من يستمع لأغنية أم كلثوم وهي تصدح برائعة "للصبر حدود" ليس له إلا أن يتذكر مأساة نادي النصر وجماهيره المخلصة حد الوفاء، والمحبة إلى درجة الوله. فحينما تخاطب حبيبها الذي أكثر من وعوده الزائفة قائلة: "ما تصبرنيش بوعود .. وكلام معسول وعهود.. أنا يا ما صبرت زمان .. على نار وعذاب وهوان.. إنما للصبر حدود". أشعر –حقيقة- وكأنها تتحدث بلسان حال كل نصراوي اليوم. إنني حينما أقارب بين أغنية أم كلثوم وواقع النصر، لا أفعل ذلك على سبيل المناكفة للنصراويين –لا والله- وإنما لأنني أشاطرهم أمانيهم بعودة النصر لتحقيق البطولات؛ لأنه يستحق ذلك وأكثر، إن عطفاً على سجله البطولي، أو إدراكاً لقيمته كأحد أهم الأندية. ليس سعودياً بل آسيوياً؛ فضلاً عما في عودته من بوادر استنهاض للكرة السعودية التي تعيش حالة ضياع، لربما بدأت – وتلك حقيقة- مع ضياع النصر قبل عقد ونيف، كما وأن هذه المقاربة قريبة جداً من واقع الحال، ولعل من تابع تعاطي الإدارة النصراوية مع جماهير النادي في أعقاب الخسارة سيدرك ذلك. ففي الخبر الذي بثه المركز الإعلامي بنادي النصر يوم السبت الماضي وتناقلته عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية ما يشي بهذه الحقيقة، فالخبر يشير إلى أن رئيس النادي الأمير فيصل بن تركي قد جدد في لقاء له مع جماهير النصر "حرصه على إعادة النصر لمنصات التتويج"، مؤكداً ذلك بالقول: "إننا نعمل بكل جهد من أجل مستقبل النصر"، مشدداً في الوقت نفسه على "أن العمل لن يتوقف بخسارة مباراة أو بطولة". ولعل في هذا الخبر تحديداً إزاحة لعلامات الاستفهام التي ارتسمت عند الكثيرين الذين صدمهم الصمت النصراوي الرسمي في أعقاب الخسارة الأخيرة من الهلال؛ إذ اعتبروه مفاجئاً ومخالفاً لسياقات التعاطي النصراوي المعروف منذ سنين مع كل خسارة؛ خصوصاً حينما تأتي على يد الغريم الهلالي، حيث يكون التحكيم –عادة- الشماعة التي تُعَلق عليها الهزائم، وباعتبار أن الحكم السويسري قد قطع الطريق عليهم، ساعده على ذلك إضاعة رادوي للجزائية، وتخبطات مدربهم الكرواتي، فلم يكن من بد للممسكين بزمام الأمور في البيت النصراوي إلا العودة لتدوير اسطوانة الوعود، وهي الأسطوانة التي لم تعد تقنع أي نصراوي؛ خصوصاً بعدما استهلكت كثيراً، وكأني بالنصراويين اليوم يترنمون أساً وكمداً مع "كوكب الشرق" حين تقول: "صبرنى الحب كتير .. وداريت فى القلب كتير.. ورضيت عن ظلمك لكن .. كل ده كان له تأثير". وحيث لا تبدو بوادر عودة نصراوية للقبض على البطولات، لا على مستوى بطولات النفس الطويل، ولا حتى على مستوى بطولات النفس القصير، فلا أستبعد أن يصل الحال ببعض النصراويين لأن يذهبوا في نهاية المطاف إلى ما ذهبت له "الست" حين قالت في نهاية القصة بعد أن طفح بها الكيل: "ولقيتنى وانا باهواك .. خلصت الصبر معاك.. وبأملى باعيش ولو انه .. ضيع لى سنين فى هواك.. واهى غلطة ومش ح تعود .. ولو إن الشوق موجود.. وحنينى إليك موجود .. إنما للصبر حدود"!.