تمتلكُ تعطشاً عاصفاً للحياة، وتبدو وكأنك قد ورثت جينات البحث المفرط عنها. يحاصرك دائماً إحساس قوي بمحاولة اكتشافها، ليس كذلك فقط، بل والإلحاح عليها.. والتحايل بخلق فرص مثيرة من أجل اقتحامها، وتغذية لحظاتها بوجودك داخلها. تبحث عنها وكأنك العاشق الوحيد المتيم بأيامها.. تبحث عنها راغباً في أن تسمح لك ببناء مساحة تنمو لك للعيش داخلها.. لا تتعب من ملاحقة أيامها بل على العكس قد تجد في داخلك طاقة غريبة لم تتوقعها تدفعك للوصول إليها، ومحاكاة خطوطها، والبحث عن الاجابات الغائبة. تبحث عنها بهدوء في الغالب وكأنك تسعى إلى كسر حاجز الصمت المفروض حولك، والذي طالما أبقاك في مواقعك. تبحث عنها بهدوء دون قص، أو انتزاع تلك الإشارات المنتشرة في كل الأمكنة، وفي الأطراف البعيدة، تتوقف أمام كل تلك الإشارات حتى المصطفة منها لحرصك على عدم التجاوز الذي ستفقد معه فرصتك في التركيز، وملامسة ما تريد. لديك رغبة قوية في الحياة وأنت تستحق أن تحقق هذه الرغبة. لديك شغف آسر باكتشاف وتيرتها وأنت قادر على ذلك! لديك فرصة مليئة بالتحريض على الانطلاق وحيداً وغير مرتبط بأحدهم ذلك لأن بوتقة الانصهار الحقيقية فيما تريد لن تتحقق إلا من خلالك فقط، وليس من خلال غيرك، أو من خلال آخر يدفعك إلى ذلك! تستأنس بانسجام مع إحساسك بروح الحياة حولك، وهذا الحس العام الذي يسيطر عليك آمن، ويدفعك إلى تحويل هذا الإحساس إلى حكاية وإلى صورة حقيقية واضحة المعالم لا تخضع لإرادة الألوان، أو الذهاب إلى معمل التحميض لإظهار حقيقتها! تعطُّشك المفرط للحياة لم يسحب منك تلك المعايير اللازمة والمهمة التي تحرص على الاكتراث بمن حولك، وعدم تجاهلهم لأنهم جزء أساسي ومهم من الأيام عامة، ومن أيامك، جزء أساسي يقف، أو يتحرك على الممر الطويل الذي اعتدت أن تعبر منه، أو ستعبر منه لاحقاً. جزء مهم حتى وإن لم تتمحور حوله، أو يتمحور حولك، إلا أنه أساسي في منظومة الطريق، أساسي في عدم تغييره لأماكنه. في انطلاقك الهادئ والمحسوب تكترث لهؤلاء حتى لا تتعثر على ذلك الممر الطويل، أو تضطر إلى التوقف وملامسة لحظات تغيّر ذاتك، أو تفاصيل ما تريد. يتراءى لك جيداً أنك تعلم ما تريده - تعرفه جيداً - ولن تخطئ في الوصول إليه.. فقط عليك الالتزام بسياسة النفس الطويل، ومناهضة إحساس الخوف، أو اليأس. سيظل أمامك الأفق مفتوحاً.. لن تستنزف صورته بالوقوف.. ولن تتأخر في ملامسة إيجابياته. تعرف جيداً ما تريد وتعرف إحساسك بذاتك كذات منفصلة عن الآخر، وتتعاطى معها دون احتدام، أو حصر في أنها ذاتٌ ناقصة وليست مكتملة! لا تستنفد الرغبة في البحث عن ما تريد.. أو تدخل ذلك الطريق الذي يوجز الطلبات ويجعلها تضج بانتكاسة مصادرة تفاصيلها! تعرف جيداً أنه عليك أن تدفع تضحيات وكلفة وأنت تقرر الخروج من تلك الدائرة الرمادية المفعمة بجمودها، ومع ذلك تستعد بما لديك حتى وإن لم تمنحك الحياة الضمانات الكافية للوصول إليها.. حتى وإن أخذت واستنزفت في البدء، وعجزت عن التقدم.. لكن قد تصل.. سوف تتقدم طالما ظللت مغموساً داخل إحساس ان لا شيء ميؤوساً منه.. ولا شيء يمكنه ان تفشل في الوصول إليه، وإن اختلفت ملامح هذا الوصول..!