كان أمير الشعراء واحدا ممن عشق وطنه فعبر عنها شعرا بقصيدة تعد من أجمل ما قيل في حب الوطن، وتغنى به من يريدون التعبير عن مشاعر حب تختلج به صدورهم، قال شوقي بيته المشهور: وطني لو شغلت بالخلد عنه ... نازعتني إليه بالخلد نفسي هنا، ولدت قصيدة وطنية رائعة، كان معظم المواطنين يرددون منذ عام 1381 ه أبياتا شعرية جميلة تذاع في إذاعة المملكة العربية السعودية مغناة، تعد أول أغنية وطنية، بيتها المشهور: روحي وما ملكت يداي فداه ... وطني الحبيب وهل أحب سواه لئن عبر الشعراء عن حبهم لتراب وطنهم بقصائد تفيض مشاعر، والكتاب يعبرون عن مكنون أنفسهم بكلمات جميلة، فإن الرياضيين لهم نصيب من التعبير، اللاعبون في الملعب، والجمهور في المدرج. في الرياض لبس لاعبو الهلال والنصر شعار المملكة العربية السعودية قبيل مباراتهما في نصف النهائي في مسابقة كأس سمو ولي العهد، فكان تعبيرا جميلا عن مواطنة حقة أظهروا خلالها مدى حبهم للوطن، كان منظرا جميلا يستحق أن يتأمل الفرد صوره بإمعان، ويحيي كل جسد لبس ذلك الشعار، فاللونان "الأزرق" و"الأصفر" نفساهما يقفان تحية وتقديرا للشعار الأخضر. الجمهور في المدرج حمل علما يحمل عبارة (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، وما أجملها من عبارة، تحرك العلم الكبير، ليست الأيدي هي التي حركته، بل القلوب التي تنبض وطنية لكل شبر وطأته الأقدام التي تحمل أجسادا تحتضن تلك القلوب. في مكةالمكرمة حيث لقاء الوحدة والاتفاق لم يختلف التعبير عن مشاعر الحب من قبل الجمهور واللاعبون، أظهروا مشاعر تفيض بالعشق لوطن عاشوا فيه آمنين مطمئنين، يغذيهم بخيراته، فكان لا بد من إظهار جزء من مشاعر الحب عبر صور منها رفع علم المملكة، وصور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله. في ظل الاضطرابات التي تعيشها بعض البلاد حولنا، عاش البعض قلقا حرك جسده، لا يخفي خوفا من أن تشتعل شرارة فتنة تكبر فتأكل الأخضر واليابس، ولا يخفى الأثر المدمر لمن أصابهم التفرق، فلفهم الجوع والخوف، وظلوا يتطاحنون فيما بينهم. في وطن يغدق على أبنائه الخير، وأعظم خير أمن وأمان يعيشون فيه تحتم أن يقف الجميع يدا واحدة لصد أيد عابثة تريد بث الفرقة بين أبنائه، وتمزيق وحدته، أصوات تنعق من الخارج، وينساق خلفهم، من لا يدركون عواقب الأمور، ولا يعرفون حجم الضرر الذي تخلفه الانشقاقات حتى لو غلفت بغلاف النقد. إن الرياضة والرياضيين الذين يتفيأون ظلال الوطن الكبير أرادوا في هاتين المباراتين إظهار مكنون أنفسهم، هي في الواقع رسالة تربوية تقدم للجمهور في المدرج، وخلف الشاشة، مساهمة بما يستطيعون، وهي الرسالة التي يجب أن تظل حاضرة على الدوام في مباريات كثيرة، وتقدم بصور شتى، ليس من اللاعبين فحسب، بل من الجمهور ذاته. قبل أيام وقف الجمهور محتشدا في الشوارع لاستقبال خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بعد قدومه إلى الوطن سالما معافى، وهو اليوم يقف في المدرج هاتفا له، وللوطن، المدرج الواسع يفيض حبا للوطن الواسع، والتعبير عن الحب عادة ما يظهر في المدرج عبر أعلام وصور، خاصة حينما تكون المناسبة وطنية، أما حينما يلعب المنتخب، فالحب الذي يغرق المدرج لا يحجب. شكرا لمنسوبي النصر والهلال، والوحدة والاتفاق، وننتظر مزيدا من التعبير عن المواطنة في مباريات قادمة، ومن بقية الأندية.