يبدو أن حليمة عادت لعادتها القديمة في سوق الأسهم السعودي. ومن يرصد الحالة العامة للسوق تتبين له ملامح سيناريوهات شبيهة بتلك التي أدت فيما بعد الى انهيار ثقة كثير من المستثمرين عام 2006م ما أدى الى خسارتهم مليارات الريالات. نعم إن ما يحدث من مضاربات في سوق الأسهم، وما يحصل من ممارسات وعروض شراء وطلبات تفتتح السوق بسعر ثم يتأرجح السعر السوقي للسهم بشكل عاصف طوال ساعات التداول لهو أمر لا شبيه له اليوم في اي مكان بالعالم. وما نخشاه ان تؤدي مثل هذه التصرفات العجيبة من الشراء المباغت والبيوع السريعة المعتمدة على فنون الغرر والجهاله الى كارثة ماليّة تعصف بآمال صغار المستثمرين وتأخذهم الى دوائر لا نعرف حدودها. وما أعنيه تحديدا هنا هو وضوح عودة فوضى التلاعب في السعر السوقي لبعض الشركات المدرجة في البورصة خاصة تلك الأسهم التي تسمّى بالخفيفة حيث يتفنّن أشخاص ومجموعات متمرسة في فنون المضاربة في طرق الاستحواذ المنظّم على أسهم شركات معينة ثم يبدأون التلاعب بمؤشرها بمهارة واحتراف من خلال رفع الطلبات وتجفيف العروض والكمون للمستثمر والمضارب الغافل، ومن ثم يقومون برفع السعر بشكل صاروخي متأرجح لعدة ايام ثم تُترك هذه الأسهم لتهبط حمراء ماحقة على رؤس المخدوعين بارتفاعاتها السابقة. الواقع يقول إن أكثر الناس لم يتعلّموا من دروس الماضي القاسية، كما لم يمت الطمع بعدُ في الكسب السريع المريح ومن هنا يتغلغل المضاربون المهرة باستغلال نقاط الضعف والجشع هذه في النفس البشرية. ولكننا ايضا نثق أن هيئة سوق المال والمؤسسات الرقابيّة في الدولة قد اكتسبت ايضا خبرة كافية في متابعة ورصد المتلاعبين وحماية الصغار الذين بدأوا يغامرون بقوت عيالهم في سوق لاعاصم فيه من جشع "الهوامير"الا الله ثم من يخافونه. نعم تبدو نذر العودة الى الممارسات القديمة واضحة في أسهم بعض الشركات المتعثرة والخاسرة وبعض شركات التأمين التي لم تزل حبرا على ورق حيث ترتفع قيمتها السوقيّة بالنسب القصوى (10%) لعدة ايام متتالية (شركة تأمين جديدة ارتفعت بالنسبة القصوى 16 مرة في اقل من شهر ونصف) دون وجود مبرر سوقي او توضيح من هيئة سوق المال او حتى تبرير من الشركة نفسها . نحن نعلم أن المضاربة في سوق الاسهم تصنع دورة ماليّة طفيليّة ، وتشكل ظاهرة اقتصادية غير إنتاجيّة بل ربما تمتد تأثيراتها السلبية لتعم قطاعات الاقتصاد الوطني بكافة اركانه خاصة في الأسواق الناشئة كما يقول أهل الاختصاص. والمشكلة المقلقة أن بعض صغار المستثمرين وتحديدا في قطاع التجارة المتوسطة والصغيرة سينصرفون تحت إغراءات المضاربة والربح السريع عن نشاطاتهم الأساس ليعيشوا وهْم ثراء الأسهم السريع في وضع أشبه بحالة إدمان القمار ما يؤثر في الانتاج الوطني ناهيك عن التأثيرات الخطيرة لدخول وخروج ما يسمى (الأموال الساخنة) الانتهازية التي تختطف الفرص لتأخذ الفوائد ثم تهرب في غسق الدجى مسببة ارباكا اقتصاديا خطيرا لمجمل الاقتصاد الوطني. **مسارات: قال ومضى: لا أملك إجبارك على قول الحقيقة ولكن أتمنى عليك الا تقف في طريق من يقولها..