ربما لا أكون مبالغاً، إذا اعتقدت جازماً أن أسعار الأراضي السكنية بشكل خاص، والتجارية بشكل عام في مدن وقرى المملكة هي الأغلى سعرا، والأقل فائدة على مستوى العالم!!. وعندما أعتقد بذلك فإنني أنظر بعين العطف والشفقة لمن يشتري أرضاً سكنية في أحد أحياء الرياض على سبيل المثال بسعر يتجاوز الألفي ريال للمتر المربع الواحد. ومصدر هذا العطف، وتلك الشفقة أن أنظمة البناء تجبره على إخلاء أمتار غير قليلة تحيط بمنزله سواءً منها تلك التي تقترب من الجيران، وهو أمر قد يكون مقبولاً، أو ذلك الارتداد المفروض قسراً لواجهة المنزل الأمامية. وما با لك بمنزل يكون على شارعين وهي ميزة يبحث عنها البعض، إما للوجاهة، أو غيرها، لكنه في هذه الحال يخسر ارتدادين كبيرين إضافة إلى ارتدادين لا يقل الواحد منهما عن مترين عرضا، كما أن مالك الأرض تلك محروم من بناء ما يشاء في أرضه.. فأنظمة البناء تقيده بأدوار محددة لا يزيد عنها ارتفاعاً، حتى وإن كانت أسرته ملء البحر، كما أنها لا تمنحه إمكانية البناء على الأرض أيضاً إلا بمسطحات محددة تجبره على ألا يستخدم أرضه بالطريقة التي يأملها، كما أنها تجعله مجبراً لأحواش لا يستخدمها، أوحدائق تزيد من معاناتنا في البحث عن ماء زلال نتذوق طعمه خاصة عندما تؤكد الجهات المعنية بعدم تمكين مالكي المنازل من إيجاد آبار إرتوازية في منازلهم خوفاً من نضوب مياهنا الجوفية التي لن نتكلف في جلبها شيئاً، بينما تجبرنا على نثر مياه جلبت من أقاصي الشرق وعوالجت بما يكلف الدولة بلايين الريالات حتى إن الماء المجلوب من خارج الأرض وليس من باطنها تزيد تكلفته عن تكلفة النفط الذي حبانا الله خيره. إنني هنا أتساءل.. هل يمكن النظر في مسألة الارتدادات والسماح بزيادة الأدوار التي يمكن لمالكي الأراضي بناءها كمنازل تحتويهم وأسرهم ليحقق بذلك خفضاً لتكلفة الأرض، وتسهيلا في الخدمات المقدمة كبنية تحتية؟، ذلك أن التمدد الرأسي المدروس خير في نظري من التمدد الأفقي خاصة في المدن التي أخذت حقها من التمدد والتوسع.