لم يتمالك الأستاذ حمد نفسه حين رأى هذه الكوكبة من فطاحل الشعر والأدب وقد اجتمعت في غرفته فقام ليطبع قبلة على جبين كل منهم واستغل الفرصة لإلقاء قصيدة ترحيبة لم يسمعها أحد من قبل: "يامرحباً بشموس الشعر والأدب وحملة أسفار البلاغة والقلم" فقاطعة المتنبي (الذي يشبه كثيرا رئيس النادي) : "بس، بس ، يازينك ساكت ، خليتنا حمير نحمل أسفارا .. لا تخبرنا شيئا من قصائدك الركيكة فنحن نعرفها جيدا"!! فتعجب الاستاذ حمد من جملته الأخيرة وقال: " تعرفون قصائدي؟.. كيف تعرفون أنتم بعضكم البعض وقد توفاكم الله في عصور مختلفة؟.. ولماذا تتجمعون في غرفة حمار مثلي لا يجيد غير حمل أسفار الشعر والأدب؟"... وهنا تدخل أبو العلاء المعري وقال بوقار الفلاسفة: "اسمع يا أستاذ حمد؛ قد لا تجيد نظم الشعر ولكنك صاحب فضل في نشره ورعايته وتعريف الناس به. ونحن (أعضاء جمعية الشعراء الأموات) نتابع جهودك ونقدر إخلاصك لدرجة نشب بيننا الخلاف بسببك لسنوات طويلة"؟ شعر الاستاذ حمد بالإطراء فقال: "أنتم تختلفون بسببي أنا؟.. كيف؟.. ولماذا !؟" قال الفرزدق: "في الحقيقة قبل أن نختلف بسببك اتفقنا على فضلك في نشر أعمالنا وتعريف الناشئة بأشعارنا .. ثم اختلفنا في طريقة مكافأتك على هذه الخدمة الجليلة"!! وهنا قال الأعشى وهو ينظر باتجاه السقف: "لنعترف أيها الزملاء بأن دافعنا الأول ليس مكافأة الرجل، بل سعينا لنشر قصائدنا الجديدة في عالم الأحياء وفضاء الانطربنت"... تدخل جرير : "تقصد فضاء الانترنت.. نعم صحيح؛ فقد قررنا مكافأتك من خلال تزويدك بقصائدنا الجديدة لتنشرها بين الناس".. فقال الاستاذ حمد فاغراً فاه : "وكيف سيتم ذلك وأنا حي وأنتم (لمؤاخذة) أموات!!؟" قال المتنبي "سنزودك بها في عالم الأحلام كونها المكان الوحيد الذي يسمح بالتقاء الطرفين" ... وحين بدا عليه عدم الفهم أردف المتنبي قائلا: "في كل ليلة سيزورك شاعر منا بحسب جدول اتفق عليه أعضاء الجمعية ليخبرك بقصيدة جديدة من إنتاجه.. وما نريده منك هو إخبار الناس بها ونشرها بينهم بأي وسيلة تراها مناسبة.. فنحن على استعداد للموت من أجل هذا الهدف".. ثم هز رأسه محاولا طرد الفكرة ، وأردف قائلا: "وبما أنني أتولى رئاسة الجمعية هذه الأيام سأبدأ بنفسي وأخبرك بقصيدة جديدة لم يسمعها أحد من العالمين" ... وبدون أن يلاحظ الاستاذ حمد أشار المتنبي بأصبعه لبقية الشعراء أن "افرنقعوا" وجلس وحده مع الاستاذ حمد يلقنه قصيدته الجديدة حتى الصباح... *** *** *** وفي صباح اليوم التالي استيقظ الاستاذ حمد وفي رأسه (تلعب) قصيدة جديدة للمتنبي لم يسمع بها الناس من قبل .. وبقدر فرحته بجمال وتفرد القصيدة الجديدة (فهو في النهاية خبير يجيد تمييز الشعر الجيد) إلا أنه مازال مرتبكا بخصوص ماحدث ليلة البارحة .. وهكذا لبس ثوبه وذهب لاستشارة زميله الدكتور حسين (الذي جمع بين الأدب وعلم النفس وله مؤلف مشهور بعنوان: دور الإلهام في الإبداع الشعري).. وما أن دخل عيادته حتى بدأ يخبره بسره الكبير وهو يتلفت ذات اليمين وذات الشمال.. وحتى قبل أن ينهي كلامه قال الدكتور حسين بكل برود: "عادي، عادي جدا، حالتك معروفة، وسببها مفهوم" .. قال الاستاذ حمد بعصبية: "كيف عادي ومفهوم وأنا في رأسي قصيدة جديدة للمتنبي "تطنطن" من ليلة أمس" ؟! قال الدكتور حسين: "عادي، ويمكن بكرة كمان تطنطن في رأسك قصيدة أخرى لجرير أو الفرزدق وأبو تمام".. وهنا ارتعب الاستاذ حمد وعاد بجسده إلى الخلف وقال بصوت متهدج: "أقول يادكتور لا تكون أنت اللي أرسلتهم؟" وللقصة بقية