدام الجوال يتصدّر مسببات الحوادث المرورية بمنطقة تبوك    الذهب يرتفع بفضل ضعف الدولار والاضطرابات الجيوسياسية    استشهاد خمسة صحفيين في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة    السعودية وكأس العالم    الفكر الإبداعي يقود الذكاء الاصطناعي    «الإحصاء»: 12.7% ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية    حلاوةُ ولاةِ الأمر    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    الحمدان: «الأخضر دايماً راسه مرفوع»    المملكة ترحب بالعالم    رينارد: مواجهة اليمن صعبة وغريبة    وطن الأفراح    حائل.. سلة غذاء بالخيرات    "الثقافة" تطلق أربع خدمات جديدة في منصة الابتعاث الثقافي    "الثقافة" و"الأوقاف" توقعان مذكرة تفاهم في المجالات ذات الاهتمام المشترك    أهازيج أهالي العلا تعلن مربعانية الشتاء    حملة «إغاثة غزة» تتجاوز 703 ملايين ريال    شرائح المستقبل واستعادة القدرات المفقودة    نجران: «الإسعاف الجوي» ينقل مصاباً بحادث انقلاب في «سلطانة»    الأبعاد التاريخية والثقافية للإبل في معرض «الإبل جواهر حية»    أمير نجران يواسي أسرة ابن نمشان    63% من المعتمرين يفضلون التسوق بالمدينة المنورة    منع تسويق 1.9 طن مواد غذائية فاسدة في جدة    العناكب وسرطان البحر.. تعالج سرطان الجلد    5 علامات خطيرة في الرأس والرقبة.. لا تتجاهلها    أسرتا ناجي والعمري تحتفلان بزفاف المهندس محمود    فرضية الطائرة وجاهزية المطار !    «كانسيلو وكيسيه» ينافسان على أفضل هدف في النخبة الآسيوية    في المرحلة ال 18 من الدوري الإنجليزي «بوكسينغ داي».. ليفربول للابتعاد بالصدارة.. وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    لمن لا يحب كرة القدم" كأس العالم 2034″    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    تدشين "دجِيرَة البركة" للكاتب حلواني    مسابقة المهارات    إطلاق النسخة الثانية من برنامج «جيل الأدب»    نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء    واتساب تطلق ميزة مسح المستندات لهواتف آيفون    المأمول من بعثاتنا الدبلوماسية    أفراحنا إلى أين؟    آل الشيخ يلتقي ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة    اطلاع قطاع الأعمال على الفرص المتاحة بمنطقة المدينة    الزهراني وبن غله يحتفلان بزواج وليد    الدرعان يُتوَّج بجائزة العمل التطوعي    اكتشاف سناجب «آكلة للحوم»    دور العلوم والتكنولوجيا في الحد من الضرر    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس أذربيجان في ضحايا حادث تحطم الطائرة    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    مفوض الإفتاء بجازان: "التعليم مسؤولية توجيه الأفكار نحو العقيدة الصحيحة وحماية المجتمع من الفكر الدخيل"    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    إطلاق 66 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الملك خالد الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقايضة الموسم بين «طفارى نجد» ما عندهم إلاّ أقط وسمن وجراد و«هوامير» الكويت والعراق والشام يصدرون «الأرزاق» والملابس و«القاز»
«التهريب» بحثاً عن لقمة العيش!
نشر في الرياض يوم 29 - 07 - 2011

لم تكن كلمة «تهريب» قد ارتبط معناها بالمخدرات والممنوعات و العصابات الدولية التي كانت تمارس نوعاً من تجارة الرق بل ارتبط كذلك بسكان وسط الجزيرة الذين كانوا يحاولون جلب الطعام والملابس والاحتياجات المعيشية الأخرى من دول مجاورة، مثل الكويت والعراق والشام مع بداية تطبيق الضريبة الجمركية، وكان وقتها بعض الآباء والأجداد يستخدمون الإبل والحمير والدواب في عملياتهم التي لا تخلو من المخاطرة، ويمارسون التمويه وكل أنواع الحيل ليمرقوا من بعض نقاط جمركية ثابتة، ودوريات الهجانة الذين يجوبون الصحراء للبحث عن أي مهرب يشبعونه ضرباً، ويصادرون بضاعته، ووسيلة النقل التي يستخدمها قبل أن يؤخذ إلى «الدباب»، وهو الحبس أو السجن، إلى أن جاءت السيارة مع بداية الخمسينيات والستينيات الميلادية متزامنة مع بداية تطبيق الضريبة الجمركية على «التتن» أو الدخان بصنفه المشهور والمعروف آنذاك «أبو بس» كأشهر البضائع المهربة وأكثرها ربحاً.
