مع تصاعد الاضطرابات التي تحدث في الدول العربية، واتساع دائرة التغيير في تلك الدول؛ أصبح المواطن يجد نفسه حائراً سياحياً في خياراته، متردداً في تخطيطه لإجازته، حيث الرؤية لديه غير واضحة، فالتوترات كبيرة على مستوى الدول العربية؛ التي كانت تعتبر بالنسبة للسائح خياراً أول للسفر إليها في العطل الرسمية والإجازات غير الرسمية؛ إلاّ أنّ تواتر الأحداث بشكل متسارع جعل السائح يقف ليفكر كثيراً، ويتأمل في نوع الاختيار والمجالات المتاحة بالنسبة إليه للسفر، خاصة بعد دخول بعض الدول التي كانت تمثل الوجهات السياحية الأساسية لدى المواطنين ضمن الاضطرابات وسلسلة التغير، حتى أصبح يسأل كل من أراد السفر للسياحة ..كيف يقرر إجازته؟ ومن أي الخيارات يبدأ؟. حيرة الإجازة ويبدو بأن الاضطرابات العربية الجارية لم تؤثر فقط على الناس اجتماعياً وسياسياً، بل كذلك طالت إجازاتهم التي أصبحت لدى البعض مؤجله لغير أجل مسمى، حيث وجد البعض بأن الحيرة أصبحت كبيرة في اختيار البلد التي يسافرون لها، وأصبح الخيار أصعب في ظل ظروف راهنة غير موثوق بها إلى أين تصل، حتى أصبح المواطن يبحث عن الخيار الآمن والجيد، لكنه يعود يجد نفسه في مساحة ضيقة من الاختيار حتى رغب البعض قضاء إجازته في ظل السياحة الداخلية؛ التي ظفرت بالكثير من التفضيل، في حين مازال يصر البعض على البحث عن بلد يسافر إليها دون اضطرابات؛ إلاّ أنّ القرار في ذلك صعب، خاصة في ظل ظروف دولية غير مضمونة سياسياً. سباق على أوروبا وشرق آسيا و«ربعنا نايمين» دون تطوير للمواقع السياحية و«دور الإيواء» الاختيار صعب بداية أوضح "عبد الله العنزي" أنّ الاختيار أصبح صعبا فهناك بعض الدول، كانت تتصدر الخيارات العائلية الأولى في السياحة، كمصر وسوريا والبحرين؛ إلا أنّ مايحدث بشكل متسارع وكبير، أحدث وقفة للاختيارات السياحية المتاحة للمواطن،مؤكداً بأنه أصبح يفكر كثيراً قبل أن يقرر، فالأمان أهم الأمور التي لابد أن يوفرها لعائلته في سفره، لذلك التوقف في هذه الفترة عن السفر هو الخيار الأنسب بالنسبة له، مشيراً إلى أنّ الخيارات البسيطة المتاحة والآمنة كالسفر إلى دبي أو بعض الدول التي لم تدخل في إطار السباق السياسي أصبحت أيضا صعبة بسبب إقبال الجميع عليها. أزمة حجوزات وأشار إلى أزمة الحجوزات التي طالت "دبي" في فترة الإجازة المدرسية القصيرة، حيث لم يتمكن من إيجاد حجز له في إحدى فنادقها؛ بسبب التوافر السياحي الكبير على المنطقة، حيث تعددت خيارات السياحة الداخلية واتسعت مجالاتها؛ لتستوعب المواطنين الذين أصبحوا يجدون أنفسهم أمام خيار واحد ولا بديل عنه هو السياحة الداخلية وقضاء العطل داخل البلد، خاصة أصحاب الدخول المتوسطة، وذلك يتطلب إيجاد تنوع وخيارات متعددة لاستيعاب المرحلة الجديدة، مؤكداً على أنها فرصة لا بد أن تغتنمها هيئة السياحة حتى تظفر بالأموال التي تصرف سنوياً على السياحة الخارجية، وذلك بأن تخلق لها منافذ جديدة يشعر من خلالها المواطن بأنه أمام خيار سياحي داخلي جيد عوضا عما يفتقده من سياحة راقية ومنظمة خارج ارض الوطن. أم خالد: البقاء في الوطن أفضل تحسباً لأي طارئ.. ظروف السفر وتتفق معه "أم خالد النجدي" التي تتحدث عن معاناتهم في اختيار وجه للسفر لقضاء العطل الصيفية، حيث تتوقع أن يقل السفر للسياحة