عقدت الجلسة الرابعة لمؤتمر "التكفير" بالمدينة المنورة برئاسة معالي الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس مجلس الشورى وقرر الجلسة رئيس اللجنة الإعلامية للمؤتمر الدكتور إبراهيم محمد الميمن. وتناولت الجلسة المحور الثاني للمؤتمر (ظاهرة التكفير: جذورها التاريخية والعقدية والفكرية) , وتطرق أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية العميد الأسبق لكلية الآداب جامعة المنصورة من مصر الأستاذ الدكتور محمد عيسى الحريري إلى ( الجذور التاريخية لظاهرة التكفير عند الخوارج : النشأة – التطور – الآثار) الى فكر الخوارج وخطرها الكبير على المجتمعات الإسلامية، حيث تبنت جماعات الخوارج فقهاً خاصاً بها يعتمد على مجموعة من القواعد الأساسية أخطرها التكفير للمخالفين لها. وتناولت هذه الدراسة تعريفاً بالتكفير لغة واصطلاحاً، وكذلك نشأة ظاهرة التكفير عند الخوارج، وتطور هذه الظاهرة عندهم، وما طرأ على الخوارج من انقسام إلى فرق مختلفة، ثم تناول أثر ظاهرة التكفير عند الخوارج على ما ظهر في الآونة الأخيرة من جماعات وتنظيمات اعتنقت فكر الخوارج التكفيري. جماعات الخوارج تبنت فقهاً خاصاً بها يعتمد علي قواعد أخطرها التكفير للمخالفين لها فيما قدم الدكتور رشيد بن حسن محمد علي الألمعي الأستاذ المشارك بجامعة الملك خالد من السعودية دراسة (الجذور التاريخية لظاهرة التكفير عند المسلمين) قرر فيها أن التكفير غير المنضبط بضوابط الشرع الحنيف ظاهرة قديمة نشأت أول ما نشأت في فجر الإسلام على يد الخوارج الذين كفروا أهل القبلة بالذنوب أو بما يرونه من الذنوب، واستحلوا لذلك دماء المسلمين ،ثم وافقهم في الجرأة على التكفير الرافضة حيث كفروا أبا بكر وعمر وعثمان وعامة المهاجرين والأنصار ، وكفروا جماهير أمة الإسلام من المتقدمين والمتأخرين ، ورجح أن أصل نشأة الخوارج حدث على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على يد ذي الخويصرة ( حرقوص بن زهير السعدي) غير أن الخوارج لم يظهروا في صورة جماعة واضحة المعالم إلا بعد حادثة التحكيم لأسباب نقموها افتراءاً على علي رضي الله عنه . وقدم الدكتور سعيد محمد حسين معلوي من السعودية بحث( جذور ظاهرة التكفير في الأديان الكتابية دراسة عقدية وتاريخية) ألقى فيه الضوء على ظاهرة التكفير عند اليهود والنصارى وجذورها في هاتين الملتين, وتحدث عن معنى التكفير لغة واصطلاحاً, وعن المراد بأهل الكتاب ثم تطرق الباحث إلى ظاهرة التكفير عند اليهود, وذكر أنها تقوم على عقيدة رئيسة من عقائدهم وهي عقيدة الشعب المختار, في ضوء تعاليم التوراة المحرفة, وتعاليم التلمود المضلِّلة, وذكر الباحث تكفير اليهود للأنبياء عليهم السلام, وللأمم قاطبة من غير اليهود. ثم تطرق إلى ظاهرة التكفير وجذورها عند النصارى. كما تطرق الباحث الدكتور عادل محمد أحمد سليمان من السودان إلى ( ظاهرة التكفير في الأمم الأخرى.. مآلات التكفير في المسيحية ) وقال إن ظاهرة التكفير داخل الدين الواحد أو بين معتقدي الأديان الأخرى ليست جديدة إنما هي قديمة قدم الأديان , فهي تعتمد أساسا على تأويل النصوص و المصطلحات الدينية لمصلحة وجهة نظر معينة. ولكن نجد أن الديانة اليهودية و المسيحية لم يستعملا كلمة تكفير إنما كانت الكلمة المستعملة كلمة هرطقة وهي تؤدي نفس المعنى, باعتبار أن المهرطق صاحب مذهب منحرف خارج عن الطريق القويم. وقدم د. أبو بكر محمد زكريا من بنغلاديش دراسة بعنوان ( الجذور الفكرية لظاهرة التكفير عند المسلمين) أشار فيها أن التكفير حكم شرعي لا يجوز الإقدام عليه إلا