تبنت مشرفتان تربويتان تطبيق مشروع التعلم بالمشاريع في مقرر الإنشاء للمرحلة الثانوية -القصة نموذجاً-، وقد تم اختيار خمس ثانويات من المدارس التابعة لمركز الإشراف التربوي للبنات في البديعة، في الرياض؛ لتطبيق التجربة، وتتمثل تجربة المشرفتين في مكتب البديعة "حصة العمران" وزميلتها المشرفة التربوية "ريمه الخميس" في أنّ مقرر الإنشاء في الثانوية العامة يحوي مجموعة من المفردات التي تدخل في مجال الإبداع مثل المقال الصحفي، المقال النقدي، القصة القصيرة، الندوة، وهي موجودة في مقرر الإنشاء منذ عام 1425 ه، وهي مفردات مقننة ومدروسة بأسس تربوية سليمة من قبل وزارة التربية والتعليم، حيث تم التركيز على التعبير الوظيفي؛ إلا أنّ الطالبة تدرسها بطريقة تقليدية. وكانت أول خطوات التجربة توزيع "استبيان" على الطالبات للوقوف على إطلاعهن في الأدب بشكل عام، وكانت المفاجأة وجود أعداد كبيرة من الطالبات على معرفة وإطلاع خارجي على عدد من الكتاب والروائيين والقاصين، حيث كان متوسط الطالبات التي تم اختيارهن للالتحاق بورشة كتابة القصة من كل مدرسة أربعين طالبة تقريباً بإشراف وتدريب الكاتبة والروائية أميمة الخميس. واكتشف المشرفات بعض الطالبات تجاوزن المعلمات بسعة الاطلاع والمعرفة فهناك طالبات أديبات رغم صغر سنهن، وهذا نتيجة الانفتاح على الكتاب وسهولة تناوله، بينما هناك نسبة من المعلمات لا يقرأن وليس لديهن ثقافة عامة بسبب تراكم الحصص ومشاغل المنزل، فضلاً على أنه ينقصهن دورات مكثفة في كيفية التعامل مع ضغوط العمل شريطة أن يكون المدربات متخصصات و من خارج دائرة التربية والتعليم. وأشارت الطالبات "وجدان ناصر السهلي"و "هيا فهد الداوود"و "منار محمد العيد" المشاركات في الورشة إلى دورها في اكتشاف مواهبهن، حيث تعلمن الإبداع وأن القصة أكثر من مجرد أحداث وشخصيات وقول وفعل وذهب، وأنّ لها أبعاداً أعمق، والقواعد الأدبية والمهارات. ووصفت الكاتبة والروائية "أميمه الخميس" -مدربة الورشة التدريبية- أسلوب التعلم عبر المشاريع بأنه أحد الأساليب التربوية الحديثة التي تتجاوز التلقين في العملية التعليمية، وتجعل من الطالب شريكا أساسيا في المشروع المعرفي، مؤكدة على أنها لم تكن تخشى شيئاً قبل دخولها لورش العمل كونها على معرفة كاملة بأجواء التعليم وخطوطه الحمراء. وحول الصعوبات التي واجهت "الخميس" كمدربة في ورشة إبداعية لهذه المرحلة، قالت: "بشكل عام لم تكن هناك صعوبات كبرى، فأنا سبق أن قدمت ورش الكتابة الإبداعية لهذه الفئة العمرية سابقاً، أثناء عملي في وكالة الشؤون الثقافية، ولقيت إقبالاً كبيراً وحماساً من المتدربات، ولكن قد يكون من أبرز هذه الصعوبات أن بعض الفتيات كن مرتبطات بآليات استقبال المعلومة التي اعتدن عليها، حيث جو المدرسة والأسئلة والاختبارات، وكن مترددات وحذرات لايعلمن كيف يتلقفن ويمررن بينهن كرات الدهشة الملونة التي تتقافز فوق الرؤوس، مع أنني أحرص دائما حين أصمم الورشة أن أصممها لغرس مهارة عبر متعة المعرفة ولذة الاكتشاف لا عبر الاستظهار". وأضافت: أيضاً من الأمور التي من الممكن تسميتها صعوبات أنه لاتوجد مادة مرجعية عربية يعتد بها في هذا المجال؛ كي أحيل الطالبات إليها فمعظم مادة الورشة، مترجمة عن مصادر أجنبية، وورش الكتابة الإبداعية عموما هي مجال جديد تماما ليس فقط محليا بل على مستوى العالم العربي، وعدا بعض التجارب القليلة في لبنان، فإنّ هذا المجال يبدو غير مطروقا وغامضا، لذا لاتوجد له مرجعية علمية وافرة ومصادر متنوعة من الممكن أن تسهم في إثراء وعي الطالبة إلى جانب العمل التدريبي أثناء الورشة. وختمت حديثها بتفاؤل ومستقبل مشرق ينتظر ملتحقات هذه الورشة والورش القادمة وذلك على خلفية ردود الفعل الايجابية من الطاقم الإداري ومن الطالبات، وكل هذا مؤشر على أن هذه الورش فتحت طاقة ضوء واعدة على حقول إبداعية كانت مهجورة ومهملة.