شغلت قضية «عمل المرأة» مجالس العامة والخاصة في السنوات الأخيرة، وكأنها تعيد «جدلية» حق المرأة في التعليم، حيث مانع عدد كبير من حاضرة وبادية نجد، وبالأخص قرار فتح مدارس لتعليم البنات، واستمراراً لذات «الإستنادات» الدينية والاجتماعية يواجه عمل المرأة ذات الممانعة، ويشكل خيار «العمل عن بُعد» حلاً يمكن بواسطته تجاوز المعوقات، إلا أنّ حداثة التجربة تستوجب «سبر» التجربة و»محاكاة» الحلول التي تجعل منه تجربة تستحق التطبيق مادياً ومعنوياً. «نوف محمد» تعمل في كنترول إحدى الخدمات الإخبارية التي تقدم عبر الجوال، أكدت على أنها ربة منزل وأم لثلاثة أطفال، وعملها لا يستدعي أكثر من جهاز حاسب آلي ووسيلة اتصال بالإنترنت، قائلةً: «أنا خريجة قسم تاريخ وحاولت البحث عن وظيفة قبل إنجاب أطفال لسد احتياجاتي الشخصية ولم أستطع، ولكن منذ نحو سنة عملت في خدمة إخبارية عبر الجوال وأحصل على راتب شهري ثابت مقداره ألفا ريال بالإضافة إلى نسبة محددة على حسب عدد المشتركين في الخدمة شهريا»، والمبلغ الذي تتقاضاه نوف بحسب رأيها زهيداً لكنها تحاول فقط الاكتفاء في أمورها الخاصة، وعدم سؤال زوجها، كما أنّ العمل من المنزل هو مناسب لها لتكون قريبة من أطفالها، وعملها يومياً لا يتجاوز 2-3 ساعات. د.عبدالله الرزين وفي مجتمعنا هناك العديد من التخصصات المعطلة للفتيات، حيث إنّ الطلب عليها أكثر في بيئات عمل مختلطة قد لا يمكن تجاوزه نظامياً أو لرفض بعض الأسر عمل فتياتها في هذه البيئات المختلطة، حيث تؤكد «آلاء خالد» -خريجة قسم حاسب آلي تخصص برمجة- على أنها خلال أكثر من سنتين طرقت كل الأبواب ولم تجد أي وظيفة مناسبة، و عبر أحد المواقع الإلكترونية المخصصة للوظائف وجدت شركة تطلب مبرمجين للعمل عن بعد والعمل بالقطعة حسب الاتفاق مبدئيا، وبدأت بدخل شهري لا يتجاوز (1500) ريال، والآن تحصل على(7) آلاف ريال،كما أنها تكمل دراستها للحصول على شهادة الماجستير. «سارة القحطاني» نموذج مختلف لطالبة العمل عن بُعد فهي لم تحصل سوى على الثانوية العامة ودورات قصيرة في الحاسب الآلي، وقالت: «أعلم أنّ فرصي في العمل ضئيلة جداً لذا لم أجهد نفسي كثيراً بالبحث، ولإشغال وقتي والحصول على ما يمكن أن يدعم فرصي في العمل؛ قمت بالانضمام إلى مركز تدريب في الحاسب الآلي، وحصلت على عدة دورات قصيرة»، مضيفةً بأنها وعن طريق أحد المواقع الإلكترونية وجدت إعلاناً يطلب فيه موظفين وموظفات لإدخال المنتجات في موقع الشركة عبر آلية معينة يتم فيها فرز المنتجات حسب نوعها، حيث إنّ العمل لم يكن يطلب مؤهلات معينة.. فقط خبرة والقدرة على التعامل مع بعض تطبيقات الحاسب الآلي البسيطة التي اجتزتها، والآن لم تعد عبئا على عائلتها. وتتطلب الخدمات المقدمة من بعض الشركات وجود موظفين لخدمة العملاء لا تستدعي الحاجة لوجودهم داخل المكاتب وذلك لمحدودية الرواتب وتخفيض التكاليف، وشغل وظيفة «خدمة العملاء»، وإن كان من المنزل لا يعني عدم الحصول على الحد الأدنى من المؤهلات المطلوبة فبالإضافة إلى الخبرة في التعامل مع تطبيقات الحاسب الآلي والإنترنت بشكل خاص فعلى أن يكون الموظف على قدر كبير من الكياسة واللباقة والقدرة على الإقناع، «أماني سالم» تعمل في مركز خدمة عملاء لإحدى شركات بيع أجهزة الاتصال، قالت: «يتطلب عملي التواجد على جهاز الحاسب الآلي (ثماني) ساعات يومياً لتلقي اتصالات العملاء عبر الهاتف وتسجيل مشاكلهم عبر موقع الشركة وتقديم الحلول لهم، ذلك لا يعني أنني استيقظ من النوم لأبدأ العمل، وإنما يجب أن استعد قبل بداية فترتي بنحو نصف ساعة لقراءة إيميلات الشركة والتحديثات الجديدة المتعلقة بمنتجات الشركة». وتظهر الإحصاءات الرسمية أنّ معدلات البطالة لدى النساء أعلى منها لدى الرجال في السعودية، خاصة في فئة الحاصلات على البكالوريوس، واقترح رئيس اللجنة التأسيسية للجمعية السعودية للتدريب «د.عبدالله الرزين» أن تكثف الجهود نحو فكرة عمل المرأة عن بُعد بالإفادة من الحاجة لاستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات التي تتيح تنفيذ الأعمال دون تواجد فعلي للموظف في مكان العمل، هي خطوة تسد الاحتياج المادي للمرأة والأسرة بشكل عام، كما تمنح الفرصة للمعاقات جسدياً للانخراط في مجتمع أوسع، وأشار إلى أهمية التكاتفبين وزارة العمل «تشريعياً وإدارياً» ورجال الأعمال لإتاحة الفرص والمشاركة في التدريب والتوظيف. ومع التطور التقني الذي تشهده وسائل الاتصال يوماً بعد يوماً، وزيادة الطلب على دورات وشهادات ترفع كفاءة الموظف أو الفرد بشكل عام أصبح التعليم عن بعد وسيلة ثرية ومفيدة تختصر الوقت والجهد، تتيح بعض المراكز مدربين لتطبيقات الحاسب الآلي واللغة الإنجليزية والترجمة عن طريق الإنترنت، حيث يكون التعلم عن بعد والعمل عن بعد، ولتسجيل الراغبين في العمل عن بعد تشترط هذه المراكز الالتزام بالمواعيد والجدية وإعطاء معلومات صحيحة حيث سيتم التأكد منها، والمعرفة التامة باستخدام الحاسب الآلي والإنترنت، ولممارسة العمل يقوم كل مدرب بتسجيل مادته العلمية عن طريق أحد برامج الفيديو، كما يحترم المركز رغبة بعض المدربات من النساء في تدريب بنات جنسهن، مع توجه بعض الجامعات السعودية لإتاحة عدد من التخصصات عن طريق «التعليم عن بعد»، فإنها ستكون مناسبة لم يرغب منهم لاحقاً للعمل في التدريب والتعليم عن بعد، لإلمامهم بآلية العمل والتقنيات المستخدمة.