ضحكات بريئة، مداعبات وممازحات رومانسية في الكلام، هدايا وأحلام وردية، هكذا تبدو فترة الخطبة بمنتهى الجمال والعذوبة، تلك الفترة التي تُعد مرحلة مهمة كونها فترة الاتفاق على كثير من أمور الزواج.. التعارف أولها، وترتيبات السكن وحفل الزفاف آخرها، ولكن كثيرا من الخاطبين يقع في عدد من السلبيات التي يجب مراعاة البعد عنها في هذه الفترة، لعل أهم تلك السلبيات هي المكالمات الطويلة والمتواصلة يومياً، والتي من شأنها أن تُسرب الملل داخل جوف أحدهما أو كليهما، وبالتالي قتل فرحة الزواج. «الرياض» تطرح الموضوع مستطلعةً آراء المخطوبين والمخطوبات؛ للتعرف على تجربتهم، وتوضح أهمية فترة «الخطبة»، على اعتبار أنها من أهم وأجمل الفترات في حياة الشاب والفتاة، الأمر الذي يُحتم استغلالها بما هو مفيد للطرفين، فهناك من يجعل «فترة الخطبة» للهيام والعشق، دون أن يحاول وبذكاء طرح بعض الأسئلة أو الموضوعات المهمة، ليستشف أحدهما جوانب من شخصية الآخر، بل ويعرف ما هي مزاياه وعيوبه. جميل حين يكون الحديث مختصراً ومركزاً على العاطفة والفكر معاً ويكسر حاجز الخوف ملل وخلافات في البداية قالت «عبير السعيداني»: فترة الخطوبة فترة مهمة في التعرف على الخطوط العريضة لشخصية الطرف الآخر، وعلى أولويات حياتهما معاً، وهذا الأمر مبني على ذكاء الطرفين ونوعية الأسئلة المطروحة، مضيفةً: «حين تكثر المكالمات بشكل يومي ودون معرفة ما هو الهدف من هذا الحوار القائم لساعات متواصلة؟، فإن الملل سيحاصرهما، وقد تبدأ مرحلة من الخلافات والمشاكل»، مشيرةً إلى أن هناك عددا من المخطوبين منذ اليوم الأول من «المِلكة» والجوال لا ينزل من أيديهم، مكالمات ورسائل، بل ويمضي اليوم كله «سوالف»، ذاكرةً أنه إذا كانت الخطوبة لمدة سنة وكانت المكالمات بمعدل عال، فماذا نتوقع بعد الزواج إلاّ الملل والفتور وعدم وجود موضوعات تجمعهما، إلى جانب حالة من الصمت الدائم؛ لأنهم استنفذوا جل طاقاتهم العاطفية، فلا يكون هناك شيء جديد غير التقارب الجسدي، موضحةً أن مثل هذا التقارب لا يعتمد عليه فقط لتقوية العلاقة واستمرارها، فجهل الخاطبين بمثل هذه المعلومة من الممكن أن يعصف بزواجهما في هذه الفترة المهمة. شاب يتحدث إلى خطيبته عن تفاصيل «ليلة العمر» تعارف دقيق وأكد الشاب «ماجد» على أن الانسجام والتناغم ما بين الأزواج له مقدماته الأصيلة من التعارف المشروع، وأهمها فترة الخطبة التي يجب أن تكون فترة تعارف دقيق، وقد لا يوجد هناك من لا يحب أن يتبادل مع مخطوبته الكلام الرومانسي تمهيداً لعلاقة عاطفية متينة بعد الزواج، مبيناً أنه من المهم عدم الاسترسال في الكلمات العاطفية التي تؤدي الى ثورة المشاعر؛ لأنها تلغي حواجز كثيرة، خاصةً مع تزايد نسبة طول المكالمات وعدم مراعاة أن يكون وقت المكالمة في وقت مناسب وليس منتصف الليل، لافتاً الى أنه لا يؤيد منعها بتاتاً، ولكن يُطالب الخاطبين بشيء من التوازن؛ لأن المكالمات المتكررة وبكثرة تقلل من وهج وطعم اللقاء في ليلة الدخلة. حنان: أحلى أيام عمري أروع الفترات وعلى العكس تماماً يأتي رأي «حنان سالم»، حيث تقول: لقد ألهب الشوق قلبينا طوال فترة المِلكة، حيث نتحادث بشكل يومي، فأصبحنا ننتظر تلك اللحظة التي تجمعنا تحت سقف واحد بشغف شديد، فهذه المكالمات من أروع فترات لحظات حياتي، نتجاذب أطراف الحديث ونحاول اكتشاف بعضنا، موضحةً أنهما استمتعا ب»الحب الحلال»، وبكل شي حولهم، حتى المشاكل والخلافات واللحظات الرومانسية، بل استمتعا بضغوطات فترة الخُطبة وتدخلات الأهل وانتقاداتهم لهما جميعهاً، فلماذا نحرم أنفسنا الاستمتاع بجمال تلك الفترة، لاسيما وأن هناك الكثير من المتزوجين مازالوا يشتاقون لها. عبير: الفتور مزعج حُب صادق وقالت «منال العلي»: إن هذه المكالمات هي الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحب الصادق والمشاعر المتدفقة وكذلك الأشواق المتلهفة، حيث لا توجد خلال تلك الفترة مسؤوليات أو واجبات، كما أنه لا يوجد قانون معين للمكالمات نسير عليه، مشيرةً إلى أن خطيبها من خلال تلك المكالمات يشاركها أدق تفاصيل حياتها اليومية، حتى أني أشعر بأن للجوال قيمة كبيرة، مضيفةً أنها من أجمل اللحظات حين يقول لي «ما أبي