أبى أبناء عنيزة كما هي عادتهم إلا أن يكون لهم قدم سبق في كل اتجاه!! وسأعرض اليوم لقدم سبقهم في خدمة الأدب الشعبي والاهتمام بالشعر النبطي مكتفياً بثلاثة أسماء كان لها دور لا ينكر وأثر لا يخفى؛ فمن يخفى عليه اسم عبدالرحمن الربيعي الهرم الخالد لتدوين الشعر النبطي ونسخه وروايته لدرجة أن بعض مخطوطاته الأصلية جاوزت الحدود إلى الدول الأخرى؟! ومن يخفى عليه اسم الدكتور سعد الصويان الهرم الأكاديمي لدراسات الشعرالنبطي وأبحاثه والتي لم يكن أولها فهرست الشعر النبطي ولن يكون آخرها ثقافة الصحراء، أما ثالث الأهرام فسيكون محور حديثنا لأن دوره ربما يكون غير واضح للعيان ومن العجائب أن يؤلف عن حياته كتاب يقع في 360 صفحة لا يشار فيه إلى هذا الدور الثقافي الرائد رغم أنه كما أشار ابن خميس وغيره أول من وجه عنايته للأدب الشعبي ، فقرب رواته، وأثاب عليه، وجمع دواوينه، وشجع على دراسته، وطبع ما ألّف على نفقته ذلكم هو الشيخ عبدالله السليمان الحمدان (13021385ه) أول وزير في المملكة العربية السعودية على الإطلاق ووزير المالية في عهد الملك عبدالعزيز، فقد سجل التاريخ دوره المشهود في ظهور أوائل المطبوعات التي اهتمت بالشعر النبطي فقد جاء على غلاف الجزء الأول من ديوان النبط الذي ألفه خالد الفرج وطبع في مطبعة الترقي بدمشق سنة 1371/1952م عبارة: (جمع ورتب وطبع بإرشاد وأمر صاحب المعالي الشيخ عبدالله السليمان الحمدان وزير المالية في المملكة العربية السعودية أطال الله بقاءه) وقد أشار الفرج في مقدمة كتابه إلى أن ابن سليمان كان هو صاحب فكرة الكتاب حيث سلمه بعض المخطوطات وطلب منه أن ينتقي منها بعض القصائد ويفسر ألفاظها ويشرح غامضها ثم تكفل بطباعة الجزء الأول وكذلك الجزء الثاني وكان هناك نية لإصدار أجزاء أخرى من هذا الديوان ولكن يبدو أن وفاة خالد الفرج سنة 1374ه حالت دون إكمال المشروع؛ ويشير حمد الجاسر إلى تكليف ابن سليمان للفرج ويذكر أن صلته كانت بالفرج قوية فكانا يتباحثان في ذلك ثم أنه بعد صدور الجزء الأول كتب مقالة في جريدة البلاد حول الموضوع فاطلع عليها ابن سليمان فطلب من سعد الرويشد تبليغه سلامه وإخباره بوقوفه على ما كتب في الجريدة وشكره على اهتمامه وعنايته بهذه الأشعار ورغبته في مواصلة جهده لجمع شعر الثمانية الذين ذكرهم في مقالته وغيرهم مع القيام بشرح الغامض وأنه مستعد لتحمل جميع التكاليف، في حين ذكر ابن بليهد في مقدمة صحيح الأخبار تفضل ابن سليمان بطبع الكتاب على نفقته؛ وقال ابن خميس في كتابه الأدب الشعبي في جزيرة العرب : "ولقد سمع معاليه بهذا الكتاب، بعد أن طُبع منه ملزمتان، فتبرع بطبعه على نفقته، وهذه الجهود التي يقوم بها معاليه في هذا المجال سوف تذكرها له الجزيرة بعاطر الذكر، وخالد الشكر، يوم تفنى الملايين ومن جمعها.." ولعل في حديثنا اليوم عن جهود ابن سليمان في خدمة الأدب الشعبي عموماً والشعر النبطي خصوصاً مصداقاً لكلام ابن خميس رحم الله الاثنين رحمة واسعة، مع العلم أن جهود ابن سليمان في دعم الثقافة لم تقتصر على كتب الشعر النبطي وحدها بل امتدت إلى غيرها ومن أبرز ما طبع على نفقته (العقد الثمين من شعر محمد بن عثيمين) الذي جمعه سعد الرويشد، وأخيراً فمن الوفاء لمثل هؤلاء أن تذكر مآثرهم في زمن يتناسى أهله من لا يمكن نسيانهم كابن سليمان. حمد الجاسر الدكتور سعد الصويان خالد الفرج ابن خميس