الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله أكد حقيقة أصبحت لا تقبل الجدل. قد يكون حزب الله متميزاً في إدارة الأموال "الطاهرة" لكسب الولاءات وتمويل نظام الرعاية لمحازبيه وعوائلهم، وقد يكون أيضا متميزا في مجالات الاستخبارات والتعبئة والتدريب. إلا أن الحزب سيئ جدا فيما يتعلق بالإعلام. فالسيد حسن وقع في جملة من التناقضات التي ينسف بعضها بعضا. فهو في جانب يهاجم 14 آذار بناء على وثائق ويكيليكس ومن جانب آخر ينزع عن الوثائق مصداقيتها عندما تنقل ما يقوله، وراء ظهره، حلفاؤه عنه للأمريكيين. زعيم حزب الله ناقض نفسه عندما تحدث عن البحرين مهاجما 14 آذار لشجبها التدخل الإيراني التآمري في الخليج. فلا يجوز، حسب رأيه، انتقاد دولة لها أياد بيضاء تجاه لبنان "ومقاومته". لكن نصر الله لم يراع الأيادي الخليجية البيضاء التي دعمت، ولا تزال، لبنان بمختلف طوائفه، ومنذ عقود، عندما كرر عبارات التحريض ضد البحرين ودرع الجزيرة. الطريف أن نصر الله يجادل بأنه يحق له انتقاد البحرين ودرع الجزيرة لأن مواقفه لا تلزم لبنان كونه، بعكس الحريري، بلا منصب في النظام الرسمي اللبناني. وكأنه يخفي أن نصر الله ليس محللا سياسيا، ولا صحفيا مستقلا بل ولا حتى مواطنا عاديا بل هو زعيم الأكثرية المسروقة، ومالك قراريْ السلم والحرب، ولديه آلة عسكرية ومنظومة استخباراتية تفوق تلك التي بحوزة الحكومة اللبنانية.. تناسى نصر الله أن الحريري مطالب بأن يبدي موقفا مما حدث في البحرين، فقوات درع الجزيرة تمثل دول مجلس التعاون، وعلى رأسها السعودية، ومصالح لبنان مع دول المجلس أكبر بكثير من مصالحها مع إيران. بل وحتى اللغة التي استخدمها الحريري وباقي قوى 14 آذار مختلفة جدا عن اللغة الطائفية والتحريضية التي استخدمها نصر الله. ومن تناقضات الخطاب العزف على وتر عدم اكتراث حكومة الحريري بما جرى للمغتربين اللبنانيين في ساحل العاج والبحرين، مغالطاً الحقيقة في أن من يمسك بوزارة الخارجية هم حلفاؤه الذين راهنوا خطأ على الجواد الخاسر عندما أيدوا اغتصاب غباغبو للسلطة، وجعلوا الجالية اللبنانية تشارك في حفل تنصيبه مستعدية العاجيين والشرعية الدولية. أما في البحرين فإن نصر الله نفسه حرض المقيمين على المشاركة في إسقاط النظام ووعدهم بالمساندة المادية والمعنوية. في خطابه هدد زعيم حزب الله بتحريك دعوى قضائية ضد أركان 14 آذار بناء على ما ورد في الوثائق المسربة من الخارجية الأمريكية. ويحق للمرء أن يتساءل هنا عن حجم الفضائح والتآمر لو كانت الوثائق المسربة عائدة للخارجية الإيرانية.