لماذا ؟ كيف ؟ متى ؟ إن كان الصحفي المحاور المتمكن عملة نادرة في العمل الصحفي فالمسؤول الذي يجيب عن الأسئلة غير التقليدية دون غضب واحتجاج ومحاولة الهجوم والتقليل من شأن السائل هو عملة أندر.. أكثر ما نحتاج إليه في الفترة الحالية هو طرح الأسئلة ،علماً أن كل مرحلة لها أسئلتها ، الأسئلة التي تشرح المرحلة وتسجلها وتكشف عن الحالة، وتحاول تحديد مسار المستقبل ، من مهام الأسئلة فتح الأذهان والانتقال بها من مكان إلى مكان أكثر تطوراً ، الأسئلة التي تقضي على التصريحات التقليدية التي تتداولها وسائل الإعلام واعتاد على تكرارها المسؤول بغض النظر عن اختلاف المراحل والجمهور وكأن هناك كتاباً متوارثاً يحفظ مناهج التصاريح الإعلامية وفيما تدور !! عندما تسأل مسؤولا بشكل منفرد أو خاص على تدني مستوى تعاطي جهته مع الإعلام، وأن هناك الكثير الذي لابد أن يكشف عنه لتعزيز العلاقة والثقة بين الجهة والجمهور يرد المسؤول بشكل مباشر وتلقائي بأن الصحفيين غير مؤهلين وقادرين على إظهار المختلف والجديد وأنهم سطحيون في أسئلتهم ، ومع وجود هذه العينة من الإعلاميين إلا أنها ليست عامة ، فالصحفيون يتحفظون على بعض الأسئلة خشية ردة فعل المسؤول وغضبه لذا تصب معظم الأسئلة الصحفية في مجرى تلميع المسؤول وإدارته ، وأنا لا أعني هنا أن كلّ ما يظهر محاسن الجهة وإداراتها عمل صحفي دون المستوى بالعكس هناك مسؤولون يستحقون الثناء وتسليط الضوء على إنجازاتهم فمن الأدب أن نشكر كلّ مخلص ومجتهد حتى إن كان ما قدمه في صميم عمله فشكر الناس شكر لله ، ولكن الأصل في العمل الصحفي أن يقف أمام القصور لتصليحه وتعديله . عرفتُ مسؤولين يشغلون مناصب عليا، ويعتبرون نجوما تبرق في السماء واكتشفت بالتعامل معهم أنهم باهتون، وما يرددونه من كلام فعلاً هو كلام (ببلاش) لا يعرفون من الشفافية والتطور والتقدم إلا الكلمات التي يرددونها في كل محفل وتصريح إعلامي !! وعندما يغضبون من الصحفيين ليس لأنهم كما يصفونهم بأنهم غير ملمين بما يدور حولهم وليس لديهم مهارة طرح الأسئلة وإدارة الحوار! ولكن الحقيقة في بعض الأحيان أن المسؤول يكره أن يخرج عن تقليديته في التعامل مع الإعلام ، وفي الغالب المسؤول الذي يتعامل بتقليدية مع الإعلام هو تقليدي في إدارته !! ورغم علوّ المنصب والمكانة الظاهرة إلا أن بعض المسؤولين يجهلون تماماً حتى أصول الانسحاب والاعتذار عن عدم التجاوب فتجده (يطنش) رنين هاتفه والخطابات والرسائل الموجهة له ويترك للطرف الآخر أن يفهم بطريقته انسحابه وضعفه الإنساني والإداري !! على المسؤولين أن يعلموا أن الأمة السائلة هي الأمة الحرة ، ومساحة الأسئلة تعكس مساحة الحرية ، والأسئلة لا تعني ولا تهدف لإحراج المسؤول ولكنها نقد ذاتي يمارسه السائل والمسؤول ، لابد أن يعي المسؤول أن مهمة الإعلامي ليست في تلميعه، وإن قابل إعلامياً من هذا النوع فعليه أن يحمي نفسه منه فهو اليوم يجتهد في تلميعه لمصلحة ما، ومتى ما توقفت المصلحة أو انتهت فقد ينقلب عليه وما كان سراً بالأمس يصبح مشاعاً ومتداولاً اليوم وغداً ، وبالمقابل أقول لمن أراد السؤال عليه أن يتعب قليلاً على نفسه وتطويرها حتى يجيد ويتمكن من طرح السؤال ، فالسؤال أهم بكثير من الإجابة..