في ميدان آزاد، حيث قاد غاندي إضراباً ضد الاحتلال البريطاني لبلاده، ظهرت أوجه أخرى من المظاهرات والاحتجاجات. ولكن في هذه المرة لا يطالب النشطاء بالاستقلال ولكنهم ينادون بمنح المرأة حقوقها كاملة لتكسب عيشها من الرقص في الملاهي الخاصة بالنساء. وفي هذا الموضوع نحاول أن نسلط الضوء على ملهى ليلي في بومباي تم تشييده ليحمل الطابع المحلي الجميل ويعرفه الجميع هنا باسم «نادي النساء». وقال مسؤولون حكوميون انهم سيغلقون الحانات والأندية الليلية لأنها تفسد عقول الشباب وأخلاقهم وتحطم الروابط الأسرية بشكل أو بأخر كما أنها تروّج للدعارة وأحياناً للشذوذ. وهذا القرار دفع برواد تلك النوادي الليلية للخروج في مظاهرات و احتجاجات كبيرة للمطالبة بإلغاء هذا القرار. أولئك المتظاهرون كانوا مزيجا شاذاً من رواد الحانات والنوادي الليلية ومعهم عدد كبير من الراقصات اللاتي فقدن وظائفهن بعد صدور ذلك القرار. ثم التقينا براقصة تدعى شوما في الخامسة والعشرين من عمرها وقالت » أنا أعيل عائلتي المكوّنة من ستة أفراد عن طريق العمل كراقصة. ابنتي تعتمد في دراساتها على الأموال التي أحصلها شهرياً و الآن أصبحت بلا عمل وكل شيء سينتهي».. ثم استطردت » لماذا لا تتركنا الحكومة وشأننا؟ لماذا اتخذوا هذه الخطوات الآن؟و أين البديل؟».وفي داخل تلك الحانات والنوادي الليلية تجد عالماً آخر يعشقه أثرياء بومباي. حيث تختلط التقاليد الهندية بخيال بوليوود(مدينة السينما الهندية) ويجلس الرجال ليشاهدوا الراقصات الجميلات يغنين ويرقصن طوال الليل. ولكن هذه النوادي ليست سوى مجالس مصغرة لرجال الأعمال ولا يمارس فيها التعري كما يشاع في بعض الأحيان كما أن الرجال لا يقربون النساء أو يلمسونهن بأي شكل من الأشكال. وفي إحدى زوايا الحانة، جلس رجل متابعاً فتاة نحيفة ترتدي لباساً أصفر. كانت ترقص أمام مرآة كبيرة ثم دعاها الرجل لتقترب منه قليلاً وحين فعلت .. وضع في يدها رزمة من الأوراق النقدية. وتقول الراقصات انهن يجمعن في بعض الأحيان مبلغ يتجاوز المائة دولار في الليلة الواحدة وهو مبلغ محترم يصعب على أكثر الموظفات نشاطاً في بومباي الحصول عليه يومياً.وتأتي الجهود الحكومية لقمع كل هذه الممارسات كجزء من حملة وطنية ضد الفساد الذي تفشى بشكل كبير في المجتمع الهندي. وطالت موجة الإصلاح أشياء كثيرة إلى جانب النوادي الليلية والمراقص، فقد تم تمزيق العشرات من الملصقات السينمائية أو الدعائية المخالفة والتي يقدم بعضها إيحاءات جنسية مرفوضة تماماً.وأوضح سانجي ابارانتي وكيل مفوّض الشرطة الذي تم تعيينه مؤخراً أن ما يجري في مدينة بومباي لا يتجاوز كونه محاولة وطنية لإنقاذ النساء من قبضات ضعاف النفوس الذين يستغلون النساء أبشع استغلال لكسب المزيد من الأموال. وقال «لا يحق لأحد أيا كان أن يعامل النساء كسلع». وأضاف «أصبحنا في حال يرثى لها.. ويتراءى لي أحيانا أن الحيوانات تتصرف بشكل أفضل منا. ففي الغابة، تعيش أنثى الأسد محترمة وسط أشبالها والأسد لا يجرؤ على ارتكاب أي عمل وحشي ضدها». في إعلان المنع الذي نُشر في وقت سابق من هذا الشهر، قال السيد باتيل نائب وزير الحكومة في ولاية بومباي للجمعية الرسمية في الولاية ان تلك الحانات والنوادي الليلية تفسد التزام الشباب الأخلاقي والثقافي. ولكن الحكومة لم تطبق قرار المنع بشكل رسمي حتى الآن، ويعتقد بعض المراقبين أن القضية ستنتهي بتدخل وسطاء يضمنون حشو جيوب المسؤولين بكميات من المال مقابل تنازلهم عن الموضوع. واعترف أحد مالكي النوادي الليلية في بومباي بأنه يدفع وبانتظام أكثر من ألف دولار شهرياً لضباط الشرطة في منطقته مقابل أن يتركوه يمارس نشاطه بحرية تامة. وقال مانجيت سينغ رئيس جمعية مالكي النوادي الليلة في بومباي بأنه سيكون سعيداً للقيام بأي شيء من شأنه إسعاد رجال الشرطة أو الحكومة والتنفيس عنهم بشرط أن تكون كل تحركاتهم وفق المبدأ الذي يقول «عش.. واترك غيرك يعيش».ورغماً عن كل الأصوات التي تنادي بالإصلاح وإغلاق الحانات والمراقص في بومباي، مازالت الراقصة (شوما) تتمايل على أنغام الموسيقى الهندية وسط عشرات الأثرياء وحين انتهت قالت » ليفعلوا ما يفعلون .. فحتى ذلك الحين لدي أفواه تنتظر أن أطعمها كما أنني أريد لابنتي الصغيرة أن تكمل دراستها لتعيش وضعاً أفضل مني. لن ألتفت لما يقوله أعضاء الحكومة الأغنياء لأنهم لم يعانوا مثلنا كما أنني لا أريد أن أموت جوعاً». (نيويورك تايمز)