لو كان لديك خيار في أن تبكي أو تضحك مما أنت عليه الآن ,فإن الكثيرين سوف يفضلون دائماً أن يضحكوا لأن الضحك لا يتطلب كثيراً من النفاق أو التظاهر , إلا عند فئة قليلة من الناس ... ويذكر كثير من علماء النفس والطب النفسي أن الحياة المعاصرة التي نعيشها تجعل الإنسان يعيش في دوامة متسارعة من التغيرات التي تؤثر في أعصابنا وتجتاح عقولنا وقلوبنا وتؤدي إلى كثير من الأمراض النفسية والعضوية التي يمكن علاجها بالضحك . والضحك كما تقول احدى الموسوعات العلمية هو حركة تعبيرية تنشأ من اهتزازات (زفير) مولدة لصوت قصير وقوي في الحنجرة , وتترافق مع حركات عضلات الوجه , وقد تمتد درجات الضحك بداية من الابتسام حتى تصل إلى ما يسمى بالضحكة التشنجية . وينطلق الضحك كما يقول الأطباء من القشرة الدماغية عبر جذع الدماغ (المهاد) إما انعكاسياً بتأثير بعض المنبهات الخارجية مثل الدغدغة، أو بصورة متكررة بتأثير انفعالات ذات طابع مفرح في الغالب أو نتيجة لتفريغ توتر داخلي شديد . ويرى الفيلسوف الفرنسي برغسون أن الضحك هو نتيجة لمفارقات اجتماعية , مثل أن ينزلق شخص كبير المقام على سجادة أو قشرة موز ....إلخ ويضحك الطفل عندما يصل عمره أربعة شهور بعد أن يكون بكى كثيراً , ولهذا فإن الأطفال يضحكون حوالي 400 مرة يومياً بينما لا يضحك الكبار أكثر من 15 مرة , أما المتشائمون والمصابون بالاكتئاب فإنهم لا يضحكون إلا نادراً .... والضحك له فوائد طبية نفسية كثيرة , لأنه يحدث تغيراً فسيولوجيا يساعد على تجديد النشاط الحيوي , ويولد الشعور بالبهجة ويزيل الانقباض النفسي , ما يدفع إلى تنشيط التفكير بطريقة تمنع القلب والاكتئاب والملل . والضحك يزيد من إنتاج الهرمونات الجيدة مثل النواقل العصبية والإندروفينات التي تجعل الإنسان سعيداً ومرحاً , كما أنه يقلل من الهرمونات السيئة مثل الكورتيزون والأدرنالين , ويزيد من عدد الخلايا المنتجة للأضداد , وينشط خلايا T والخلايا القاتلة الطبيعية التي تحمي الإنسان من بعض الأمراض ... والضحك كما يقول المثل خير دواء , بل الضحك يكبح بعض أمراض الحساسية كما يقول العالم هاجيمي كيماتا كما تدل دراسته على مجموعة من الأشخاص ... فقد خضع 26 شخصاً يعانون التحسس من العث المنزلي لاختبار يقوم على مشاهدة فيلم (الأزمنة الحديثة) لشارلي شابلن والذي يدوم حوالي 90 دقيقة , وقد وجد أن التحسس أصبح أقل .... والضحك يؤدي إلى استرخاء الأوعية الدموية والعضلات مع تنظيف الشعب الهوائية نتيجة لحركة الرئتين من زفير وشهيق , كما أن الزفير يسهم في التخلص من الغازات الضارة وخاصة ثاني أكسيد الكربون . ولا شك أن الضحك يؤدي إلى مزيد من التنفس بحيث يَحدث تبادل مستمر ومتسارع بين الهواء الغني بالأكسجين، والهواء المستهلك , وينتج عن هذا مزيداً من عمليات الاحتراق في الجسم مع تسارع ضربات القلب ثم تتباطأ بعد ذلك ما يؤدي إلى انخفاض الضغط , وتتنشط غدد الهضم , وتنطلق هرمونات السعادة المسكنة للألم وهي الأندروفينات والتي لا توجد في الدم إلا في حالات نادرة عندما يقوم الإنسان بالمشي أو الجري لمسافة طويلة . اضحك أو ابتسم دائماً , اضحك مع الأصدقاء واضحك على الأعداء الذين يحيكون لك المصائب , اضحك حتى عندما تكون أنت ضحية لضحك الآخرين ... اضحك تضحك لك الدنيا وتأكد أن يوماً من غير ضحك لهو يوم ضائع من عمرك , فاضحك فإن حياتنا لا تستحق التكشير .. اضحك واضحك فلا شيء يستحق أن تبكي منه أو عليه ...