توارثت الأجيال في منطقة جازان العادات والتقاليد والموروثات حتى غدت ثقافة قائمة وحضارة تعبر عن المنطقة وترمز لخصوصيتها منها أكلات شعبية اشتهرت بها المنطقة؛ بسبب مكوناتها الطبيعية وطرق الطهي التقليدية المفضلة لدى أهالي المنطقة, فأصبحت تلك الأكلات الشعبية مرتبطة بالحياة الجازانية بشكل يومي وعلى مدار العام وتبرز في الشهر الكريم أكلات دون أخرى، حيث يحرص كثير من أهالي جازان على تناول وجبة "الثريد" أو ما يتعارف عليه بالمنطقة باسم "المفالت" في السحور خاصة. وتعد "المفالت" وجبة ذات قيمة غذائية عالية تتكون من الحليب المغلي على النار مضافاً إليه قطع الذرة الرفيعة أو الدقيق الأبيض أو دقيق القمح أو الدخن أو الحنطة عن طريق طحنها وعجنها؛ ليتم تقليبها على النار حتى تنضج وتكون جاهزاً للأكل بإضافة العسل أو السكر أو بدونها وفقاً لما يفضله كل شخص. ويفضل الأهالي في جازان الوجبات والمأكولات التي يتم إعدادها في الميفا "التنور"، كحنيذ اللحم الجازاني "شوربة البورمة الرمضانية" التي تطهى في وعاء حجري مجوف يعرف باسم البورمة، وتوضع بداخلها قطع اللحم مع الشوربة ثم في الميفا حتى تطهى تماماً، وتصبح لمن يتذوقها نكهة متميزة تختلف عن الشوربة العادية, كما يتم عن طريقها إعداد العيش أو الخمير الذي يتكون من الحب "الذرة الرفيعة" التي يتم طحنها بعناية عبر المطحنة التقليدية، ومن ثم إعدادها ليتم خبزها في الميفا فضلاً عن خبز أقراص الدقيق والدخن وإعداد السمك وكثير من الأكلات الشعبية. وعلى الرغم من تطور أنماط الحياة بجازان وتطور النمط العمراني وتعدد أنماط الطهي الحديثة ظل الميفا محتفظاً بمكانته في البيوت الجازانية، وبقيت كثير من الأسر على علاقتها بالميفا خاصة خلال شهر رمضان المبارك. واشتهرت منطقة جازان منذ القدم بالعديد من الصناعات اليدوية التقليدية التي طوع من خلالها الأهالي موارد البيئة الطبيعية وفق احتياجاتهم المعيشية، ووفق نسق خاص منها صناعة أواني الطهي والشرب، حيث تصنع الأواني من عجينة الطين بعد مزجه بالماء للحصول على عجينة الطين، ثم تعامل بطريقة خاصة، وتجفف ثم تحرق في مواقع خاصة شبيهة بالأفران يمنح ذلك الصلابة الملائمة لاستخدامها مثل "الجرة"، وهي بيضاوية الشكل تستخدم لحفظ الماء وتبريده و"المشهف" الذي يستخدم لتحميص البن والقشر، و"المركب" وهو وعاء مجوف يستخدم كموقد. وتعد الجبنة "دله فخارية" واحدة من أشهر الأواني الفخارية التي يستخدمها أهالي منطقة جازان، وتستخدم لصنع القهوة، حيث تضفي نكهة خاصة عليها وتحتفظ بحرارتها مدة مناسبة، ويتم من خلالها صب القهوة في الفناجين الطينية. وتفضل العائلات أفضل الطعام وأقربه إلى الطبيعة خلال رمضان على وجه الخصوص، فيصبح البحث عن العيش الحامض، واكلة المغش، والمرسة وعدد من المأكولات، كما تعتمد ربة البيت على التوجه للسوق بنفسها لشراء التوابل وعمل (الفحيق) وهو طحن الذرة والدخن، وتقبل الأسر الجيزانية إلى الإكثار من عمل الشطة البلدي، وهي عبارة عن سحق الفلفل الحار مع البهارات، إلى جانب الثوم حيث يتم سحقه وإضافته إلى اللبن الرائب ويتحول إلى مايسمى بالقطيبه وتؤكل مع اللحوم.