نرغب كثيراً في أخذ تصريحات المسؤولين التنفيذيين على محمل الجد، ومنطلقات العمل الرؤيوي، والحماس لتحقيق منجز تنموي إن على صعيد الإنسان وصياغة وعْيه وعقله وتطوير قدراته وإمكاناته، وإن على صعيد البنى التحتية لمشروعات اقتصادية، وتعليمية، وإسكانية، ومشروعات على كافة الصعد والمناحي الحياتية مما يلامس حياة المواطن، وتألق الوطن، ونحتفي كثيراً بالجهود التي يبذلها المسؤول التنفيذي لتتماهى مع طموحات القيادة السياسية في تحركها لوضع الوطن على دروب الانعتاق من التخلف في بعض أوجه التنمية، والسير نحو فضاءات التكامل، والقضاء على المعوقات التي تشد العربة إلى الوراء، وتعيق جهد الانطلاق إلى توطين الحداثة، والأفكار الطموحة التي تسهم في صناعة نهضة شاملة، وتنمية مستدامة. نرغب كثيراً في أن يكون المسؤول التنفيذي صادقاً مع نفسه، يحترم عقول الناس، ويخاطبهم على أنهم على درجات من الوعي، والقراءة، والتحليل، والاستشراف، ومعرفة الواقع الحقيقي للمؤسسة الحكومية ومنتجها العملي، ومدى تفاعلها مع واجباتها، وتنفيذها للخطط والبرامج المطلوبة منها، لا أن نبيعها وعوداً، وأحلاماً، ونستخف بوعيها، وفهمها، وتقويمها لعمل المؤسسات، والجهات الحكومية. بعض المسؤولين التنفيذيين يدخلون الى مكاتبهم الباذخة والمترفة ويبدأون في الحلم، يحلمون، ويحلمون، ويركبون الغيمات المسافرة إلى فضاءات متخيلة، ثم يصدقون أنفسهم داخل الأجواء الاسترخائية، ويبدأون في تسويق وتصدير أحلامهم، وخيالاتهم إلى الناس، وكأن المواطن في معزل عن الواقع، وفي غياب عن عمل المؤسسة على مدى سنوات طويلة كان من المفترض خلالها أن تسد نقصاً في حاجة الوطن، وتقضي على عجز في هيكلية الإنتاج، لكنها في واقع الحال لم تضف شيئاً ولو يسيراً من حالة موجعة رغم الملايين المرصودة لبرامجها المفترضة، ومسؤولياتها في إعداد الإنسان لينخرط بكفاءة في عملية التنمية، والإنتاج، والخلق، والإبداع. في عدد "الرياض" الصادر في 8 فبراير من هذا العام كتبت عن نية المؤسسة العامة للتدريب المهني بافتتاح أربعين معهداً تقنياً للبنات بعد أن توصلت إلى استنتاج بأن الفتيات السعوديات يمكن أن يحللن مكان الأيدي النسائية الوافدة في عديد من المجالات مثل التجميل، وتصميم الفساتين، وقلت في الموضوع: "نحترم المسؤول كثيراً عندما يحترم عقول الناس، ويتعامل مع القضايا الاجتماعية من منطلقات الواقع الحياتي، والتنموي، وحق الإنسان المطلق في الحصول على تعليم وتدريب، وبالتالي عمل يجد فيه ذاته وقيمته ومشاركته في العملية الإنتاجية، دون أن يسوّق هذا الحق بأنه اكتشاف مبهر، وفكر يصرخ بالمقولة "لآت بما لم تستطعه الأوائل!!"، إذ إن قضية التدريب المهني مسألة محسومة تماماً للمرأة، وليست كرماً، أو منة، أو إعجازاً من أي جهة، وكان المفترض والمسلّم به أن تقوم بها منذ زمن بعيد، بعيد، غير أنها تأتي لتبشر، وتمارس الفانتازيا عبر طرح الأمر وكأنه معضلة مرهقة للفكر، والخطط، والبرامج واستطاع العقل الرؤيوي أن يضع حلولها في أتون تشابك المعوقات، ولم يلتفت إلى أن التأخير الزمني في تقديم العطاء هو تقصير ندفع أثمانه باهظة بطالة، ومعاناة حياتية، وفقراً، وتحويلات بالملايين من الدولارات تُستنزف من جيوب المواطنين وموازنات الأسر، وتخلفاً حضارياً ينتجه قصورنا في إعداد المواطن وتأهيله في كل الأعمال، ومضامين التنمية، ليخوض تجربته مع العمل المهني بوعي وتدريب وقدرة على الإنتاج، والتفاعل مع الوثبة التنموية الموجهة للإنسان وعقله، قبل أن تتوجه إلى المنشآت المادية". وفي عدد جريدة "الشرق" الصادر بتاريخ 14/5/2012، بشرنا د. علي الغفيض محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بأن المؤسسة ستنتهي من مبنى معهد خاص لصناعة الطائرات المقاتلة وطائرات النقل. حلم نتمنى تصديقه، ولكنه أضغاث أحلام.