مقايضة الموسم.
فترة امتلأت بالأحداث والطرائف والحيل وحكايات المغامرين، بدأها جيل مستخدمي الجمال والخيول والحمير الذين يحصلون على بضائعهم من أسواق وموانئ الكويت فترة الاستعمار البريطاني كأشهر الأسواق في الخليج، حيث يقايضون بها منتجات الربيع من السمن والاقط والصوف والجراد والحطب والحشائش التي يتصدرها أشجار «العرفج» الذي يستخدم هناك أوله علفاً، وآخره حطباً يحصلون مقابلها على حاجتهم من الطعام غالباً الرز، والدقيق، والقهوة، والهيل، والملابس وصفائح (القاز)، وكان أغلبهم ينجو من هجانة خفر السواحل والنقاط والمخيمات الجمركية في الصحراء لضعف الإمكانات عند هؤلاء وانتهاج «المهربة» طرق وأساليب النجاة المتعددة، أهمها تسيير فرق استطلاعية «سبور» من شخص أو شخصين على هيئة مسافرين يسيرون أمامهم، ويرسمون لهم علامات أرضية متفق عليها تنبههم إلى وجود الخطر وتحدد اتجاه المسلك عندما يستدعي الأمر ذلك.
مهربون يتعثرون في الصحراء..حياة أو موتاً
نكبة الحمار!
كما كانوا يفضلون الاستكانة في النهار في مكان منخفض والسير ليلاً بعد تكميم وربط أفواه الإبل حتى لا تصدر «رغاء» تصحو عليه دورية نائمة، فيتتبعون أثرهم من بعيد إلى أن يظهر عليهم النهار ثم يقبض عليهم.
كان الحمار -أجلكم الله- الوسيلة التي لم ينفع معها حيل التكميم وربط الفم، وكثيراً ما كان يدل عليهم بنهيقه المتكرر في الوقت الحرج، وربما قرب دورية هاجعة يمرون بها فتهب لملاحقتهم لكن «المهربة» توصلوا إلى «اختراع شيطاني» يسكتون به صوت الناهق بعد حقن أمعاء الحمار ليلاً بكمية من الزيت (تخربط) داخله عملية التحكم بهواء الشهيق والزفير الذي يحتاجه للنهيق من فمه، وبالتالي لا يستطيع أكثر من أن يفتح فمه، ويغلقه دون إظهار صوت عندما يتحول كل جهد يبذله إلى مكان «حقن الزيت».
الحمار «أبو النكبات».. ما يناهق إلاّ عند «دوريات الحدود» وعلاجه حقن أمعائه بالزيت حتى يصمت
الريال العربي
في فترة أخرى مُنع منعاً باتاً الخروج بالريال العربي، وهو مسكوك معدني والعبور به خارج الحدود للحفاظ عليها كرصيد داخل البلاد، وكان من وجدت معه تصادر منه ويعاقب، لكن «المهربة» صاروا يخفونها داخل بطون الابل بعد أن تلقم لها بكرات من التمر والخبز، ويُدفع بها إلى بطون الابل يختارون منها الهزيلة والضعيفة وكبيرة السن، وبمجرد تجاوز الحدود يتم ذبحها واستخراج العملة، ومن ثم أكل أو بيع لحمها.
