تختزن ذاكرة كل أمة من الأمم أحداثا مجيدة سطرت بمداد من نور، وحفرت في خبايا النفس، ونقشت في روح الأجيال قبل أن تسطر في الورق. وها نحن اليوم نحتفي بأحد هذه الأحداث الجليلة؛ إذ نحتفل بذكرى ملحمة خالدة سطرتها سواعد وطنية قوية تحت راية التوحيد التي حملها موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه – وسار عليها أبناؤه الميامين. فنحن في هذا اليوم نسترجع تلك الأمجاد ونستشعر الفخر والعزة والكرامة ، ونجدد الولاء، ونقطع العهد على أنفسنا بأننا للوطن، والوطن لنا؛ وكل يوم من أيامنا هو يوم وطني نحياه من مهدنا إلى لحدنا. وتمر الأجيال وتتعاقب على هذه الأرض الطاهرة وهي توقن بأن هذا الوطن ولد ليستمر في الحياة ومن حقه علينا أن نغذيه بكل مقوماتها على مر العصور والأزمان. فما هذا اليوم إلا رمز للتذكر والابتهاج الذي يكلله حب لا يفنى إلا بفناء الكون وانتهاء الحياة وعمل باق دائم لا يزول إلا بزوالها. والوطن ليس فقط ذلك التراب الذي نسير عليه أو الهواء الذي نتنفسه؛ فهو إلى جانب ذلك الغذاء والحركة والسكون وكل ما منّ به الله سبحانه علينا من نعم تستحق منا أن نفي له ونحقق شروط المواطنة الحقة. ومن هذه النعم التي حبانا الله إياها وتستحق الوفاء والشكر تلك النعمة التي تحققت على يد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بافتتاح المدينة الجامعية لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن التي تعد أكبر مدينة جامعية للبنات، كما أنها تتويج لمسيرة المرأة السعودية في تاريخ المملكة المعاصر؛ إذ تزخر بكفاءات أكاديمية سعودية كانت لها اليد الطولى في تعليم كثير من فتيات هذا الوطن، وما زالت مستمرة في دعم هذا الصرح مزاوجة بين إمكانياتها العلمية المتطورة دوما، وما تحظى به هذه المدينة الجامعية من مبان مصممة وفق طراز هندسي راق ومزودة بمساحات خضراء، ومجهزة بتقنيات علمية عالية الجودة تضمن للجامعة تحقيق أهدافها وطموحاتها وخططها لتطوير أداء العمل وكفاءته في مختبراتها ومعاملها ومراكز بحوثها ومكتباتها؛ لتحقيق رؤية والدنا خادم الحرمين الشريفين وتستجيب لرسالة الجامعات ومؤسسات التعليم العالي وأهدافها محققة المعايير العلمية المعتبرة للاعتماد الاكاديمي للتعليم العالي. لذا فنحن بنات هذه الجامعة نحتفل اليوم وكل يوم بهذا الوطن؛ فهذا اليوم يوم فرح وسعادة لنا، يوم عز ومجد وكرامة، يوم نجدد فيه الولاء، ونقطع العهود بأن نكون أهلا لهذا الوطن، ثم لهذا الصرح الذي أهدانا إياه والد هذا البيت الكبير. نعدك يا والدنا عبدالله بأن تكون هذه الجامعة إضافة حقيقية للتعليم العالي في بلادنا الغالية نعدك بأنها ستتميز وستستجيب لكل المتطلبات والمعايير، وستحقق بإذن الله رؤيتكم الاستراتيجية، وستعمل على تلبية حاجات سوق العمل ومتطلبات خطط التنمية الشاملة بما فيها التنمية البشرية. فرحتنا – أبا متعب – فرحتان. أدام الله لنا هذا الوطن ، وحفظ لنا مليكنا الغالي وإخوته، ورزقنا الإخلاص في العلم والعمل. أستاذ الرياضيات المشارك * وكيلة الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة