على الرغم أن "ليلة الزفاف" لدى جميع الفتيات هي "ليلة عمر" لا تنسى، إلاّ أنها تحولت عند البعض منهن إلى "لحظات قلق"، و"دقات قلب" لا تهدأ، و"بكاء خوف" ربما لا يتوقف؛ وذلك بسبب "هيمنة" بعض المفاهيم الخاطئة التي سادت فترة طويلة من الزمن. ويبقى السؤال المتداول حالياً مع "بنات آخر زمن" هل لا يزال الخوف والبكاء يسيطر عليهن، أم انتفت مع التعليم والثقافة والتواصل مع الزوج في فترة "المِلكة"، والذي من شأنه أن يطمئن قلوبهن؟.. الإجابة في السطور التالية من التحقيق. سيد الموقف في البداية قالت "سهام البلوي" كثيراً ما سمعت عن قصص خوف العروس في ليلة الزفاف، بل وشاهدت هذا الخوف يقتل فرحتها وهي على "الكوشة"، إذا تختفي ابتسامتها أو حتى بهجتها في تلك اللحظات، فتجلس بجسدها أمام الحاضرات وفي ذهنها صراعات مع الخوف من اللحظات القادمة، حتى تصورت أن ذلك قاعدة تسير عليها كل الفتيات في ليلة من المفترض أن تكون أجمل ليلة في حياتها، مضيفةً أن هناك من حرصت على تغيير تلك الأفكار التي أخذت مكانها لسنوات طويلة، وأنا إحداهن لأني وصلت لدرجة كبيرة من المحبة والتفاهم مع زوجي أثناء فترة "عقد القران"، لهذا لم يجد الخوف في قلبي مكان، بل كان الشوق والفرح لقرب تلك اللحظات هو "سيد الموقف"، وبالتأكيد هناك فرق بين الخوف الذي يجعل الفتاة ترتعد وتبكي، وبين الخجل والحياء الذي يزيدها جمالاً بعين عريسها، مشيرةً إلى أن هذه الليلة هي ليلة عمرها، لهذا لابد أن تشعل قلبها فرحاً ورقصاً، لا أن تخاف وتبكي بسبب مفاهيم مغلوطة أو قصص مبالغ بها. سلة النسيان وأوضحت "إيمان العقيلي" أن خوف الفتاة في ليلة العمر، هو شعور طبيعي جدا، وذلك لأنها ليلة تصاحبها تغيرات جذرية في حياتها، بل ودليل اهتمام حقيقي وتفكير عميق في حياتها الزوجية القادمة ومدى قدرتها على تحمل مسئولياتها كزوجة، مضيفةً أن الخوف الزائد للفتاة يكمن في عدم التهيئة النفسية لها؛ لأننا مازلنا ننظر أن الحديث عن أي موضوع يخص الزواج هو شيء محرم أمام الفتاة، بل ولا يجوز التحدث به، لهذا تلجأ إلى صديقاتها لتأخذ معلومات مشوهة وخاطئة في أغلب الأحيان، فإما أن يسردن النصائح الملغومة، أو يكتفين بقول "الله يعينك ويصبرك"، لتشعر أنها بانتظار ليلة مأساوية، في حين أنها مشاعر لحظية طبيعية، لها وقتها وتنتهي وتصبح في سلة النسيان، بل ولا تستحق كل ذلك التهويل. ثقة العروس في نفسها تحد من مظاهر القلق على محياها طبيعة العلاقة وقالت "منال" -شابة متزوجة حديثاً-: إن الخوف سببه الأول هو طبيعة العلاقة التي تربط الطرفين بعد عقد القران، فإن كان هناك تقارب وتواصل ولقاءات بينهم، فلن تكون هناك مشكلة، إما إذا كانا قد تزوجا بالطريقة التقليدية ولا تراه إلاّ في "ليلة الدخلة"، فطبيعي يتولد الخوف عندهما، فكل واحد منهما سيشعر بالغربة والارتباك والتوتر، وهما لأول مرة في غرفة بابها مغلق. مناهج تثقيفية