خارج المملكة في ظل الظروف الدولية الراهنة، وعلى الرغم من أنّ شرق آسيا هو الخيار الكبير والمفضل لدى البعض في هذه الفترة الحالية، إلاّ أنها ترى بأن البعض يفضل البقاء في الوطن تحسباً لأي طارئ أو حدث مفاجئ، مشيرةً إلى أنّ السياحة الداخلية خياراتها ضيقة جداً إذا ماقورنت بالخيارات المتعددة في الخارج، مؤكدة على أن الرهان سيكون في صالح بعض الدول الخليجية القريبة كدولة الإمارات على سبيل المثال وربما تظفر الدول الآسيوية بشيء من غنيمة السياحة الكبرى في العطلة الصيفية. سمر: «العرب» يحتاجون إلى إجازة لفض نزاعاتهم! التخطيط الجيد وترى "سمر عبدالرحمن" أنّ القضية أكبر من مجرد قرار لكيفية تخطيط لإجازة لأفراد الأسرة، فالمواطن أصبح يشعر بضيق المساحة ليست السياحة فقط، بل على صعيد أبعد وهو الصعيد النفسي، فالأحداث العربية غيّرت في نفوس المواطنين الصغير منهم قبل الكبير وقد أوجدت شعوراً دائما بعدم الاستقرار النفسي، وذلك سبب في تعطيل شعور اللذة والاستمتاع لديه بسفر يفكر أن يخطط له، أو سياحة سواء كانت داخلية أو خارجية، فالإشكالية الكبيرة أصبحت موجودة في عدم إيجاد التخطيط الجيد والمنظم للنفس من الداخل؛ بسبب الظروف السياسية المتسارعة التي جعلت المرء يشعر بأنه في حالة من الانقسام الدائم. بوخمسين: الأسر تعاني من الأسعار والبحث عن السكن قلق دائم وأضافت: وحتى إن وجد بلد سياحي آمن في هذه الفترة وسافر إليها في إجازة سياحية فإنه حتى مع وجود المتعة يشعر بأن قلقا دائما موجود بالداخل، وذلك أمر طبيعي مع وجود الشعور بالوحدة الوطنية؛ التي لا يمكن أن تنفصل لدى من يشعر بالانتماء ليس فقط لموطنه، بل لكل وطن عربي يقع تحت ظروف صعبة، ومحنة كبيرة، موضحة بأن العرب جميعاً يحتاجون إلى إجازة لفض نزاعاتهم، وفي النهاية التخطيط لإجازة سياحية لابد أن تبدأ من قدرة المرء على قراءة خارطة العالم بعيون واسعة، واعية، وقد يسهل اختيار بلد آمن للسفر إليها كخيار جيد لطلب المتعة والسياحة، لكن من الصعب أن يكون هناك سلام داخلي تصطحبه معك في سفرك حتى إن كانت تلك البلد سياحية وجميلة وآمنة، فالتخطيط لابد أن يبدأ أولا من الداخل. «سوليدير بيروت» وجهة سياحية خلال الصيف مؤشرات سياحية وأوضح "عبدالله بوخمسين" -الخبير السياحي والمدير العام والتنفيذي لسفريات كانوا في المملكة والخليج- بأن هناك ماعوض المواطن فقدان السياحة الخارجية في بعض الدول العربية التي شابها الاضطراب فعلى سبيل المثال دولة "مصر" توقفت الحركة في الثلاثة الأشهر الماضية، إلاّ أنّ هناك مؤشرات لعودة السياحة والسفر إليها بشكل إلى حد ما طبيعي، موضحا أن هناك دولا قريبة أصبحت الخيار الأنسب ليتجه لها المواطنون رغبة في السياحة كتركيا واليونان وشرق آسيا التي أصبحت تستوعب الكثير من السائحين، كذلك دبي التي تجاوزت في العطل نسبة عالية في حجوزات الفنادق بها، مشيراً إلى أنّ هناك دراسات أكدت اتجاه الكثير من المواطنين لدبي بعد أن كان وجهتها إلى بعض الدول المجاورة التي شابها الاضطراب. المنتج السياحي أما عن خيار السياحة الداخلية الذي أصبح المواطنون يجدون أنفسهم يقتحمونه بسبب الظروف الراهنة فيرى "البوخمسين" بأنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المعنية في إبراز المكونات السياحة لشد