كثير من النساء في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام يصبن بالإحباط لأن الأمل في تغير اوضاعهن يبدو معدوما. الكاتبة الأمريكية ايزبيل كولمان لا تقلل من صعوبة هذه الحواجز التي تصفها بأنها مزيج معقد من التقاليد المترسخة من مئات السنوات والسيطرة الأصولية على المجتمع. وتؤكد أن المرأة في هذه المنطقة تعيش الآن في الوضع الأصعب مقابل نساء في مناطق اخرى في العالم. ولكن مع ذلك فإن بث مزيد من الجو المحبط والخانق ليس هو هدفها في كتابها "الجنة تحت أقدامها"، بل على العكس، فالكاتبة تبعث الأمل عبر تتبعها خلال السنوات الاخيرة الحركة النسائية المطالبة بالحقوق الإنسانية عبر العديد من المقابلات والتحليلات والاستقصاءات. تقول كولمان التي أمضت العشرة الأعوام الاخيرة في السفر إلى مناطق متعددة مثل السعودية ومصر وإيران وغيرها من البلدان أن الحركة بالمطالبة بحقوق النساء الإنسانية، التي تقوم على أيدي نساء ورجال، هي أقوى مما تظهر على السطح معبرة عن ذلك بعنوان الكتاب الفرعي "كيف تغير النساء الشرق الأوسط". فعلى الرغم من كل الظروف الصعبة التي مرت بها وكل التهم التي التصقت بها من قبل حركات الإسلام السياسي التي تصفها دائما بأنها منتج غربي ومعادية للدين، وحتى أنها تنفذ أجندات استعمارية إلا أن الصوت المطالب بحق المرأة ظل موجودا، وعلى عكس ما يبدو، فقد تقوى خلال السنوات القليلة الأخيرة. الحركة المطالبة بحقوق المرأة نجحت في مواجهة التيارات الأصولية عبر التعليم والإعلام تقول الكاتبة بحسب تقرير مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط وخلال أحد محاضراتها هناك، إن هذا الصعود يعود ذلك إلى ثلاثة أسباب ترى الكاتبة أنها كانت الأهم في حدوث هذا التغيير. الأول هو التعليم الذي دخلت إليه أعداد كبيرة من النساء في الشرق الأوسط بشكل لم يسبق له مثيل. تزايد أعداد النساء المتعلمات في إيران يمثل، كما تقول المؤلفة، تهديدا للنظام الذي يسعى لتقليص حضورهن. السبب الثاني هو الحضور الصوت النسائي في المجال الإعلامي الذي أصبح الآن حرا ومتاحا للجميع مكن هذه المطالبات بتقوية ذاتها وتستشهد الكاتبة بحضور الصحفيات السعوديات في إجراء تحقيقات تعزز من دور المرأة. أما السبب الثالث هو مجابهة القمع الأصولي وذلك عبر تولي شؤونها الدينية، تستشهد الكاتبة بالحكومة المغربية التي شجعت وجود واعظات دينية، خصوصا في المناطق الريفية، نجحن في مواجهة الخطاب الأصولي المتشدد نحو حقوق المرأة، هذه التجربة الناجحة في المغرب تتكرر الآن في قطر وتركيا، وفي ذلك تشير الكاتبة إلى نقطة هامة وهي أن النساء أصبح يشاهدن التجارب الأخريات على امتداد الشرق الأوسط، فنجاح المجموعات النسائية في المغرب بالضغط لإصلاح قوانين الأسرة ألهم النساء الإيرانيات في اتباع ذات النهج. وتشير الكاتبة إلى أن هذه الحركة النسائية غيرت من قاعدتها الفكرية، فقد بدأت نخوبة ذات توجه علماني إلا أنها أصبحت الآن تحارب على جبهة التفسير الديني العقلاني المؤيد لحقوق المرأة في مواجهة التفسير المتشدد. ربما هذا ما يشير إليه عنوان الكتاب الجميل المستلهم من الحديث النبوي "الجنة تحت أقدام الأمهات"، الأمر الذي يشير إلى نزوع هذا المطالبات باعتبار الدين الإسلامي داعم ومحفز على إثبات حقوق النساء وليس العكس، تقول الكاتبة: "أصبحت المرأة أكثر معرفة بما يقول او لا يقول القرآن". بمعنى آخر أنها تخلصت من الإكراه والوصاية الأمر الذي فتح لهن آفاق الحياة. يقول الكاتب الإيراني رضا أصلان، مؤلف الكتاب المعروف "لا إله إلا الله"، أن هذا الكتاب البعيد الكتابة الاكاديمية الجافة يقابل العديد من النساء الحقيقات اللاتي يتحدين ليس فقط التقييد الواقع عليهن من مجتمعاتهن، ولكن أيضا يحاربن أيضا التنميط المبتذل والتعميم الفارغ عنهن الغرب، هذا الكتاب الذي يبث روحا متفائلة لا يعتمد على مجرد أمنيات أو توقعات، في الواقع أن تفائله مرتكز على أسباب حقيقة وهي لحسن الحظ ورغم محاولات إجهاضها، تنمو وتزدهر، وفي ذلك ليس فقط ترسيخ لحقوق المرأة بل سيسهم في ازدهار الاقتصاد واستقرار المجتمع.