وأكدت "أم سلام" على أن الخوف والرعب عند الفتاة سببه قلة الوعي والإرشاد من قبل الأهل أو حتى المدارس، والتي طالبنا كثيراً أن يكون فيها مناهج تثقيفية للفتيات، ليحد من هذا الخوف، مضيفةً أن المعرفة السطحية لهذه الليلة ومكنوناتها وقلة الوعي الجنسي والخوف من طرح هذه الأمور، يُعد سبباً كافياً لشعورهن بالخوف الذي ينعكس سلباً على الزوج عندما يصادف زوجة خائفة ومرتعبة. بنات يبكين على «الكوشة» و«يقلبونها نكد» وآخريات واثقات ابتسامتهن «تشق الوجه».. عصر العولمة وأوضحت "نادرة البلوي" أنه ليس من المعقول أن تكون هناك فتاة جامعية ومتعلمة ترتعد خوفاً من تلك الليلة، فنحن نعيش ب"عصر العولمة"، وفرص التثقيف والاطلاع على آداب تلك الليلة وأسرارها أصبحت متوفرة لجميع المقبلين على الزواج، حتى أن البعض منهن يحرص على البحث عن المعلومات الصحيحة من الكتب والمواقع الالكترونية الطبية وليس من أهل الخبرة المحيطين بها؛ لأنهن يدركن أن كل شخص يختلف جسدياً وصحياً ونفسياً وثقافياً عن الآخر، مشيرةً الى أن فترة "الملكة" تبدد كل تلك المخاوف، لهذا ينبغي أن لا تكون تلك العلاقة سطحية، ذاكرةً أن أبرز عائق هو الحاجز النفسي وتجاوزه يعتمد على علاقة الزوجين أثناء فترة الملكة، وكيفية معاملة كل منها للآخر. اللقاء الأول وأكدت الأستاذة "أمنه حسن مصلوف" -مستشارة أسرية- على أن الزوجين يتطلعان لهذه الليلة ليبدأ كل منهما مرحلة جديدة مليئة بالمسؤوليات، وهذا أمر فطري، مضيفةً أن الخوف من ليلة العمر هو خوف طبيعي جدا ويعتري أغلب المقبلين على الزواج، موضحةً أن ما يعزز تلك المخاوف بشكل كبير في السابق، هو كثرة الروايات والقصص والتصورات التي تمر على مسامع الفتاة عن هذه الليلة، ولكن الواقع مختلف تماماً عن هذه الحكايات البعيدة عن الصحة، مشددةً على أهمية اللقاء الأول بين الزوجين، فنجاح هذا اللقاء يزيد من نسبة التوافق بينهما، لهذا ينبغي ألا تشعر بالحرج، فكل منهما يستجيب لغريزة فطرية أودعها الله فيه، وشرع له طريقاً مباحاً لإشباع هذه الغريزة. أهل الخبرة وقالت الأستاذة "خديجة باصرة" -مدربة ومستشارة أسرية-: الآن ومع التقدم أصبحت هذه الليلة أقل خوفاً من السابق، ففي الماضي كان التعامل مع هذه الليلة بشيء من القسوة والقوة، بل وتذهب لها الفتاة وهي تجهل كل شيء عن صفات الزوج، وكيفية التعامل معه، ناصحةً بالبحث عن حلول للتغلب على مخاوف تلك الليلة، وذلك بالرجوع إلى أهل الخبرة والاختصاص، خاصةً أن حياء الفتاة من والدتها يمنعها من سؤالها ومصارحتها بهذه المخاوف، لهذا لابد أن تلجأ لمن لهم خبرة في ذلك الموضوع، حتى تبني حياتها على طرق سليمة، مشددةً على ضرورة حضور دورات للمقبلات على الزواج، التي يتم فيها عرض كل ما لا يتعلق بالحياة الزوجية، عبر أخصائيات كفؤات، فثقافة الزوجين ومعرفتهما لأهمية هذه الليلة تقودهما إلى اتباع سلوكيات متحضرة.