ساهمت ثورة التقنية والمعلومات المتسارعة في تصعيد «معركة لطيفة» طغى عليها الطابع «الساخر» بين الشبان والفتيات، حيث كانت البداية مع دخول الشبكة العنكبوتية، ثم انتشار مواقع الدردشة والمحادثات، مروراً بالمنتديات الشبابية، التي يكون أغلب مرتاديها من مراهقي الجنسين، الذين يؤسسون مجموعات مختلفة ومتعددة بهدف إطلاق «النكات» و»التندر» على الجنس الآخر. وتطورت هذه المعارك مع تطور الأجهزة والتقنية لتصل في مرحلتها الآنية من خلال أجهزة «البلاك بيري»، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعية ك «الفيس بوك» و»التويتر»، وكذلك «اليوتيوب». «الرياض» تطرح الموضوع لمعرفة الأسباب الحقيقية خلف إطلاق النكات والتندر من كلا الجنسين، ولتوضح أهمية استخدام التقنيات الحديثة بطريقة تعود عليهم بالفائدة، بدلاً من إضاعة أوقاتهم بما لا ينفع. مقارنات ظالمة وصفت بعض الفتيات ما يفعله الشباب من استهزاء وسخرية بهن بغير المقبول، بعد أن عمدوا إلى إرسال رسائل المحادثات الجماعية على أجهزة «البلاك بيري»، مستخدمين آلية «البرودكاست»، وذلك للتقليل من شأن البنات ومقارنتهن بمثيلاتهن من الجنسيات الأخرى أو ببعض الممثلات المعروفات، إضافة للتعليق على طريقتهن بوضع المكياج المبالغ فيه وتشبيهه بالأصباغ الخاصة بالجدران، الأمر الذي دعى الفتيات للرد بالمثل، من خلال مقارنتهن بالممثلين في المسلسلات التركية والسورية، والتشديد على تدني ذوقهم في اختيار ملابسهم، والتعليق بأشد العبارات على الشباب الذين لا يخجلون من الخروج للشارع بملابس «سروال وفنيلة» ،وقميص النوم، بينما يرد الشباب على الفور يا أم «ركب سود». دعابة ومرح قد تتسبب بعض الفترات بهدوء نسبي ما بين الشباب والبنات، وذلك لانشغالهم بالامتحانات، أو لتفرغ الشباب بمتابعة بعض المباريات الرياضية المهمة، وهي التي تجعل دفة الصراع تتحول لتصب غضبها على زملائهم وأصدقائهم المنافسين بتشجيع الفرق الأخرى، حيث يتندر أنصار الفريق الفائز على الطرف الآخر بعد خسارته، إضافة لتقليل مؤازري الفريق المهزوم من أهمية الفوز أو بالتشكيك بالطريقة التي تمكن من خلالها خصمهم من إنهاء النتيجة لصالحة، ليعود بعد ذلك الصراع مرة أخرى بين الجنسين. ومن الملاحظ حصول بعض التوافق بين الطرفين من خلال انتشار بعض الرسائل التي تمدح الطرف الآخر، وتأكيد أن الاحترام والتقدير موجود حتى مع وجود «البرودكاستات» الساخرة، التي تُعد ك «الدعابة» والمزح بين الإخوة والأخوات في المنزل الواحد. شباب يقلدون صور البنات في مواقع التواصل الاجتماعي عبارات متداولة وطغت العبارات المتداولة والأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة العربية على ما يتم تداوله من رسائل جماعية في أجهزة «البلاك بيري» والبريد الالكتروني بقالب لا يخلو من الفكاهة، حيث تحورت عبارات ثورة مصر التي كانت تطالب بإسقاط «النظام» في الرسائل الالكترونية لمطالبة بعض الأزواج بتغيير «المدام»، بينما كانت العبارة الأشهر هي للرئيس الليبي «القذافي»، التي يستخدمها بعضهم في تهديد قائمته البريدية أو المضافة في جهازه بالحذف في حال عدم المراسلة الفعلية، مشددين على أن حملة الحذف ستبدأ بالإطاحة بجميع المتوقفين عن المراسلة «شخص شخص، اسم اسم، زنقة زنقة». بيانات حربية وتلجأ البنات بإطلاق التعليقات الساخرة على الحملات الشبابية مؤكدات على أن الحرب ستنتهي بهزيمة كبيرة للشباب، طالبين منهم العودة إلى رشدهم وعدم التقليل من شأنهن. وتستخدم البنات في بعض الأحيان عبارات أشبه بالبيانات الحربية التي تطلقها الجيوش أثناء خوضها الحروب، متوعدات الشباب الذين يتجرؤون على معاكستهن في الأسواق بالتعرض لقصف عنيف بأسلحة غير مسبوقة ومتنوعة، ك «حذاء الكعب العالي مقاس 51» أو بالحقائب النسائية الملغومة بقطع الحديد، إضافة لطلب المساعدة من قوات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لردع أي محاولات شبابية للتعرض لهن. تطور مذهل وعزا مختصون اجتماعيون هذه الظاهرة لما يعيشه الشباب من فراغ وكبت؛ لقلة الأماكن المخصصة لقضاء أوقات فراغهم، إضافة لانحسار أغلب المجمعات التجارية والمتنزهات للعائلات فقط، ما تسبب في تهميش شريحة كبيرة من المجتمع هي فئة الشباب. وأكد «يحيى القلاف» - باحث اجتماعي - على أن الانتشار السريع والتطور المذهل لوسائل التقنية والاتصال الحديثة التي فتحت العالم على مصراعيه حتى مع تحفظ كثير من المجتمعات التي فشلت في محاولة إبقائه في دائرة الانغلاق، هو ما ساهم للانفتاح بطريقة مبالغة بعض الشي لا تخلو من الانحراف. انفجار سلبي وحمل ما يحدث من تصرفات صبيانية يفعلها الشباب المستخدم للوسائل التقنية الحديثة، لسطوة المنغلقين فكرياً والمحاربين للانفتاح الايجابي، بعد أن حجموا وكبتوا الشباب لسنوات طويلة، جعلتهم ينفجرون بطريقة سلبية مع كل تقنية حديثة تقع بين أيديهم، مبيناً أن أكثر التقنيات لها جانبين حيث يمكن الاستفادة منها أو يتم استخدامها بطريقة سيئة، مستشهداً باختراع الديناميت الذي ساهم بدمار كبير جداًّ في الحروب، بينما يتم استخدام نفس المواد لتفجير بعض المناطق الصخرية والجبلية بهدف شق الطرق التي تخدم المصلحة العامة. استخدام أمثل وأضاف: هناك ارتباط وثيق بين المشاكل الشبابية والفراغ العاطفي والفكري والجسدي، الذي تعيشه شريحة تعذ الأكبر على مستوى العالم وليس المملكة فقط، ساهم على زيادتها المشاكل الشبابية، ذاكراً أن غياب التوعية الأبوية والمدرسية والمجتمعية لإبراز الجوانب الحسنة في التقنية، أدى إلى ظهور بعض التصرفات الخاطئة، حيث نرى بعض الدول المتقدمة تحرص على استخدام الأجهزة الحديثة والذكية ك «الايباد» في مناهجها التعليمية، بينما النسبة الأكبر في مجتمعاتنا تحرص على اقتنائها من باب «البرستيج» أو اللعب، وهو ما حدث مع كثير من التقنيات التي سبقتها.