ويذكر ل»الرياض» «أبو ثامر» -أحد جيل التهريب الاوائل- عندما كان وزملاؤه يتشاورون حول الطريقة المثلى لإخفاء ما يحملونه من عملة معدنية بالقرب من الحدود؛ داهمهم هجانة خفر السواحل فركضوا على عجل، ووضعوا كل ما يملكون داخل جلد ذبيحة متعفن ألقوه على شجرة دون أن يلفت أي شكوك، وعندما أوشكت الدورية على إتمام عملية تفتيش محتوياتهم انقض كلب سائب على الجلد الذي يخفون داخله النقود، وخطفه هارباً إلى الصحراء، وفي هذه الاثناء نسوا كل شيء وتقافزوا إلى ظهور مطاياهم لمطاردة الكلب الذي أمطروه بوابل الرصاص إلى أن قتلوه، واستعادوا الجلد المنهوب ومعه صرة الريالات وسط ذهول وتعجب المفتشين!.
تهريب دخان «أبو بس» أشعل التحدي بين سيارتي «عنتر ناش» و«الهاف»..
دخان «أبو بس»
ومع بداية استخدام السيارة كما ذكرنا في الخمسينيات والستينيات الميلادية؛ تركز التهريب على الدخان، ومنه الصنف الذي اشتهر ب»القريفن» أو «أبو بس»، بعدما أُخضع الدخان بشكل عام للجمرك، فكان المهرب يعطى سيارة بحمولتها وبدون لوحات أو أي أوراق إثبات ملكية، ويسمى وضع السيارة في هذه الحالة (مر)، بينما يقال عن وضعها (حر) إذا كانت تحمل أوراقاً ثبوتية ينطلق بها من الكويت أو الأردن، وبمجرد أن يسلم الحمولة في المكان المحدد يكافأ بالسيارة الجديدة.
بطل أسطوري
المهمة ليست سهلة وتحتاج إلى «سائق حريف» وعارف بمسالك الصحراء ودروبها و(دليلة) يمتلك الشجاعة بمقدوره أن يقود سيارته ليلاً عبر الصحراء بلا أنوار إضاءة، ويقطع صحراء مثل الدهنا والثويرات (90 كم) مجتمعة في ليلة واحدة يتلمس الدروب معتمداً على مقدرته بتذكر مسالكها، تحاشياً لاكتشافه من قبل دوريات خفر السواحل، ووقوع معركة قد يلجأ بها إلى السلاح؛ لهذا تشكلت صورة المهرب في أذهان العامة كبطل أسطوري تغنوا بمغامراته وسيارته ومواجهاته الصحيح منها وغير الصحيح، والذي كان «المهربة» أنفسهم يضفون عليها مزيداً من الإثارة وينسجون قصصا لم تحدث، وركب الموجه آخرون لا علاقة لهم بالتهريب ليحظوا باحترام واعجاب عامة الناس حتى أن بعضهم لو أُصيب بشجة مستديمة من رفسة حمار أو عضة كلب لادعى بعد فترة أنها نتيجة مواجهه مسلحة مع دورية تهريب!.
إخفاء «الريال العربي» في بطون الإبل.. وحيلة «جلد الذبيحة» أفسدها «الكلب»!
تحدي «عنتر ناش» و»الهاف»
في تلك الفترة انتشر ما نستطيع أن نطلق عليه «أدب التهريب» يتمثل في تلك القصص والروايات والمساجلات الشعرية وقصائد الفخر؛ نتيجة المبالغة في تصوير المهرب كبطل مغامر في زمن انقطعت فيه الفروسية قبل أن يشعل رجال خفر السواحل ودوريات الحدود حرباً بينهم وبين «المهربة» لا علاقة لها بالتهريب بين ماركتين من السيارات (العنتر ناش- والهاف)، بعدما دخلت الخدمة لديهم نوع جديد من السيارات زود بها رجال حرس الحدود اسمها (عنتر ناش) التي أثارت تهكم وسخرية «المهربة»، والتشكيك بعدم فعالياتها ومجاراتها لسياراتهم المعروفة ب (الهاف)، وحدث مساجلات شعرية دامت لسنين نذكر بعضاً منها مع تجاوز بعض ما جاء فيها والتي بدأها شاعر الدورية أثناء ماقال:
ياهل الهافات (عنتر ناش) جاكم
واعنا من صادفه بارض خليه
لعنبوكم هونوا جاكم عناكم
جاكم الموت الحمر ماهي زريّه
هفوة زلّت لكم وإكلوا (....)
