كثيرا مانظرنا الى مرحلة التقاعد سن الستين وما فوقها وكأنها نهاية رحلتنا في الحياة وخاصة لدى صغر سننا، لكن هذه النظرة والمقاييس تختلف عند الوصول لهذه المرحلة لانه بالفعل لكل مرحلة متقدمة لمرحلتنا عندما نصلها طعمها وسحرها الخاص ، وربما نجد بها مالم نجده في جميع مراحلنا السابقة. ايضا نجد ان مرحلة التقاعد يختلف فيها المسنين انفسهم، فمنهم من يرى ان هذا السن بداية الاحالة الى التقاعد وهي فرصة للتخلص من الروتين والتوتر والدوران في عجلة العمل، وفرصة لالتقاط الانفاس وللعيش بسعادة وممارسة الهوايات المؤجلة (كالسفر والرحلات، القراءة، الرياضة، تعزيز صداقات قديمة...الخ) والاقبال على الحياة بصورة اكثر شباب وحيوية ونشاط مطبقين قانون -الحياة تبدأ بعد الستين -. الذي اقتنعوا به فكريا ومن ثم طبقوه عمليا. (لان تصرفات الانسان من افكاره) وعلى النقيض هناك فئة ثانية مكتئبة تمثل لها هذه المرحلة ازمة خطيرة حيث التقاعد يعنى الفراغ والبطالة والشعور بالدونية وبانه عضو غير مهم وفعال في اسرته والمجتمع وبانه اصبح عالة على بيته بعد ان كان عائلا لهم وعليه ان يجلس في البيت منتظرا الموت وبهذه الافكار اصبح له ملفا دائما في المستشفيات معرضا نفسه للامراض النفسية والعضوية ، نتيجه لسلبيته ونظرته التشاؤمية للحياة وهنا لابد من انتباه المحيطين به خاصة عندما لا يكون لدى كبير السن وعي كاف بهذه المرحلة ولا بد من ادخاله في برنامج او دورة خاصة للتأهيل لهذه المرحلة، لكي يحصل على مهارات التعايش والشعور بالسعادة بها، ولينظر للحياه بمنظور المتفائل المستمتع بحياته وليس السلبي كثير الشكوى من تقصير الابناء والاهل .... الخ اتمنى من مركز الامير سلمان الاجتماعي ان يتبنى مثل هذه الدورات ويدخلها ضمن برامجه النشطة. لذا فمقولة الحياة تبدأ بعد الستين مقولة واقعية جدا خاصة حين يستشعرها كبير السن، الناضج فكريا واجتماعيا لان هذه المرحلة تمثل قمة النضج وقمة الفكر وخلاصة التجارب وهي فرصة للحياة كما يريد سواء بتعديل قرارات سابقة في حياته اثبتت فشلها او العيش كما يريد هو وليس كما يريد الابناء او الاهل او المجتمع .وفرصة ايضا للنظر للحياة بشكل جاد والاستمتاع بها. واخيرا... انا هنا اتحدث مع كبير السن الناضج ذي الخبرة والتجارب الذي لابد ان يستفيد من خبرته وتجاربه وان يبدأ حالا بتطبيق خلاصة تجاربه وما توصل اليه من حكمة وخبرة في جميع المجالات (الدينية، الصحية، العملية، الاجتماعية...الخ) لأن الحياة اقصر من ان نقصرها... اضاءة كل مرحلة من حياتنا هي هبة من الله..... فلا نضيعها في الندم وجلد الذات......لان لكل مرحلة سعادتها وطعمها الخاص