تتمثل إحدى العقبات الرئيسية التي قد تحول دون نجاح برنامج نطاقات بسياسة الحكومة التي تسعى لتوفير عشرات آلاف الفرص التوظيفية الجديدة، في القطاع العام خلال العام الجاري. ويفضّل السعوديون وظائف القطاع العام، ما يعني أنّ الشركات الخاصّة قد تواجه صعوبات كبيرة في التنافس على العاملين الأكفّاء الذين يفضّلون العمل في قطاع الخدمات العامة. وفي الأشهر القليلة الماضية، وجّه خادم الحرمين الشريفيْن، بتوفير ستة وستين ألف وظيفة جديدة في القطاع العام لخريجي الجامعات المعدّين للتدريس ولحاملي الدبلومات الصحية، بما في ذلك تسعة وثلاثين ألف وظيفة للنساء في قطاع التعليم. وكان حفظه الله قد طلب من وزارة الداخلية في وقت سابق من العام الجاري أنْ توفّر ستين ألف وظيفة جديدة لزيادة عدد قوّات الأمن، بالإضافة إلى توفير نحو ألفيّ وظيفة أخرى في مجال مراقبة السوق. وفي الحقيقة، توفرّ إستراتيجية التوظيف التي تتبناها الحكومة السعودية حلاً قصير الأمد لمشكلة البطالة كما أنها قد تقلّص إمكانية نجاح برنامج نطاقات، لأنها قد تحدّ من قدرة القطاع الخاصّ على توظيف المزيد من المواطنين في المدى المتوسط. علاوة على ذلك، ستؤدي هذه الإستراتيجية إلى تراجع إضافي في الكفاءة والإنتاجية لأن متوسط إنتاجية العامل سيميل إلى الانحدار. فقد انخفضت إنتاجية القطاع العام بسبب الزيادات الكبيرة في أعداد الموظفين من دون زيادة حجم إنتاج قطاع الخدمات العامة. ومنذ عام 2004، سجّلت إنتاجية القطاع العام انخفاضاً حادّاً. ويُعزى ذلك في المقام الأول إلى الأعداد الإضافية الضخمة من المواطنين الذين وظفتهم الحكومة السعودية، لأنّ القطاع الخاص المحلي يفضّل العمالة الأجنبية على العمالة الوطنية. وتُعدُّ الإنتاجية المرتفعة عاملاً حاسماً في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، ناهيك عن دورها الحيوي كمحرّك مستدام لخلق فرص عمل جديدة. وفي السنوات الأخيرة، انخفضت أيضاً إنتاجية القطاع الخاصّ - لكنْ ليس بنفس الحدّة التي سجّلتها إنتاجية القطاع العام. ويكمن السبب الرئيسي لهذا الانخفاض في حقيقة أنّ البنوك ومعظم الشركات الخاصّة السعودية الأخرى لم تسرّح أعداداً كبيرة من العاملين فيها إثر الركود الذي أصابها، عندما تفاقمت الأزمة المالية العالمية. لكنّ القطاع الخاصّ السعودي آخذ في النمو، الأمر الذي يُبشّر بإمكانية ارتفاع إنتاجيته. إذاً، هناك نتائج عكسية عديدة لإدخال أي سياسة سعودية من شأنها أنْ تعزل شركات خاصّة قائمة، أو أنْ تدفع المستثمرين إلى الإحجام عن إنشاء شركات خاصّة جديدة. على سبيل المثال، إذا اتّضح لأصحاب الأعمال أنّ تحقيق نسَب توطين الوظائف سيكون باهظ التكاليف، فإنهم قد يحجمون تماماً عن إنشاء شركات جديدة، الأمر الذي قد يؤجّل تعافي القطاع الخاصّ وقد يعرقل الجهود المبذولة لرفع إنتاجيته. *خبير اقتصادي في الشؤون البنكية