نجح مُضر في بناء قاعدة قوية للبطولات في زمن قياسي، فلم يدم البعد طويلا بين مُضر وتحقيقه لأقوى البطولات السعودية، رغم قلة الإمكانيات، وضعف الحالة المادية، والملاعب المتردية التي لاتصلح للتدريبات، بيد أنه بنى لنفسه مجدا مرصعا بالذهب ودخل ساحة اليد ليزيح أقوى الفرق المهيمنة على إنجازاتها (الأهلي والخليج) التي كانت بمفردها تتناوب على بطولات اللعبة، غير أن مجيء مُضر الذي ولد من رحم قرية صغيرة بالقطيف "القديح" في عام 1973م غيّر الكثير من معالم اليد السعودية وبات منافسا قويا في فترة وجيزة حتى أصبح بطلا لموسمين متتاليين بتحقيقه لبطولة الدوري 2011 محافظا على لقبه في الموسم الماضي. ولم يكن حلم المُضراويين فقط المنافسة المحلية، بل شرفوا الوطن في أول محاولة خارجية في البطولة الخليجية، ليستمر الحضور المتألق بوصافة البطولة الآسيوية والتي لم تكن نهاية التألق فأعقبها بثالث العرب في البطولة التي استضافها الوحدة السعودي أخيرا. أبو الرحى: المعاناة صنعت الأبطال وجلبت الذهب وكانت يد مُضر إلى ما قبل سنوات عدة ليست بالبعيدة مجرد فريق يحل ضيفاً على الدوري الممتاز؛ ليعود إلى مصاف أندية الدرجة الأولى واستمر حاله على هذا المنوال حتى قبل سنوات قليلة، إذ التف أبناء القديح حول بعضهم البعض وناقشوا وخططوا لهذا الفريق ليكون أحد الأندية الثابتة في الدوري الممتاز، ونجحوا بكل جدارة عندما حضر العمل الجاد والإصرار على تحقيق الهدف المنشود، ولم تقف قلة الإمكانيات عقبة في طريقه لأن الجميع أصروا على التحليق ونيتهم البطولات. * بداية التحليق واستطاع الفريق المُضراوي إثبات نفسه بجدارة كأحد فرق الدوري الممتاز التي تبحث عن المقدمة، بعد أن كان يبحث عن البقاء استطاع في موسم 2008 أن يفجر قنبلة قوية دوى ضجيجها وانتثرت شظاياها لتلحق الخسائر بكل الفرق ويعلن مُضر نفسه بطلاً لبطولة النخبة كأول حصاد للتغيير، الذي أثبت للجميع أن مُضر قادم بقوة إلى منصات التتويج ولا يقبل بغير الذهب. وبالفعل لم يكن مجرد كلام، بل كان الفعل يفوق القول، فلم يمهل أبناء القديح جميع المشككين في قدراتهم وأن حصولهم على البطولة كان بمحض الصدفة والحظ، بل أثبت مُضر أن بطولة النخبة ماهي إلا مفتاح للبطولات والزعامة لكرة اليد السعودية، واستطاع في الموسم الذي تلاه المحافظة على اللقب والمركز الثالث في بطولة الأمير فيصل بعد أن استمر لثلاثة مواسم يزاحم فرق المقدمة ويسجل نفسه أحد الأربعة الأوائل، واستطاع التربع على صدارة ترتيب فرق الدوري الممتاز ويستمر في الصدارة لا يهاب المنافسين الكبار ويلحق بهم الخسائر تاركهم في ذهول، وهو لا يمتلك أبسط الإمكانيات ولا تتوفر له حتى صالة ملاعب. آل يتيم: حان الوقت لمنح أبناء القديح منشأة رياضية *الدوري مُضراوي وفي الموسم الماضي كتب مُضر فصلا جديدا من قصص بطولاته، عندما حقق بطولة الدوري الممتاز 2010 وهاهو يتابع إنجازاته ويحافظ على لقبه، وسط مطاردة قوية من الأهلي والنور، فمُضر نجح في قلب معادلة اليد السعودية، وترك للمهيمنين عليها مطاردته بحثا عن الذهب بعد أن كان في السابق هو من يطاردهم ويبحث عن موقع له بين الكبار قبل أن يصطاد البطولات الواحدة تلو الأخرى. ولا يقل ناشئو مُضر أهمية عن كباره، فقد كتبوا أولى قصصهم مع البطولات في الموسم الماضي وحافظوا عليها في الموسم الحالي، وهنا تؤكد يد مُضر أنها لم تكتفِ بالاهتمام بفريقها الأول بل ترتكز على قاعدة صلبة من خلال اللقبين المتتاليين. الجنبي: جماهيرنا تستحق أكثر واعتبر قائد مُضر ولاعب المنتخب الأول لكرة اليد حسن الجنبي بطولة الدوري هدية قليلة بحق الجماهير التي وقفت وساندت الفريق منذ البداية وحتى تحقيق اللقب، ومؤكدا أنها لم تغب عن دعمها في جميع المواجهات، وأنها تستحق أكثر من بطولة. وقال: "مُضر ينقصه أشياء كثيرة لعل أهمها صالة خاصة بالنادي للتدريبات فوضع الفريق مؤسف، نحن لا نستطيع أن نتدرب كبقية