نخسر كثيراً .. وبشكل باهظ الأثمان على كل الصعد إذا مانحن أسقطنا حسابات الزمن في توجهاتنا ، ورؤانا التنموية ، وأجّلنا مشروعات ملحة وضرورية ، أو تكاسلنا ، أو سوّفنا في خطة ومدة تنفيذها ، ذلك أن الزمن لايرحم المترددين ، أو المسوّفين ، ولا يتعاطف مطلقاً مع البيروقراطيين ، فالعالم يتقدم وينجز في كل ثانية زمنية من نضالاته وكفاحه نحو الصعود إلى القمة ، ويسعى لتحقيق إنجازات علمية ، ومعرفية، وثقافية ، واقتصادية ، وتطوير البنى التحتية التي تخدم الإنسان ، وتحقق جلب المزيد من الاستثمارات ، وتسهم في رفع معدلات النمو من خلال بيئة جيدة ومتكاملة العناصر والأدوات المحفّزة ، ويسابق الزمن ، إذا لم نقل يدخل في صراع قوي معه ليخضعه لإرادته ، ويطوّعه لأهدافه ، ويستثمر كل لحظة فيه ويوظفها توظيفاً علمياً مدروساً ممنهجاً لإثراء عملية الإنتاج ، والتكامل ، والبناء ، وتحقيق مايشبه المعجزات في النمو ، والتنمية ، والبناء الحضاري . نحن هنا معنيون بالزمن ، من المفترض أن نتفاعل بكل جهودنا ، وطاقاتنا ، وأفكارنا من أجل أن نستثمره على مدار الساعة ، لنختصر مسافات تنموية أهدرناها - وهذا مؤسف - بفعل غياب الرغبة في التنفيذ ، أو المماطلة والتأجيل ، أو عدم استشعار أهمية المشروع ، وأبعاده التنموية ، والحضارية ، من قبل الأجهزة التنفيذية ، وعدم وجود أجهزة رقابية متابعة لها حق المساءلة والمحاسبة ، وتكون فاعلة بقدر كبير بحيث يتوفر الخوف منها . لقد أعطت القيادة ، وصناع القرار السياسي كل الاهتمام بالتنمية البشرية ، والحياتية ، وقدمت بلا حدود كل دعم ، وإنفاق على المشروعات التنموية ، ورصدت المليارات لرؤية استشرافية شاملة لكل الجغرافيا التي تشكل مساحة المملكة من شواطئ الخليج العربي شرقاً ، وحتى سواحل البحر الأحمر جنوباً وغرباً ، ولكل إنسان فيها إن على المستوى الحياتي ، أو التعليمي ، أو الصحي ، وإن على مستوى الخدمات الضرورية ، وربما الكمالية ، غير أن المؤلم هو أن يكون الخلل من الأجهزة التنفيذية في مؤسسات الدولة وأجهزتها ، وأن تكون المعوقات التي تسربل قيام المشروعات ، وربما تئدها وتدفنها ، هي من صناعة وإنتاج هذه الأجهزة . وهذا ماهو أكثر ألماً ، وأشد وجعاً ، فالقيادة تفكر ، وتستشرف ، وتعطي ، والأجهزة تتخلف عن التنفيذ ، وتكون الخسائر في النهاية باهظة ومكلفة ، إنْ من ناحية التخلف ، والتردي في بنية الخدمات ، وإن في التكاليف المادية ، فما كان من المفترض أن ينفذ قبل خمس سنوات ، سينفذ بقيمة مضاعفة لخمس مرات في هذه السنة مثلاً . لانرغب في استدعاء الأمثلة ، وهي كثيرة ، كثيرة جداً . لكننا نضع تساؤلاً ربما يفتح الذاكرة لكثير من الأسئلة . منذ زمن،ربما قبل خمس سنوات ، ربما أقل ، وربما أكثر صدرت الموافقة السامية على إنشاء عدد من المدن الاقتصادية في أكثر مدن المملكة الكبرى ، وحتى الآن لايعرف المواطن ماذا أنجز ، وماذا حدث ..؟ هذا واحد من الاسئلة ، والأسئلة كثيرة..