بيعوا الهافات بأقيام رديّه
وإعلموا وإدروا ترانا في قفاكم
ومن يقاوي له جبل ما راح نيّه
ياهل الهافات عابينا عباكم
الفروت اجداد والعزبه قويّه
ياهل الهافات خيّبنا رجاكم
نحمد اللي قدرته ماهي خفيّه
بيعوا الهافات ردوا في سراكم
خلّوا السمره وطّوالت الحنيّه
الدهر ذعذع لكم ثمٍ جفاكم
وإفهموا وإدروا ترى في الجحر حيّه
خسرت الشركة وخيّبنا ثناكم
وبعضكم بالقسط ما خلّص وديّه
ياهل الهافات حنا من وراكم
والسعد قدامنا في كل هيّه
تحت حكم اللي عن المنكر نهاكم
عن طريق الدين تلقون المنيّه
عندنا اللي يمرجن باقي شواكم
خمسه وستين ضد الجندليّه
«المهرب» يحظى بمكانة بين الناس على أنه «بطل أسطوري» و«داهية زمانه»
بعد ذلك رد أحد شعراء التهريب موجهاً قصيدته لأهل الأبرق ويقصد دوريات مركز أبرق الكبريت الحدودي:
ياهل الأبرق تبّين لي خطاكم
والخطا راعيه يقنع بالخطيّه
يا عوينك وارد الستّه لفاكم
و(عنترك)خربان والخمسه رديّه
كم ونيت لا كمل حمله وطاكم
وقاعد بأرقابهن تثني الهديّه
وإن لحقتم موتره عنده دواكم
أرنب حمرا عيون مجادعيّه
ليرد عليه بعد ذلك شاعر سلاح الحدود:
يا سلاح الحد يوم الله عطاكم
لا تهابون الخطر والمخطريّه
خلوا الرشاش مركوز حداكم
والمخازن وسطها النار الصليّه
ياصحيبي وارد الخمسه خذاكم
وستّتك مع حملته ما راح نيّه
ربعنا صادوه عانه من وراكم
ما مشى ياكود ألف وخمسميّه
و(العناتر) ياعميلي في حراكم
والفروت الحمر وجنود السريّه
ياصحيبي ما مشينا في رضاكم
إن زعلتوا أو رضيتوا بالسويّه
ياهل الهافات ما خذتوا قضاكم
ما بكم قاصر ولكن معجزيّه
ياهل الهافات تالي منتهاكم
والله إنه عند سجن العسكريّه
مثل ناس كد وطاهم ما وطاكم
فعلهم كنّه عملكم بالسويّه
والحكومه رتبّتنا في نحاكم
نمنع المنكر عن أفراد الرعيّه
ويتهكم شاعر تهريب آخر على (عنتر) خفر السواحل بقصيدة أخرى:
أعبيد ورد لنا الهافات
عنده ترى البيع ممنوعي
هافات خمسات مع ستات
ياهيه يا قاصر البوعي
جميع يمشن وألا أفوات
والرزق ماهوب مقطوعي
بليا دفاتر ولا لوحات
والخط ما هوب مشروعي
مرّن على الهيس بالساعات
ما فاختن شوفه أسبوعي
ياهيه مرن عليك افوات
وكبوت (عنترك) مجدوعي
(عنترك) مخشوش بالغابات
مسبوع وأبوه مسبوعي
هافات ما تخالف العادات
كم طنب للهاف مشلوعي
الهاف الأحمر يتجاوز الرمال بمهارة سائقيه
ثم يرد عليه شاعر خفر السواحل:
ياعبيد يا امجمّع الخردات
من كل هيس وصعصعوعي
يا عبيد ما صار لك نوهات
ما غير (للتتن) جاموعي
خسران لو كان لك هافات
قلبك من الغبن منقوعي
ويقصد بعد ذلك شاعر تهريب آخر:
ياهل الهافات زيدوا سعرهنّه
إشتروهن نقد وإلا بالقصودي
ما حلا مرواحهن بحمولهنّه
جاوزوهن غيبة الشمس الحدودي
أبرق الكبريت لا زم يسهجنّه
مركزك بديار بيّاع الجلودي
ما بغنّه غصب لازم ياصلنّه
فوق والهافات عجلات الردودي
كل ما سكّر طريق يفتحنّه
يقطعن الطنب ويطيح العمودي
والدريسن حملهن من سامهنّه
وارد الهافات ما ينقص يزودي
(عنترك) بدروبهنّه حملنّه
أصبحن يالخبل عن حد النفودي
