قوبلت القرارات الملكية الأخيرة الخاصة بالقطاع التعليمي الأهلي بفرحة كبيرة حيث تضمنت الخطة زيادة رواتب المعلمين والمعلمات السعوديين العاملين في المدارس الأهلية بحد أدنى للرواتب هو 5 آلاف ريال وتوجهت العديد من المدارس الأهلية منذ أمس الأول إلى وضع خططها وعقودها الجديدة وفقاً للقرارات الحديثة مع بداية العام الهجري الجديد.. تاريخياً ومن المنطقة الغربية والشرقية وتحديداً في الأيام الأولى من دخول الملك عبد العزيز مكةالمكرمة حيث تم عقد أول اجتماع تعليمي في تاريخ المملكة حينما دعا في جمادى الأولى من عام 1343ه 1924م العلماء في مكة إلى اجتماع عام حثهم رحمه الله على نشر العلم والتعليم وتنظيم التوسع فيه وقد تأكد هذا الاهتمام المبكر بنظام التعليم بإنشاء مديرية المعارف العامة الذي تم بتاريخ 1/9/1344ه 1925م، وقد كان تأسيس مديرية المعارف العامة هو بداية التعليم الذي شمل مراحل التعليم وأنواعه وكان السلم التعليمي في نظام التعليم في المملكة حتى عام 1362ه 1942م يتكون من ثلاث سنوات تحضيري وأربع سنوات ابتدائي وأربع سنوات ثانوي، ثم زادت فيما بعد سنة أخرى توجيهية، وبذلك يكمل الطالب نصاب اثنتي عشرة سنة دراسية يلتحق بعدها بالجامعة. هذا وتخصص المملكة نصيب الأسد في ميزانيتها السنوية للتعليم بشكل عام وفيما يخص التعليم الأهلي فقد اهتمت القيادة السعودية بتشجيعه وإخضاعه لإشراف الجهات التعليمية المختصة فنياً وإدارياً وعلمياً وفق ما جاء في المادة (175) من السياسة العامة للتعليم، ولعل المتتبع لتطور التعليم أو الاستثمار يلاحظ تطور وزيادة عدد وكفاءة الاستثمار في القطاع التعليمي وبلغة الأرقام وبحسب ما جاء في خطة التنمية الوطنية السادسة فقد بلغ عدد المدارس الأهلية في المملكة أكثر من (1100) مدرسة للبنين والبنات ويشكل طلاب المدارس الأهلية أكثر من 7٪ من إجمالي عدد طلاب المملكة وتشهد هذه الأرقام زيادة طردية كل عام لاسيما مع تقديم إعانات مادية سنوية لها.. وجاءت السنوات الخمس الأخيرة لتشهد تأكيداً وتوجيهاً حازماً فيما يخص السعودة وخاصة المدرسين والمدرسات في القطاع الأهلي وبالرغم من الجهود المبذولة في هذا الجانب إلا أن الواقع لا يزال أقل من التطلعات وفقاً للخطط التعليمية الوطنية خاصة مع تزايد أعداد خريجي الجامعات وكليات المعلمين والذين بات توظيفهم يشكل أزمة في ظل استمرار ارتفاع نسب قبول الجامعات وقلة الفرص الوظيفية. وفي سبيل اتخاذ خطوات عملية نحو السعودة في المدارس الأهلية فقد صدر أكثر من قرار يخدم هذا الجانب فجاء الأمر بسعودة مدارس التعليم الأهلي بنسبة 80٪، ولكن للأسف بعد فترة ليست بالطويلة تبين جمود هذا القرار وعدم فعالية التنفيذ ولوحظ على أرض الواقع الاكتفاء بسعودة المهن الإدارية ثم أصدرت وزارة التربية والتعليم بالاتفاق مع وزارة العمل عقداً موحداً للتعاقد مع المدرسين والمدرسات السعوديين، وتم الاتفاق مجدداً بإلزام المدارس الأهلية بحد أدنى لرواتب المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية، وهو للأسف متدنٍ جداً ولا يتناسب إطلاقا مع الجهد المبذول في هذه المهنة المجهدة والمتطلبة وحسب مصادر مؤكدة كانت تلك الرواتب خصصت الحد الأدنى لراتب المدرس الذي يحمل الشهادة الجامعية ب 2400 ريال، أما حاملو الشهادة الجامعية مع الدبلوم فالحد الأدنى لرواتبهم 2700 ريال. ولاشك أن هذه الرواتب دون المستوى الطبيعي لضمان حياة كريمة في ظل الغلاء المعيشي الذي يشهده الوضع الاقتصادي بالعالم كله.. هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو مشكلة ملاك المدارس الخاصة الذين يفضلون عدم الالتزام برفع مستوى السعودة وتقديم الحد الأدنى من الرواتب دون أي حوافز أخرى، ومن البديهي ملاحظة انسحاب الكثيرين من منسوبي ومنسوبات تلك المدارس بسبب تدني الرواتب وانعدام الحوافز المادية في حين قبول غير السعودين بنفس الراتب مما كان له الأثر الأكبر في فشل السعودة أو على الأقل عدم نجاحها حسب المأمول.. وفي دراسة حديثة أكدت أنه على الرغم من ارتفاع نسبة عدد المعلمات السعوديات إلى غير السعوديات في مدارس البنات لتصل إلى متوسط يقدر ب 70 في المائة تقريباً، إلا أن نسبة المعلمين السعوديين تنخفض في مدارس البنين لتصل إلى 22.2% فقط من إجمالي المعلمين، كما أن النسبة العامة لكل من المعلمات والمعلمين السعوديين إلى غير السعوديين لا تزيد على 44% من إجمالي المعلمين، وهي نسبة لاشك دون الأهداف خاصة أن وزارة التربية والتعليم بذلت الكثير من الجهود لتحقيق ذلك. وقد جاء القرار الملكي الأخير فيما يخص تحديد الحد الأدنى للرواتب ب 5000 ريال قراراً سليماً لتحقيق السعودة بصورة عملية مدروسة وبادرة الكثير من المدارس الخاصة من يوم أمس إلى عقد الاجتماعات بالمعلمين والمعلمات لوضع الخطط الجديدة وفق القرار السامي وتنفيذه مع بداية السنة الجديدة وتجهيز العقود الخاصة بذلك وتوقع الإقبال على الوظائف داخل المدارس الأهلية على عكس ما كان من قبل، كما اقترح عدد من مديري ومديرات القطاع التعليمي الخاص أن يكون للإداريين والإداريات أيضاً نصيب من تلك التحسينات لاسيما وأن الجهود المبذولة متشابهة مثمنين ما يقدمه خادم الحرمين الشريفين لخدمة كل ما يخص التعليم في المملكة.