قد ترون معي أننا يجب أن نتعدّى تناول الشأن المحلي وأوجاعه -ولو لبعض الوقت- ونأتي بمقالات تُزيل عنا فراغ الإجازات والحر (لو قلت وغلاء الأسعار لرجعتُ إلى الهم المحلّي) يمكن تناول عادة الكنى والأسماء والألقاب في بلادنا. (المعايير) الملاحظ أن ما يسمى بالعرف الشعبي بال.. "معياره" شائع في بلادنا أكثر من غيرها. والحقيقة أن الكثير منها ليست "معياره" أي لا تشين صاحبها ولا تعيبه. ومن الخطأ استعمال "معيارة" فالمفردة تعني الهزأ أو الأضحوكة. وبعض المعايير التي نسمعها لا تحمل إلا الكرم والطيب. قبِلها أهلها بديلا عن أسماء جذورهم. (لن أذكر أسماء فهي كثيرة) وجاء في اللسان: الكُنْيَةُ على ثلاثة أوجه: أَحدها أَن يُكْنَى عن الشيء الذي ستفحش ذكره، والثاني أَن يُكْنى الرجل باسم توقيراً وتعظيماً، والثالث أَن تقوم الكُنْية مَقام الاسم فيعرف صاحبها بها كما يعرف باسمه كأَبي لهب اسمه عبد العُزَّى، عرف بكُنيته فسماه الله بها. وفي أنحاء كثيرة من بلادنا نلاحظ أسرا أخذت أسماء الحرف التي اعتاش منها أجدادهم (مكةالمكرمة كمثل) وثمة أخبار تقول إنهم كانوا يحملون أسماء في السابق تربطهم بصفات محلية غير تلك التي يحملونها الآن. وأن الولاة العثمانيين استسهلوا إطلاق اسمه نسبة إلى مهنته، وتحتاج تلك الروايات إلى التثبّت والموثوقية. ومن الأحاديث الباسمة عن المعايير وكيف تتجاوز الاسم الصحيح لصاحبها أن أحد الأفاضل في مدينة عنيزة اشترى مؤنا وطلب من حمال (صاحب دابة) أن يوصلها إلى بيته. وأراد أن يصف موقع المنزل فقال له: بعد المسجد تتعدى بيتين أو هو قال ثلاثة أبواب، وبيتنا هو الرابع. قال الحمال: وين هو عن بيت (...)؟، وذكر معيارة الرجل. فضحك الرجل الفاضل وقال: أتعرف بيت (..) جيدا. إذا دق الباب وادخل المؤن، وعد إليّ لتأخذ أجرتك. وعلى العموم لم تكن الصفة أو المعيارة سيئة أو مُهينة. هذه الظاهرة منتشرة في مناطق ومدن المملكة. حيث انك إذا سالت عن فلان بن فلان الفلاني لم تجد من يخبرك عنه!!!!! والعذر أن الاسم هذا كثير في هذه العائلة ولا نعلم من تقصد.. لكن اذا ذكرت عيارته (معياره) قيل لك: نعم... نعم.. عرفناه. صارت المعيارة ملازمة للبعض والأشخاص، وقد تورّث للأبناء أو -مع الزمن- تُصبح اسما تتسمى به العائلة مستقبلا. من أين تنشأ العيارة؟ ولماذا تنشأ؟ منشؤها يكون نتيجة عن صفة خلقية في الشخص -او سمة بارزة في شخصيته او نتيجة خطأ في كلمة، قد تكون حسنة... ويسكت عنها صاحبها، أو سيئة يغضب من ذكرها الموصوف.