الرَّيحان.. كل نبت طيب الرائحة، وهو أيضاً حسب "لسان العرب" الولد، والرزق، واحدته رَيْحانة والجمع رَياحين وقيل: الرَّيْحانُ أَطراف كل بقلة طيبة الريح إِذا خرج عليها أَوائلُ النَّوْر. "الرياحين" برنامج قرآني يستهدف تعليم وتحفيظ الصغار من سن الرابعة وحتى مادون سن الدراسة عدد من الأجزاء، وكانت الانطلاقة من جامع الخرجي بحي النسيم الغربي بالرياض بفكرة تخمرت عاماً كاملاً برؤوس وعقول وقلوب أصحابها؛ ليتسنى لطفل السادسة حفظ خمسة أجزاء قبل دخول المدرسة. الأطفال الذين كنا نعدهم خوارق للعادة عند مشاهدتهم في وسائل الإعلام يصدحون بآيات القرآن ترتيلاً وتلاوةً وحفظاً، كانوا الشرارة - إن جاز التعبير - التي قدحت الفكرة، وكان العام الهجري 1425ه مولد الدفعة الأولى من "الرياحين" ب22 شبلاً، والعام الماضي احتفل القائمين على البرنامج وعدد من الآباء بتخريج 11 حافظاً للقرآن كانت أولى ثمار وعبق "الرياحين" التي تعدى نفعها إلى مقيمين عرب وآخرين من فرنسا وأمريكا وباكستان والهند وأريتريا، وطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة. "الرياض" تحاول في هذا التقرير إرشاد الباحثين عن برنامج قرآني للصغار دون سن الدراسة، وترصد مولد البرنامج الأول من نوعه وفكرته ومراحل تطوره وأهدافه التي أنشأ من أجلها ويسعى إلى تحقيقها، ويستعرض مميزاته وثماره. العنزي: تسجيل 600 طالب وطالبة دون سن السادسة موزعين على أربعة فروع آباء يشيدون بالتجربة ويجنون ثمارها ويطالبون بتعميمها ودعمها مادياً الأهداف والمزايا والنتائج الشيخ خالد العنزي -المشرف على برنامج "الرياحين"، وإمام جامع الخرجي بحي النسيم الذي شهد ولادة الدفعة الأولى من الدارسين- تحدث ل"الرياض" عن تفاصيل القصة الكاملة للبرنامج - الذي ترعاه وزارة الشؤون الإسلامية - من خلال جمعية تحفيظ القران الكريم في منطقة الرياض. وقال:"كنا نسمع بين الحين والآخر أن طفلاً في السابعة من عمره يحفظ كتاب الله كاملاً، أو طفلة في التاسعة، وكنا نظن أن هؤلاء ليسوا أطفالا عاديين، أو أن الله أعطاهم موهبة وقدرات خاصة، لكن الله أراد أن نفكر في الموضوع ونتأمل كيف حفظ هؤلاء الندرة من الأطفال ذلك الكم الهائل من الآيات والسور في مدة وجيزة، وهل الذين حفظوا هم خوارق للعادات؟، أم أن لهم عقولاً مثل بقية الأطفال واهتمامات كسائر من بأعمارهم؟، وكل تلك التساؤلات والخواطر كانت تجول في الأذهان مع البحث والاستشارة عاماً كاملاً، وكنا نستشير معلمي التحفيظ في حلقات القرآن وكذا المربين والآباء والمختصين في الوسائل والطرق التي تعين على تحفيظ الطفل في مراحله الأولى، وخرجت الفكرة إلى الواقع وكان انطلاقها في اليوم السادس من شهر شعبان عام1425ه. وأضاف أن من المزايا؛ وجود البرامج المساندة للقرآن مثل: (الأحاديث، الأخلاق، الأذكار، القصص، العقيدة)؛ مما يساهم في حصول الطلاب على الحفظ والتربية معاً، إضافة إلى وجود النشاط المصاحب من رحلات ومسابقات، فضلاً عن التميز بوجود المشرفين والمعلمين الأكفاء الذين يجمعون بين الخبرة والعلم والتربية والاحتساب ويمرون بدورات تدريبية وتطويرية وعلمية مستمرة، مع وجود إشراف تعليمي وآخر إداري، ويقوم بتدريس الطلاب رجال، كما يقوم بتدريس الطالبات نساء. وأشار إلى أن من أبرز ثمار البرنامج التي بدت واضحة؛ الثقة التي حظي فيها البرنامج من قبل أولياء الأمور والمشايخ والعلماء والمربين بالبرنامج، وامتدت الثقة إلى قيام بعض طلاب الدراسات العليا من جامعة الملك سعود وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بإجراء دراسات واستبانات، وأيضاً زيارات المختصين والمربين للبرنامج وحرصهم على الاستفادة منه، مؤكداً على أن المتابعة والرصد أظهرت تفوق طلاب البرنامج في دراستهم النظامية، وحصولهم على مراكز متقدمة، حيث جاءت للبرنامج خطابات من بعض مسؤولي التعليم ومدراء ومسؤولي المدارس تشكر وتؤكد على ذلك. البرامج والأنشطة وعن البرامج والأنشطة المصاحبة، كشف العنزي عن إعداد برنامج تعليم الحروف الهجائية (طلاب التلقين بالفترة الصباحية) من كتاب الرياحين المعد من قبل متخصصين، ودراسة كتاب البرامج المساندة الخاص المصمم للبرنامج ويستلمه الطالب مع بداية الدراسة، كما يتخلل البرنامج فقرات ترفيهية ومسابقات خفيفة، ويحرص البرنامج على تنظيم رحلات