قد يكون صعباً على بعضنا تصور تلك الصعاب التي واجهها، وحجم المعجزة التي صنعها الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، في توحيد المملكة المترامية الأطراف المتعددة القبائل والولاءات، ذات الطبيعة القاسية مع ضعف الإمكانات وبساطتها آنذاك، فحينما تسافر اليوم بين بعض مدن المملكة تستشعر المعجزة حقاً يوم لم تكن هناك أدوات اتصال ولا آليات نقل. لا شك أن المنصف سيرجع بطرفه وعقله مقدراً ذلك العصامي الفذ الذي صنع معجزة للتاريخ لا تنسى، كما يجب أن نتيقن أن هذه المعجزة كانت بتأييد من الله وعون لرجل صادق العقيدة جليّ المقصد نبيل الهدف، كيف لا وهو من جعل حماية الحرمين الشريفين وحماية المساحات الشاسعة من أرض الجزيرة العربية من هيمنة المستعمر هدفه الأساس، وكان النجاح والنصر حليفه ودانت له القبائل والأمصار بقوة الله أولاً ثم بصدقه وعزيمته وولائه لله وحده، فرحم الله الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود رحمة واسعة وجزاه عن أمته ووطنه ودينه خير الجزاء. إنّ الكثير راهن بعد الملك عبدالعزيز وخافوا على ضياع المُلك وتشتت الكيان ولكن الله سلّم وأعان أبناءه الميامين على تطوير البلاد والأخذ بها لمصاف الدول المتحضرة مع الحفاظ على القيم والمبادئ والمنطلقات وأساسها الحكم بما أنزل الله وخدمة الحرمين الشريفين، فكان لهم لطف اللطيف الخبير وتوفيق العزيز القدير، وفجر لهم كنوز الأرض وسخر لهم جنودها وقلوب من فيها، وأتى الملك الصادق الهمام عبدالله بن عبدالعزيز ليعبر ببلاده إلى آفاق لم نحلم بها أو نتصورها، وسابق الزمن وأذهل العقول بإبداعاته وجرأته وعزيمته وصدقه وإخلاصه، وطوع الله له الصعاب وأقبلت عليه القلوب قبل الدنيا، والنفوس قبل العقول فكان له ماكان وجمع الصفات والمزايا التي كانت لأبيه المؤسس وإخوته الملوك من قبله وصهرها في حكمة وسهولة وشفافية وعزيمة وصدق وإصلاح وحب ونقاء وعطف وبصيرة وإبداع، وفوق ذلك كله بخوفٍ ورجاء من ملك الملوك سبحانه، وأسال المولى عز وجل أن يديم نعمته ويرزقنا شكرها. وفي الختام يسرني أن أهنئ الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - حفظهم الله - بذكرى اليوم الوطني ال81. * رئيس المركز الوطني للقياس والتقويم