وجذب المواطن؛ إلاّ أن المنتج السياحي مازال يحتاج للكثير من التطوير والتحسين؛ لكي يقتنع المواطن أن يختار السياحة الداخلية، مشيراً إلى أنّ الخدمات الموجودة جيدة لكنها تحتاج للكثير من التحسين الذي لابد أن يبدأ من المواصلات، وينتهي بفعاليات الترفيه التي يطلبها المواطن، والتي تشده ليتمتع بها، متحدثا عن أن العطلات فكرتها قائمة على السياحة العائلية الجميلة، فإذا لم تستمتع الأسرة بهذه التجربة فإنه سيظل هناك شيء ناقص بالنسبة لهم. الجو السياحي وأكد على أنّ السياحة الداخلية جزء كبير منها بالنسبة للأسر قائم على الذهاب لمطعم وكذلك مدينة ترفيه فلابد أن تحمل تلك الأمكنة صفة استيعاب جميع أفراد الأسرة من أطفال وشباب ووالدين، بحيث تتسم بالهدوء والراحة والتنسيق والنظافة، وذلك للأسف غير متوفر بشكل كامل فلابد من تحسينها وتطويرها، مضيفا أنه في حالة عدم وجود الجو السياحي الذي يجده المواطن في الخارج في السياحة الداخلية فإنه سيبقى هناك شيء ناقص بالنسبة لطالبي السياحة، وذلك ماسيدفع الراغبين في الاستمتاع من البحث عن المتعة والسياحة خارج الوطن. التسهيلات الداخلية أما عن العوامل التي لابد من التركيز عليها لدعم السياحة الداخلية، فيجد "أبوخمسين" بأنها تكمن في التركيز على وسائل المواصلات الآمنة والنظيفة والمنتظمة، وذلك لتسهيل التنقل والتحرك، كذلك إيجاد إرشاد سياحي وسهل الاستيعاب للوصول إليه، فهناك بعض المطارات تضم إرشادات ونشرات سياحية تحمل أهم وأبرز معالم السياحة في تلك المدينة، كذلك يوجد أسطول متناسق من سيارات الأجرة النظيفة والمنظمة ذات المستوى الراقي، وحملها لعدادات برسوم واضحة يدفع أي سائح للاطمئنان لها، وإذا لم يرغب السائح في ركوب سيارات الأجرة فيوجد الباصات المنظمة والتي تحمل أرقاما حددت لكل منطقة. شبكة تنقلات مريحة ودعا "أبوخمسين" إلى توفير هذه الشبكة المنظمة من المواصلات داخل المدن لجذب السائحين، مقيماً مستوى الشقق المفروشة التي يصل عددها لأكثر من 120 منشأة إلاّ أنه من النادر جداً الوصول إليها وحجزها عن طريق وكيل سفر في مختلف المناطق، وذلك لعدم وجود آلية اتصال بها؛ فإذا لم يتم معرفة رقم هذه المنشأة من الصعب على السائح حجز الشقق مبدئياً، كذلك خلو المطارات من المكاتب المختصة بكل مايتعلق بالسياحة والتي تمكن المسافر إلى منطقة من وجود فندق بسهولة ويسر، أو عمل حجز له قبل مغادرته للمطار إن رغب، مشيراً إلى معاناة الأسر التي تسافر إلى منطقة داخل إطار السياحة الداخلية فإن تلك الأسرة تتنقل بين الشقق المفروشة تبحث عن حجز مناسب، وقد تستمر في البحث لساعات طويلة دون أن تجد المناسب هذا يحتاج إلى تنسيق من قبل هيئة السياحة والقطاع الخاص، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك وضوح فيما يتعلق بالمدن الترفيهية وماهومسموح وغير مسموح به وكذلك ببعض الفعاليات التي تقام، ففي كثير من الأحيان يتدخل السائح في أنظمة وتحديد ضوابط فعالية ما، فيفسد تنظيمه بقلة وعيه وتلك مشكلة، كذلك لابد من توفر صرامة الجهة المعنية في تحقيق مستويات جودة عالية، وعدم التهاون بذلك، مشيراً إلى أنّ هناك الكثير من الشقق المفروشة غير جيدة، وكذلك على مستوى المطاعم فلابد من تكثيف الجهود لمراقبتها حتى يشعر السائح بأنه يحصل على خدمة مميزة.