متابعة لما أوردناه في مقالة سابقة عن مقتطفات المؤتمر السنوي للجمعية الاوروبية لجراحة المسالك البولية والتناسلية الذي عقد في اسطنبول بين 6 الى 9 صفر 6241ه الموافق 16 الى 19 مارس 5002م والذي ضم حوالي 12,000 اخصائي من كل انحاء العالم سنطرح في مقالتنا هذه ابرز المقالات والاطروحات التي قدمت خلاله حول سرطان البروستاتا والمثانة مع تلخيص اهم التوجيهات حول معالجتها لكي نوفّر لقرائنا الأعزاء آخر المبتكرات الطبية في هذا الحقل الطبي. وبخصوص أهمية التقصي عن سرطان البروستاتا عند الرجال الذين تجاوزوا 50 سنة من العمر فإنه اذا ما طبق روتينيا على جميع هؤلاء الرجال فإنه سيؤدي الى القيام بتحاليل اضافية باهظة الكلفة ومؤلمة مع احتمال حصول مضاعفات وخيمة نتيجتها وخلق قلق شديد عند العديد منهم لتشخيص هذا السرطان بنسبة لا تتعدى 30٪ الى 40٪ مع العلم ان العديد من تلك الأورام قد تكون غير هامة وذات خبث ضئيل الذي لن يؤثر على بقائهم على قيد الحياة بإذن الله. وأما الفريق الثاني من الاخصائيين والجمعيات الطبية منها الجمعية الاميركية لجراحة المسالك البولية والتناسلية فإنهم مقتنعون وواثقون حسب الدراسات الحديثة ان ذلك التقصي يساعد على تشخيص هذا الورم في أولى مراحله أي عندما يكون محصورا داخل البروستاتا، مما يساعد على استئصاله جراحياً او معالجته بالأشعة مع نتائج ممتازة فضلا عن ان ذلك العلاج المبكر يساعد على تخفيض معدل الوفيات بسببه، كما حصل في الولاياتالمتحدة منذ سنة 2991 نتيجة تشخيصه المبكر بواسطة تحليل «ب أس أي» PSA .ففي دراسة أوروبية شملت 08.000 رجل تم إجراء التقصي عن السرطان البروستاتي عند حوالي 32,000 رجل متعافى تجاوزوا 50 سنة من العمر في فترة زمنية امتدت من سنة 6691 الى 9991م ومن 2000 الى 2003م تبين ان نسبة تشخيص هذا الورم ودرجة خبثه لم تتغير عبر السنين، ولكن معظم الأورام التي شخصت بواسطة التقصي كانت محصورة في البروستاتا وفي أولى مراحلها مما يوحي انه ساعد الى تشخيصها عندما تكون قابلة للعلاج الشافي في معظم تلك الحالات. وأكدت دراسة اخرى قام بها الدكتور «بارتش» وزملاؤه من النمسا فائدة التقصي في تخفيض معدل الوفيات إذ انهم أظهروا انه رغم ان نسبة حدوث هذا الورم تصاعدت في السنوات الماضية الا ان تطبيق التقصي منذ سنة 3991م ترابط بتدني معدل الوفيات بنسبة حوالي 20٪ في منطقة «تيرول» في النمسا، حيث تم تطبيقه مقارنة بالمناطق النمساوية الأخرى وذلك بدون حدوث أية مضاعفات خطيرة نتيجة أخذ خذعات من البروستاتا. واما بالنسبة الى التشخيص فقد استعمل الدكتور «نافا» وزملاؤه طريقة مبتكرة تعتمد على جهاز يبث المويجة لتشخيص الورم في الخزعات المأخوذة من البروستاتا بالابرة وبرهنوا فعاليته وسرعة نتائجه اذ انه احتاج الى حوالي ساعة واحدة للقيام به مقارنة بحوالي 12 ساعة للوسائل المتبعة عالميا ونجح باعطاء النتائج النسيجية الصحيحة في غضون حوالي 3 ساعات مقابل 24 ساعة للسبل المخبرية الاخرى المستعملة حالياً. وأما بالنسبة الى معالجة الورم المحصور داخل البروستاتا فقد حظي على العديد من الاطروحات والمناقشات لأهميته في القضاء على هذا السرطان القاتل والذي يحيّر عادة المريض المصاب به من ناحية افضل علاج يجب عليه ان يختاره للتخلص منه مع الاحتفاظ على جودة الحياة. فمن الوسائل المتوفرة المتابعة بدون أي معالجة والاستئصال الجراحي الكامل للبروستاتا والمعالجة بالأشعة الخارجية او بواسطة الإبر المشعة المغروزة داخل البروستاتا والعلاج الهرموني وذلك حسب شدة خبثه وطوره وانحصاره في البروستاتا وعوامل اخرى كمعدل ال PSA وسجل «غليسون» النسيجي. ورغم الاعتقاد السائد ان الورم ذات الخبث المرتفع لا يتجاوب عادة مع المعالجة الجراحية حتى لو كان محصوراً في البروستاتا. وأظهرت دراسة حديثة قام بها الدكتور «هيدنريغ» في ألمانيا على 501 رجال مصابين بهذا السرطان الشديد الخبث انه في حال حصره داخل البروستاتا فإن الاستئصال الجراحي الكامل للبروستاتا اعطى نتائج جيدة بالنسبة الى البقاء على قيد الحياة بإذن الله بنسبة حوالي 86٪ لمدة 7 سنوات تقريباً مع معدل طبيعي لل PSA في حوالي 28٪ من تلك