أحد يصحيني إلا أنتي»، وهنا لا أضبط المنبه خوفاً من عدم سماعه، بل أبقى مستيقظة حتى لو ذهبت إلى جامعتي وأنا «مواصلة»، فهذا من شأنه أن يشعرني كم أنا مسؤولة وقريبة منه. ماجد: التوازن مطلوب حدود معينة وتحدثت «صالحة العطوي» قائلةً: أنا مخطوبة منذ سنة وخمسة أشهر، وأتواصل مع خطيبي بالمكالمات و»الماسنجر» وكذلك ب»البلاك بيري»، وقد وجدت من خلال تجربتي ضرورة وضع حدود معينة لهذه الفترة، كما أنني أرى أن هناك بعض المسموحات التي تعبر عن المشاعر، فمن حقي أن أعبر عن مشاعري وأن أقول له كلمات الحب، مشيرةً إلى أنها ضد فكرة التأخر مع خطيبها حتى ساعات متأخرة من الليل في المكالمات، ذاكرةً أن فترة الخطوبة رغم شفافيتها إلاّ أنها فترة حاسمة وضرورية في حياة الشاب أو الفتاة لكي يرسما مستقبلهما سوياً ويتعرف كل منهما على الآخر وسجاياه، بل ويكتشف مساوئه ويعرف مزاياه، مشددةً على ضرورة ابتعاد الخطيبة عن التحفظ على التعبير عن مشاعرها وعدم الإفصاح عن وجدانياتها، فالطرف الآخر يشتاق ويحتاج لسماعها منها، خصوصاً في تلك الفترة التي هي من أخصب الفترات التي تسبق الزواج وأكثرها تعلقاً بالذاكرة. إزالة الحواجز ويعلق الشاب «سلطان محمد» قائلاً: إنه يستغل تلك الفترة في إزالة الحواجز بين الزوجين مثل الخوف والتوتر، مضيفاً أنه مع ضرورة أن تكون المكالمات على خفيف، إلى جانب الابتعاد عن الرومانسية الزائدة، فتلك الأيام العذبة يكفيه فيها توضيح العناوين البارزة لشخصيات الطرفين بكل صدق وصراحة، وبعيداً عن «المهايط» والتصنع والمبالغة والمثالية الزائدة، فمثلاً: أحدهم يعد خطيبته بالسفر إلى تركيا لشهر العسل، ثم تتفاجأ بعد الزواج بنزهة على البحر لمدة يومين! ضياع الوقت وذكرت «هيام عبد الله» أن المكالمات بين المخطوبين تعد فرصة للتقارب لا يستهان بها، بشرط أن يكون هناك نوع من الانضباط والحدود لتبقى مسافة لا بأس بها، وحتى لا تصبح هذه المكالمات هاجسا لدى الطرفين، فتكون عادة وإدمانا لا فائدة منها سوى ضياع الوقت والملل من تكرار الكلام، مبينةً أنه على الرغم من مُضي أقل من سنة على خطبتها إلا أنها أصبحت تتهرب من مكالمات خطيبها، إذ لا جديد لديه يتحدثان به، وإذا كلمته يبدأ يتحدث في أمور لا تروق لها، لهذا تعتذر دائماً أن بطارية الجوال ضعيفة وتُنهي المكالمة، مشددةً على ضرورة أن تكون فترة ما بعد المِلكة ويوم الزفاف فترة قصيرة جداًّ، وإن طالت لظروف معينة يجب أن تحرص الفتاة على «الثقل» وعدم الاندفاع بعواطفها، فالملل دائماً يتصيد المحبين مهما كانت قوة علاقتهما. عبارات إيجابية وقالت الأستاذة «سميرة الفارسي» -مديرة القسم النسائي لمركز مودة الاجتماعي للإصلاح والتوجيه الأسري-: إن تلك الأيام من أهم وأغلى الفترات بحياة الشاب والفتاة، لهذا يجب عليهما منذ البداية استيعاب عدد من القواعد ليحسن استثمار تلك الأيام، وذلك بالتعرف الجيد على كل ما يخص الطرف الآخر من صفات، مبينةً أن الأهمية تتطلب التعود على استخدام العبارات الإيجابية وتخصيص وقت للحوار، مع اللجوء إلى التصرفات الصغيرة المعبرة عن المحبة الصادقة في تلك الأيام الثمينة، وباعتبار أن تلك المكالمات هي أهم جسر للتواصل بينهما، ناصحةً بعدم الوقوع في عدد من الأخطاء التي من شأنها أن تؤثر عليهما بشكل سلبي مستقبلاً، ولعل أهم تلك الأخطاء هو جعل تلك الفترة فترة للهيام والعشق، دون أن يحاولا وبذكاء طرح بعض الأسئلة أو الموضوعات ليستشف أحدهما جوانب من شخصية الآخر، بل ويعرف ما هي مزاياه وعيوبه، وأحياناً تمضي تلك الفترة ولم يتعرفا على أمنيات أو طموح أو حتى شروط أحدهما، لهذا لا بد من التحضير المسبق لكل ما نرغب معرفته في تلك الفترة. مكالمات مدروسة وشددت على أهمية الابتعاد عن التواصل المكثف بأي وسيلة من وسائل الاتصال (هاتف، ايميل، ماسنجر، برامج التحادث)، ويكفي أن تنحصر في مكالمات مدروسة، بالإضافة إلى تجنب الحديث عن تفاصيل الحياة والاكتفاء بالمجمل، وعدم محاولة قطف الثمار قبل نضجها، مشيرةً إلى أن الضرورة تُحتم الاعتدال خلال تلك الفترة، والتي من المهم أن لا تكون المكالمات طويلة، بحيث يزيلان كل الحواجز بينهما ويدخل الملل إلى حياتهما وإلى نفسيهما ولا يبقى شيء للحياة الزوجية.