ما يحدث في الساحة اللبنانية، وعلى المنابر السياسية من اتهامات، واتهامات مضادة، ومشادات تصل أحياناً إلى درجات الغليان. وتستخدم فيها مفردات التخوين، والتهديد، الأمر الذي يوحي لك بهواجس الخوف والفزع من احتمالات سيئة ليس أقلها العودة إلى مآسي الحرب الأهلية، وظروف ومناخات العام 75، وقيام لغة الرصاصة، والقتل، والتدمير، وانبعاث تلك الروائح الطائفية العفنة التي تتمترس في الأحياء، والمناطق على امتداد جغرافية لبنان خلال الحرب، وأحدثت فرزاً سكانياً مذهبياً، وليس فقط طائفياً. ما يحدث الآن - في اعتقادي - لا يخيف، ولا يمكن أن تأخذه على محمل الجد، والوعي الكامل بخطورته..!؟ ما يحدث في لبنان - الآن - هو نوع من التكاذب، ونوع من المزايدات، ونوع من السباق نحو المكاسب..!؟ لا تصدقوا - مطلقاً - أن هناك من السياسيين من يريد قيامة لبنان واسترداد عافيته في كل مجالاته. لا أحد يهمه كثيراً الوضع الاقتصادي المخيف، ولا الدين العام الذي يثقل انطلاقة لبنان، ولا الوضع المأساوي للأسرة اللبنانية التي تعجز عن توفير الدواء، والتعليم، والغذاء، ومستلزمات الحياة العادية البسيطة..!؟ لا أحد يهمه القضاء على الفساد في الادارة، والحد من السرقات، والنهب والمحاصصة في الإنفاق على الإنماء، هذا إذا افترضنا أن هناك إنماء، وتحصين مال الدولة من الهدر، وإغلاق مسارب وقنوات ذهاب الأموال إلى النافذين من ذوي السلطة (صرف على تأهيل الكهرباء في لبنان أحد عشر مليار دولار، ولاتزال بيروت العاصمة بدون كهرباء أحياناً).!؟ ولا أحد لديه هموم إصلاح المؤسسات المدنية في لبنان، وتوفير المناخات الملائمة لكي تقوم بأدوارها في تحصين السلم الأهلي، واستقلال المؤسسات عن تأثير السياسيين، وتدخلاتهم، والقضاء على كل أنماط الطائفية، والمذهبية، ليكون لبنان واحة للديمقراطية الحقيقية، وليس مزارع، ودكاكين للانتماءات الخارجية..!؟ لا أحد في لبنان يمارس فضيلة الصدق مع النفس، ومع الناس، ويستشعر دور لبنان، وأهميته كواحة ثقافية، وفكرية أثرت العالم العربي بوعي وتنوير عروبي فاعل في صياغة العقل، وتكوين الفكر، وتشكيل التطلعات، وأنه وطن الفضاءات الرحبة، والشموس المتوهجة، والحريات الإنسانية التي ينشدها كل من أحرقته نار حكم العسكر في الوطن العربي الكبير. إذن: - ماذا يحدث في لبنان - الآن - !؟ إنه نوع من أنواع التكاذب، والخداع، وكل يفهم الآخر تماماً، أنها معارك انتخابية للوصول إلى البرلمان اللبناني في الانتخابات القادمة، ومحاولة إبراز الأحجام لقوى سياسية ظلت تهيمن على الحياة السياسية اللبنانية زمناً طويلاً..!؟ بعد الانتخابات، وانفضاض السامر، ووضوح الخارطة السياسية للقوى التي ستفرزها صناديق الاقتراع، سيعود المتخاصمون إلى تفاهماتهم الأزلية في توزيع الغنائم، والمغانم..!؟ إذن.. ايضاً. هي مرحلة زمنية لنا تتعدى الشهرين، وتعود المياه إلى مجاريها، وتعود الحياة كما كانت في لبنان قبل الانتخابات، وتعود ليالي الأنس في الجبل، وعلى الشاطئ. لا تفزعوا أن يكون صيف لبنان مرعباً، ومخيفاً، فالمسألة جد كاذبة وسطحية وهزلية..!؟ وكل عام ولبنان بخير، إلا قبل إلانتخابات..!؟