بدليل من الكتاب والسنة، وينبغي العناية به عناية فائقة، كما أن للتكفير أحكاماً وتبعات، تتطلب من المسلم أن لا يقدم عليه إلا بدليل واضح وبرهان قاطع لا شبهة فيه، فاعتنى العلماء به قديماً وحديثاً حيث حددوا للتكفير شروطاً وموانع . وتطرق الباحث الدكتور علاء محمد سعيد من مصر في بحثه (جذور التكفير والعنف عند اليهود والنصارى) إلى ماورد في الكتاب والسنة من تكفير اليهود والنصارى وخلافهم لبعضهم وجذور التكفير والعنف في كتب اليهود والنصارى ووقائع التاريخ في التكفير والعنف بين اليهود والنصارى وقدم عددا من التوصيات منها أن الاتباع السليم لدين الله تعالى والفهم الصحيح يحفظ الأمة من الانزلاق في تيارات الفتن والبعد عن دين الله تعالى، وأن حب الدنيا واتباع الهوى من أكبر المضلات عن دين الله تعالى وهذا ما وقع فيه اليهود والنصارى من قبل فأضلهم عن دين الله تعالى وأوقعهم فيما أوقعهم فيه من فتن ومحن، والحرص على وحدة الأمة على الحق والبعد عن الفرقة والاختلاف. كما تناول الدكتور فتحي يوسف الشواورة من الأردن في بحثه ( الجذور التاريخية للتكفير– المعتزلة نموذجا دراسة تاريخية (198–247ه/813–861م) مدرسة المعتزلة كإحدى المدارس الفكرية التي تبنت تكفير الآخر, وهي دراسة تاريخية تركزت في كل جوانبها على التطور التاريخي لهذه المدرسة, منذ نشأتها في مطلع القرن الثاني الهجري وحتى سقوطها السياسي في آخر النصف الأول من القرن الثالث الهجري, حيث بينت التطور التاريخي للمعتزلة من حيث التسمية والنشأة التاريخية لها والأصول الخمسة ونفوذها, وتعاظم هذا النفوذ, ومن ثم عالج سقوط مذهب الاعتزال سياسياً في عهد الخليفة المتوكل على الله, والإجراءات التي قام بها هذا الخليفة في ذلك السياق. وبين الباحث د.محمد عبدالحليم بيشي من الجزائر في دراسته ( الجذور والمظاهر العقدية للتكفير في النصرانية ) مفردات التكفير والهرطقة والتجديف والانشقاق وماتشكله من مفاصل هامة في قراءة التطور التاريخي للكنائس النصرانية التي تناسلت من رحم المجامع المسكونية، أو التي انشقت عن الكنيسة الأم.تلك المفردات التي طبعت الحياة الدينية في أوروبا بطابع العنف والحروب الدينية المستمرة ، انعكس ذلك على تشريعات الزواج والميراث والدفن مما يجعل الباحث يحكم بوجود ديانات متصارعة داخل النصرانية، وهو ما أدى إلى نتيجة سلبية لموقع الدين حديثا، حيث انتصرت العلمانية على دين لم يجلب لأهله غير الحرب وفقدان السلم الاجتماعي. وبين الدكتور نيقولاس روزير نبوت من جامعة مالقة بأسبانيا في بحثه (الارتداد والتكفير في الديانة اليهودية) أن الديانة اليهودية على ما كانت وعلى ما زالت أن تكون فهي حجة دامغة على صدق رسالة الإسلام وخطاب القرآن عنها فكل ما جاء في الذكر الحكيم من ملاحظات وانتقادات عما عمل أئمة اليهود من تغييرات وتعديلات في الوحي الأول المنزل عليهم جاء في صواب ودقة. وأوضح أن اليهودية في ملامحها الحالية والقديمة من بعد تحريف مبادئها السماوية هي نتاج عمل أئمة اليهود وأحبارهم وليس الأمر متعلقاً بالشعب الذي هو مجرد تابع لما يراه ويقرره قادته وعلى ذلك فإن القرآن يميز بين أئمة اليهود والمسيحيين ورهبانهم وأحبارهم من ناحية والأميين منهم من ناحية. وتناول الباحث ناصر محمدي محمد جاد من مصر الجذور (التاريخية لظاهرة التكفير عند المسلمين) حيث استعرض نشأة فكر التكفير وظروف نشأة ظاهرة التكفير في التاريخ الإسلامي، و تطورها وأهم الآراء التكفيرية، و عن صلة التكفير في العصر الحاضر بالتكفير في العصور الماضية ,ثم دارت الحوارات والنقاشات حول موضوع الجلسة.