الفرق الأخرى، وإذا توفر الدعم المادي المطلوب أؤكد أنها منشآت خاصة بها، وإذا توفرت لنا صالة فسيكون فريقنا من أهم الأندية الخليجية ومن المنافسين على البطولات العربية والآسيوية". وشدد الجنبي على أن مُضر يمتلك الإمكانيات الفنية بوجود لاعبين مميزين في مختلف المراكز والإدارة عملت على دعم الفريق حسب إمكانياتها، لذا نجحنا في المحافظة على لقبنا وأضفنا إنجازا إلى إنجازاتنا السابقة، ونأمل أن نقدم المستوى المأمول بحثا عن الذهب في بطولة النخبة". * المعاناة صنعت الأبطال وكشف المدرب الوطني لدرجة الناشئين لكرة اليد جعفر أبو الرحى عن معاناته الكبيرة التي يتجرعها يومياً مع الأشبال والبراعم الصغار الذين يتجاوز عددهم 80 برعماً، وذلك عندما يتدرون على تلك الأرضية الصلبة التي يؤكد أنها تشكل خطرا على الصغار قبل الكبار لا سيما عند حدوث أقل احتكاك أو سقوط، وقال: "لم توقف تلك المعاناة المستمرة تطلعاتنا وآمالنا حققنا بطولة ممتاز الناشئين هذا الموسم وأضفناها إلى بطولة الموسم الفائت، واخترنا الطريق الصعب نحو البطولات التي ولدت من رحم المعاناة". وأكد على مضيه وبقية المجموعة في بناء مستقبل مُضر واستمراره في الحضور المتألق في جميع مشاركاته المحلية والخارجية، وقال: "هي استراتيجيتنا، نبحث عن ديمومة المنافسة وليس الحضور المؤقت، واليوم صغارنا وكبارنا يستحوذون على البطولات كافة". * لا لتشكيك!! وظل المشككون في قدرات وإمكانيات تحقيق مُضر للبطولات مستمرا، بعد تحقيقه لبطولة النخبة في 2008 لتدني مستوى الأندية الأخرى؛ غير أن البطل احتفل بإنجازه واستمر في المحافظة على الألقاب وإضافة أخرى وكان له ما تمنى عندما كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق إنجاز قاري بفوزه ببطولة الأندية الآسيوية لولا الظلم التحكيمي الذي تعرض له في النهائي مع السد اللبناني؛ ليحل وصيفا بحضور فرق لها مكانتها آسيويا وخبرة كبيرة بالبطولات. ويشير مدرب الأبطال عبدرب الرسول الجزيري إلى أنه راهن على النجاح لثقته في لاعبيه وقدرتهم على الوصول للذهب، وقال: "من الصعب أن نخسر مهما كانت العوائق والأخطاء التحكيمية، نعمل وفق أسس صحيحة ولدينا البديل الجاهز، وغياب نجمين بارزين حسين خضراوي والحارس حسين عبد رب النبي لم يؤثر على الفريق وحققنا اللقب". وأشاد المشرف العام على الفريق علي سعيد مرار بالحضور الجماهيري الغفير الذي قدم من القديح ووقف خلف الفريق ليكون اللاعب رقم واحد حسب وصفه وأنه وراء تحقيق البطولة وقال: "لم نظهر بالمستوى المعهود في الشوط الأول نتيجة ما تعرضنا له من ضغط نفسي، وتسرع اللاعبين في تحقيق نتيجة إيجابية باكرة وبفارق جيد جعل الفريق يتأخر في الحسم". وأضاف: "الحمد لله على كل حال، حققنا الأهم بالمحافظة على لقبنا، ولم ندع جماهيرنا الوفية تعود حزينة، لأن التعادل أو الخسارة سيضعنا بعيدا عن الذهب ويدخلنا في حسابات معقدة مع الأهلي؛ غير أن لاعبينا كانوا على قدر المسؤولية ورسموا الفرحة على وجوه الجميع إدارة وجماهير وأعضاء شرف داعمين". * داعمون يستحقون الإشادة وشكر رئيس مُضر سامي آل يتيم جميع من وقف إلى جانب ناديه ودعمه، وقال: "أشكر أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد ونائبه الأمير جلوي بن عبدالعزيز والداعمين كافة من أعضاء شرف أحمد الزامل وعبدالله السيهاتي وجمال العلي فهؤلاء وقفوا معنا ودعمونا وساندونا، كل الشكر والامتنان لهم على دعمهم ومساندتهم المستمرة لنا في جميع المشاركات". وأضاف: "خلف اللاعبين الأبطال هناك أبطال حقيقيون هم الجماهير الوفية، التي لم تمل من دعمها وأهازيجها حتى والفريق متأخر طيلة المباراة كانت تساند وتؤازر إلى لحظة النهاية". وكشف آل يتيم عن أمنيته بأن يحظى أبناء القديح بمنشأة أو على أقل تقدير صالة للألعاب الرياضية وقال: "ننتظر من رجال الأعمال في الشرقية دعم النادي والاهتمام به حتى يستمر في مسيرة بطولاته".