ترفيهية للطلاب لتجديد نشاطهم، وتخصيص يوم اجتماعي أسبوعي للطلاب لتربية النشأ على غرس معاني الإيثار والتعاون وإكرام الضيف. وقال:" يتبع البرنامج للجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الرياض بإشراف وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ويتكون من ثلاث إدارات رئيسة، الشئون التعليمية، المالية والإدارية، وإدارة العلاقات العامة والإعلام التي تدير موقع الإنترنت الخاص بالبرنامج"، مشدداً على أنّ البرنامج يتضمن إشراف تعليمي يختص بالعملية التعليمية والمناهج وانضباطها وتوزيع المناهج والكتب على الطلاب، ومتابعة تقويم المعلمين للنهوض بمستواهم من خلال الدورات السالفة الذكر، وتقييم الطلاب والتواصل مع أولياء الأمور وإعداد الاختبارات الشهرية الدورية لتقييم مستوى الطلاب. 600 طالب وطالبة وأضاف أن برنامج "الرياحين" تطور خلال عمره القصير؛ فبعد أن كان فرعاً صغيراً في جزء من جامع الخرجي لا يتعدى 22 طالباً، أصبح اليوم يضم نحو 600 طالب وطالبة موزعين على أربعة فروع في النسيم الغربي، الشفاء، المونسية، المنصورة، يضاف إليه فرع خامس خاص للطالبات، كما توسعنا في تصميم البرنامج ليشمل المرحلة الابتدائية، حيث يستمر حفظهم في الفترة المسائية بناء على طلبات ملحة من أولياء أمور الطلاب؛ فجاءت فكرة تخصيص (بعد العصر)؛ ليستطيع طالب الابتدائية أن يكمل حفظه الذي بدأه معنا ليختم وهو في الصف الخامس الابتدائي. وأشار إلى حقيقة مهمة، وهي أن الطالبات -رغم ضعف الإقبال في بداية البرنامج الذي بدأناه بأربع طالبات فقط حتى وصل إلى 71 طالبة في الفترة الحالية لما دون سن الدراسة - تميزن بأداء وحفظ أفضل من الطلاب، وهناك مطالبات بافتتاح فرع مسائي لطالبات الابتدائية، ولكن تواجهنا بعض الصعوبات التي نسعى لتجاوزها. الموارد المالية وعن الموارد التي يعتمد عليها البرنامج قال الشيخ العنزي: لم تقصّر معنا الجمعية الخيرية لتحفيظ القران بمنطقة الرياض التي ساندتنا كثيراً، إلاّ أننا ولظروف الجمعية التي تركز في السنوات الأخيرة على شراء الأوقاف لتنمية وضمان مصادر دخل مستمرة للإنفاق على مشاريع التحفيظ، وهي سياسة في محلها، ولذلك أصبحنا نعتمد نوعاً ما على جهود بعض المحسنين وهي حقيقة غير كافية فهناك أكثر من 75 معلم ومعلمة، إضافة إلى أكثر من 80 إدارياً يتقاضون رواتب شهرية خاصة في ظل توسعنا بفتح الفروع؛ بسبب الإقبال والطلب المتزايد على البرنامج. وأضاف أن من المشاكل القائمة التي نسعى لحلها قلة رواتب المعلمين التي نتمنى زيادتها مراعاة للتصاعد في وتيرة تكاليف المعيشة، وإكراماً لمعلمي أبناءنا القران؛ لذلك نتمنى الحصول على مشروع وقف يتم من خلاله تغطية مصاريف البرنامج والتوسع فيه، أو البحث عن كافل بحيث يقوم أحد الراغبين في دعم البرنامج، ويكون باسمه الفرع الذي يتبنى الإنفاق عليه، وله المتابعة شخصياً للحلقات والطلاب وما يلحق ذلك، مشدداً على أن قبول أي تبرع أو دعم أو كفالة تكون عن طريق جمعية تحفيظ القران بمنطقة الرياض وليس مباشرة عن طريق البرنامج، ولكي يصلنا الدعم لابد على صاحبه التخاطب والتنسيق مع الجمعية على أن يحدد معها أن التبرع أو الدعم لبرنامج" الرياحين". إشادة أولياء الطلاب أولياء الأمور ممن التقتهم "الرياض"، ورصدت انطباعهم حول البرنامج، باركوه وأجمعوا على أهميته وأهليته، وقالوا: يضاف إلى مميزات برنامج الرياحين الكثيرة، إشراف نخبة من الإداريين والمدرسين التربويين ذوي الخبرة في تحفيظ كتاب الله عز وجل، وتربية النشأ على تنفيذه، ووجود إشراف إداري في كل فرع يقوم بتنظيم حضور وانصراف الطلاب والمعلمين، وسير اليوم الدراسي بانتظام، والإشراف على الحافلات وعملية نقل الطلاب من وإلى البيت، وكل ما يتعلق بالأمور الإدارية. وأشاد أكثر من أب بالبرامج والأنشطة المصاحبة خاصة الإذاعة الصباحية والطابور اليومي، مشيرين إلى أن لكل ذلك أثراً إيجابياً على بناء شخصية أبنائهم في الحفظ والملكة وسرعة الانتباه والجرأة والقدرة على التركيز؛ مما أسهم في التفوق الدراسي، فضلاً على الخلق القرآني الذي أنعكس على شخصياتهم، مطالبين بالتوعية بالبرنامج ودعمه والتوسع فيه ليكون على مستوى المملكة وليس قصراً على منطقة الرياض. أكثر من 100 طالب في الطابور الصباحي بفرع المؤنسية خالد العنزي إسماعيل محمد