وكم صبي بالمساري زاد فنّه
ما ينام الليل والعالم رقودي
سيارات الأربعينيات تقف أمام حاجز تفتيش على مدخل راس تنورة
ثم يرد عليه شاعر خفرالسواحل متحدياً ومتوعداً:
من بغى التهريب هافه لا يحنّه
والخطر قدمه على حد الحدودي
إن نوى الله فكتّه ما فيه منّه
كل دربه لا مشى لينه سهودي
أو يصادف لا نوى ربي يعنّه
ياخذون الهاف وعيونه شهودي
والعوض من عقبها يخشر بسنّه
والنصيفه من حلاله للجنودي
مير وين أهل القلوب المرجهنّه
كانكم توفون للقول العهودي
مروا الأبرق وهن بحمولهنّه
عارضوا قدام بابه يالفهودي
خلوا العنتر يشوف أزوالهنّه
والخطوط اطوال والدرب امحمودي
وما حلا شوف البكم يرثع بشنّه
في عفاش القاع مع جدع الطرودي
وما حلا صفق الفشق بجنوبهنّه
والبرن يعدهن عد النقودي
وكل هاف فيه جندي يقنّه
والمهرب طايح ما فاد فودي
سيارة عنتر ناش موديل 46
«ابن ثويني» ينفي «مجزرة التنومة» والزميل «المطيري» يرد بالوثائق
طالعتنا صحيفة "الرياض" في صفحة أماكن في الذاكرة يوم الجمعة 15/7/1432ه الموافق 17/5/2011م بموضوع للأستاذ "سعود المطيري" يستعرض فيه أحوال مدينة (التنومة)، ويشير فيه إلى ما سماها (مجزرة التنومة) التي قام بها زعيم المنتفق الشيخ "ثويني بن عبدالله بن محمد الشبيب" عام 1201ه، وما تمخض عنها من قتل كثير من أهالي «التنومة»؛ ولأن هناك بعض التجاوزات الموضوعية والتاريخية - حسب وجهة نظرنا - تناولها الأستاذ المطيري؛ فإن من الواجب توضيحها، وتتلخص في أن الشيخ - ثويني بن عبدالله - قاد قواته عام 1786م في جملة من الانتصارات المتلاحقة ضد قوى الامارة السعودية، وتحديداً في منطقة العارض في نجد، حتى أنه طوق عاصمة الامارة (الدرعية)، ولكنه آثر أن ينسحب وقواته جراء وصول أنباء تأزم الوضع في العراق، جراء سياسة المماليك المعادية للعرب.
سيارتا مهربين محجوزتان منذ 60 عاماً أمام قصر قبة بالقصيم
و(التنومة) كانت أحد حواضر نجد آنذاك، وكانت قرية لا غير، ولو كان إدعاء الكاتب حقاً، بما سماه ب "المجزرة" لوجدنا ذلك مذكوراً في جملة من الكتب التي تناولت حياة الامارة السعودية، مثل: "عثمان عبدالله بن بشر" - عنوان المجد في تاريخ نجد، ج 1و2، الرياض، مطابع الهلال، 1983- و"عثمان بن سند الوائلي" - مطالع السعود، تحقيق د. عماد عبدالسلام - و"علاء كاظم نورس" - حكم المماليك في العراق1750-1831-، و"عبدالرحيم عبدالرحمن" - الدولة السعودية الأولى1745-1818-، و"عبدالفتاح حسن أبوعلية" - دراسات في تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر -، و"حسين بن غنام" - روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعدد غزوات ذوي الاسلام -، و"لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبدالوهاب" - تحقيق أحمد مصطفى أبوحاكمة -، و"فاسيليف" - تاريخ العربية السعودية -، و"محمد خليفة النبهاني" - التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية -، وغيرها كثير من المصادر التي لم تتطرق لما تطرق له الكاتب.
