استمر الحد الأدنى لراتب المتقاعدين لمدة طويلة عند 800 ريال إلى أن قرر الملك فهد بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته- في عام 1999م بناء على توصية مجلس إدارة المؤسسة العامة للتقاعد رفعه إلى 1500 ريال. وفي عام 2005م قرر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله بن عبدالعزيز –حفظه الله- زيادة رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 15% بما في ذلك المتقاعدين، وبالتالي ارتفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين بنفس النسبة ليبلغ 1725 ريالا. كما أصدر -حفظه الله- في عام 2008م أوامره بأن يتم منح موظفي القطاع العام بدل غلاء معيشة بواقع 5% تراكمية لمدة ثلاث سنوات. وفي 23 فبراير 2011م أمر -حفظه الله- بتثبيت بدل غلاء المعيشة ودمجه مع الراتب الأساسي وقد شمل أيضاً المتقاعدين، وبذا يرتفع الحد الأدنى لرواتب المتقاعدين بنسبة 15% ليصل إلى 1983,75 ريالا (يُتوقع أن يجبر إلى 1985 ريالا). وفي 18 مارس 2011م، اعتمد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدلله بن عبدالعزيز –حفظه الله- الحد الأدنى لرواتب كافة فئات العاملين في القطاع العام من السعوديين عند 3000 ريال. وأقر–حفظه الله- في الذكرى السادسة للبيعة الميمونة سلم رواتب الموظفين المدنيين العاملين في الدولة. وترتب على ذلك زيادة إجمالي رواتب موظفي القطاع العام الذين على رأس العمل بنسبة 26,6% تقريباً. أما المتقاعدون فسيستفيدون من بدل غلاء المعيشة (15%) الذي بلغت تكلفته التقديرية على المؤسسة العامة للتقاعد ما يزيد على 8 مليارات ريال خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وبما أن بدل غلاء المعيشة تدرج من 5% إلى 10% إلى 15%، فيتوقع أن يكلف تثبيته 4 مليارات ريال سنوياً. لكن المؤسسة العامة للتقاعد ستستفيد من قرار التثبيت عن طريق زيادة حجم الاستقطاع من رواتب الموظفين على رأس العمل، خصوصاً بعد زيادة سلم رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين العاملين في الدولة. المتقاعدون المحتملون سيستفيدون من زيادة سلم الرواتب الجديد، أما المتقاعدون القائمون فيقدر عددهم بحوالي 861 ألفا ، وتقدر تكلفة شمولهم بالزيادة حوالي 4,16 مليارات ريال سنوياً. وبالتأكيد ستكون تكلفة متناقصة من سنة لأخرى. لكن عملية التناقص ستكون بطيئة نتيجةً لطول فترة الصرف على المتقاعدين، ثم على أسرهم من بعدهم. المؤسسة العامة للتقاعد لها ذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة وتندرج ضمن القطاع شبه الحكومي، حيث تقوم باستقطاع ما نسبته 18% من رواتب الموظفين على رأس العمل في القطاع العام العسكري والمدني (9% على الموظف، و9% على الجهة التي يعمل بها)، وصرفه على المتقاعدين مع استثمار الفوائض المالية. وبالنسبة للقطاع العسكري، فالمتحصلات الشهرية المستقطعة من رواتب الموظفين أقل من حجم الصرف على المتقاعدين خصوصاً بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –رحمه الله- في عام 1992م تفعيل المادة (11) من نظام التقاعد العسكري التي تقضي بأن يبدأ سن التقاعد من 44 عاما للأفراد إلى 52 عاما لرئيس الرقباء. وهو ما ترتب عليه زيادة فترة الصرف على المتقاعدين من القطاعات العسكرية التي تتميز بمرتبات أعلى ومزايا تقاعدية أفضل من المدنيين ، وهذا الأمر أدخل المؤسسة في المنطقة السالبة عن طريق السحب من المخزون (أرصدة استثماراتها القائمة). ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة للموظفين المدنيين، فالمؤسسة العامة للتقاعد قد تجاوزت نقطة التعادل وبدأ الهرم الوظيفي بالانقلاب. واستناداً إلى أعداد الموظفين المدنيين والعسكريين في القطاع العام ومتوسطات المرتبات؛ فالأرجح أن يكون إجمالي الصرف الشهري على المتقاعدين قد تجاوز حاجز الثلاثة مليارات ريال (أي ما يزيد على 36 مليار ريال سنوياً)، وبالتالي فالمتوقع أن أي زيادة في مرتبات المتقاعدين سيتم تحميلها على وزارة المالية (الخزينة العامة)، خصوصاً أن الزيادة الجديدة في سلم الرواتب ستضيف عبئاً مالياً جديداً على المؤسسة العام للتقاعد. فإيراد المؤسسة ستزيد بنسبة 4,7% (18% × 26%) أي 638 مليون ريال تقريباً، بينما عليها أن تتحمل تكاليف زيادة المعاشات للمتقاعدين الجدد الذين يتوقع -وفقاً لبيانات السنوات الأخيرة- أن يتراوح عددهم خلال العام الحالي بين 25 إلى 30 ألف متقاعد من العسكريين والمدنيين، ونصفهم على الأقل سيستفيد من زيادة سلم الرواتب. ويتوقع في نهاية هذا العالم أن يفوق إجمالي المبالغ المصروفة على المستفيدين 38 مليار ريال، وأن لا يتجاوز إجمالي المبالغ المحصلة 28 مليار ريال (نصفها من المشتركين على رأس العمل والنصف الآخر من الجهات التي يعملون بها) . مما يرجح أن يتجاوز الفرق بين المبالغ المحصلة والمصروفة 10 مليارات ريال. [email protected] * مستشار اقتصادي