الحالات ناهيك ان تلك العملية لم تتكلل بالنجاح اذا ما امتد الورم خارج البروستاتا. وأبرز الدكتور روميلينغ ان الانتظار لبضعة اشهر قبل القيام بالمعالجة الجراحية او بالأشعة لم يؤثر على نتيجة المعالجة في معظم تلك الحالات. وقد أكدت دراسة قام بها الدكتور «كراكيويز» وزملاؤه نجاح الاستئصال الجراحي على المدى الطويل على 897 مريضاً تابعوا تلك المعالجة من سنة 4591 الى سنة 4991 في مركز واحد فأظهروا ان حوالي 7٪ من هؤلاء المرضى فقط توفوا نتيجة هذا الورم بعد حوالي 10 سنوات من وقت الجراحة وان معدل البقاء على قيد الحياة بإذن الله عز وجل بعد حوالي 25 سنة كان في حدود 82٪. وقد ابرز الدكتور «تومبال» نتائج دراسته على 169 مريضاً عولجوا جراحياً في سنة 1992م وذلك بالنسبة الى النتائج وجودة حياتهم فأظهر ان حوالي 101 منهم لا يزالون على قيد الحياة وانه رغم ان نسبة السلس البولي كانت مرتفعة مقارنة بالرجال المتعافين الا ان القليل منهم أبدوا مضايقة شديدة بسببها خصوصاً انها تحسنت في معظم تلك الحالات، ورغم ان حوالي 78٪ منهم اصيبوا بالعجز الجنسي الا ان ذلك المعدل لم يختلف عن نسبته عند الرجال غير المصابين بهذا الورم وان معظم هؤلاء المرضى احتفظوا بجودة حياة عالية بعد العملية. وطرحت في هذا المؤتمر مقالة حول العلاج بالابر المشعة المغروزة داخل البروستاتا مع المعالجة بالاشعة الخارجية على 111 مريضاً واظهرت ان معظهم اصيبوا بتخاذل الطاقة الجنسية بعد المعالجة مع المحافظة على انتصاب طبيعي لدى 35٪ منهم فحسب وعجز جنسي كامل في 22٪ وضعف جنسي جزئي في 25٪ من تلك الحالات فضلاً ان جودة حياتهم لم تتأثر بذلك وكانت عموماً جيدة. وفي مقابل ذلك اظهرت دراسة أخرى قام بها الدكتور «سوريا كوماران» على 180 مريضاً عولجوا بالابر المشعة المغروزة في البروستاتا فقط وأظهروا ان 80٪ منهم حافظوا على طاقتهم الجنسية بعد حوالي سنتين من تلك العملية. وأما بالنسبة الى معالجة سرطان البروستاتا النقيلي او المنتشر الى العظام او اعضاء أخرى فقد تم مناقشته في العديد من الاطروحات التي قدمت اثناء هذا المؤتمر واظهرت العديد منها فعالية العقار «حمض الزوليدرونيك» Zoledronic acid في تخفيض نسبة آلام العظام عند حوالي 459 مريضاً مصاباً به اذا ما استعمل وريدياً كل 3 اسابيع بجرعة 4 ميلي غرام وذلك لبضعة اشهر. وبناءً على الجدل القائم حول توقيت استعمال العلاج الهرموني او القيام بالاحصاء في تلك الحالات قام الدكتور «ستودر» وزملاؤه من سويسرا بدراسة مقارنة على 985 مريضاً عولجوا اما مباشرة بعد التشخيص او عند حصول الاعراض السريرية خاصة الاوجاع الهيكلية، فأظهروا في تلك الحالات من السرطان النقيلي الى العظام فإن البقاء على قيد الحياة الاجمالي، بإذن الله، قد يكون افضل مع العلاج المباشر الا انه لم يجدوا فرقاً بينهما بالنسبة الى نسبة الوفاة نتيجة السرطان او بالنسبة الى الاعراض السريرية على المدى الطويل. وفي حال حدوث نقائل هذا الورم الى الغدد اللمفية في الحوض بعد اجراء استئصال كامل للبروستاتا فقد ابرز الدكتور «دابوزو» من ايطاليا ان المعالجة بالاشعة للحوض على 56 من اصل 154 مريضاً ادى الى تحسين النتائج بالنسبة الى انتشار المرض والبقاء على قيد الحياة، بإذن الله، والى نسبة فشل احتواء هذا الورم كما تبين في تحاليل ال «ب أس أي» PSA في غضون 7 سنوات تقريباً من المتابعة مع عدم حصول اي نكس بعد المعالجة بالاشعة مقارنة بحدوث امتداد وانتشار المرض في حوالي 10٪ بدونها. واظهر الدكتور «دي سيلفا» ان العلاج الهرموني المتقطع ل 626 مريضاً مصابين بالسرطان البروستاتا النقيلي او الممتد خارج البروستاتا محلياً اعطى نفس النتائج بالنسبة الى الوفاة بسببه وانتشاره مع المحافظة على الطاقة الجنسية بنسبة مرتفعة إذا ما قورن بالعلاج المستمر. وأما بالنسبة إلى تخلخل العظام الذي يرافق عادة العالج الهرموني فقد أبرز الدكتور «روديغيز» وزملاؤه أن استعمال عقارين «كلودرونات» و«حمض الزوليدرونيك» خفض تلك النسبة من 55٪ إلى حوالي 22٪ مما يبشر خيراً من ناحية الوقاية من كسور العظام وخصوصاً العمود الفقري مع مضاعفاتها الوخيمة والخطيرة.