صحيح حصلت مواجهة مع أهالي - التنومة - لكنها لم تكن بالتأكيد (مجزرة)، كما ذكر الكاتب أن (ثويني) حاصر التنومة لثمانية أشهر متواصلة، وردنا أن حصاراً لمدة ثمانية أشهر في المناخات الصحراوية الشديدة الحرارة كما في منطقة نجد، لا تستطيعه أقوى الجيوش وأفضلها تدريباً وعداداً، فكيف الحال بقوى قبلية؟، ثم أن التنومة - كما يقول الكاتب - كانت قرية، فهل باستطاعة قرية أن تصمد تلك الفترة؟، وكيف؟، إنها مبالغة لا يقرها أي عقل.
سيارة مهرب طمرتها الرمال وبقيت شاهدة على تاريخ لم يوثق
وذكر الكاتب اسم أحد أشقاء الشيخ (ثويني)، ويسميه ب (عقيل)، ولأن الكاتب أراد ان يلبس رأيه على حادثة غير موجودة، فوقع في الخطا؛ لأن - ثويني - ليس لديه شقيق بهذا الاسم، هذا جانب، ومن جانب آخر، فنحن نتساءل: أي جسم يملك ذلك الشقيق بحيث أن المدافعين استخدموه في سد أحد فجوات سور القرية!، هل هو جسم استثنائي أم هبط علينا من كوكب آخر؟، ويبدو أن الكاتب استحسن موضوع التضخيم والمبالغة، فتمسك به، نازعاً بذلك عن نفسه أية موضوعية قد يدعيها فيما كتبه.
لو سلمنا جدلاً، بما قاله الكاتب وادعاه، بحدوث تلك "المجزرة"، فما تفسيره أو تعليله لوجود الشيخ (ثويني) لمدة (18) شهراً في ضيافة الأمير (عبدالعزيز آل سعود) بعد فشل ثورته ضد المماليك في العراق 1787، وأيضاً بعد حادثة (التنومة)؟، وهل يصح استقباله وحمايته بالطريقة التي حدثت وهو وهم على خصام منذ تلك الحادثة؟.
أجد أن ذلك أمر يصعب فهمه في معالجة كهذه، بل أجد أن ذلك الادعاء محض خيال شعبي، كبر وتضخم، بحكم تقادم السنين عليه؛ لذلك فوجود الشيخ (ثويني) في الدرعية، ولمدة سنة ونصف، ينفي نفياً قاطعاً تلك (المجزرة) التي ادعاها الكاتب.
وذكر الكاتب أن "فهيد بن راشد" وابنه "محمد" قد هربا إلى العراق، وهذا الأمر إن صح حدوثه، سبب آخر مضاف لدحض حصول تلك (المجزرة) التي تحدث عنها، والسبب أن العراق، هي منطقة نفوذ الشيخ (ثويني)، فكيف يهرب شيخ التنومة وولده نحو (ثويني) ومناطق نفوذه؟.
غالب بن سعد بن صالح بن ثويني - الرياض
تعقيب الزميل سعود المطيري:
نشكر الأستاذ غالب بن ثويني على تعقيبه، ووجهة نظره التي نحترمها، ولكن أؤكد أن (المذبحة) موثقة في العديد من المصادر، ومنها (عنوان المجد في تاريخ نجد) للمؤرخ "عثمان بن بشر" (بخط يده)، من إصدار مكتبة الملك عبدالعزيز ص112، حيث ذكر كل تفاصيل المجزرة المؤلمة (مرفق صورة من المخطوط)، كما ذكرها المؤرخ الشيخ "محمد العبودي" ضمن سلسلة معجم بلدان القصيم ص342 بقوله: (حتى كان مطلع القرن الثالث عشر، وبالتحديد سنة 1201ه، وكانت أكبر القرى في ناحية الأسياح في ذلك العهد قرية التنومة، فنزل عليها ثويني آل شبيب، ومعه عساكر عظيمة من العراق كان قادماً للقضاء على الدعوة السلفية التي نادى بها شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب وناصرها آل سعود الأماجد "فخرب التنومة وقطع نخيلها وقتل من أهلها 170 رجلاً" لم يسلم منهم إلاّ من هرب، ثم ذكر قصة هروب ابن فهيد للعراق..الخ)، إضافة إلى العديد من المصادر التاريخية، والوثائق، وحصور الارث التي يحتفظ بها أحفاد الضحايا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.