أعلن الفنان كاظم الساهر رفضه لفكرة تقديم أغنية ثورية حماسية في اللقاء الذي أجراه معه الزميل المميز عبدالرحمن الناصر والذي نشرته الرياض الثلاثاء الماضي؛ مبرراً ذلك بأنه ضد الفوضى ويرفض التمرد والحرب، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية الأغنية الراقية التي فيها الحس الوطني والهداية التي تدعو إلى زرع المحبة والسلام. حين يتحدث فنان بمثل هذا الكلام فبالتأكيد لأنه عاش ويلات الحرب والاضطرابات وانعدام الأمن في بلاده حتى هذا اليوم. ورغم تجاربنا العربية المريرة مع الثورات والانقلابات، إلا أن الإعلام العربي بمختلف أطيافه وأنواعه ومختلف توجهاته يمارس نوعاً من التضليل المتعمد للشباب العربي، وذلك من خلال التركيز في الصور الإيجابية الحالمة للثورات التي اندلعت في بعض الدول العربية، وبث الأغاني الحماسية والصور البطولية التي - بالتأكيد - تثير الحماسة والزهو لدى الشباب عموماً. الإعلام العربي عموماً وهو يركز في الصور الزاهية للثورات يطمس الحقيقة المرة والسوداوية لما بعد تلك الثورات من انعدام الأمن والفوضى وعدم الاستقرار والخوف الذي يسكن الجميع في ظل غياب السلطة. ومن ينظر لحال الدول التي قامت فيها الثورات سيجد أنها تعاني الآن بالفعل من أزمات اقتصادية وصراعات متعددة الأشكال والألوان. هذا التضليل والخداع المتعمد للشعوب العربية سيشكل علامة كبيرة وسوداء في تاريخ الإعلام، وذلك لأنه كان إعلاماً غير مسئول يأخذ من الواقع وجهه الحسن ويترك الجانب السلبي، الذي يكتوي بناره الناس. لقد ساهم هذا الإعلام من حيث يدري أو لا يدري في إشاعة الفوضى في المجتمعات العربية. وحين أشادت أمريكا على لسان وزيرة خارجيتها بقناة الجزيرة وأهميتها! كما هو متوقع! انبرى كتاب الأعمدة والبرامج في التغني بهذا الإنجاز الذي تحققه قناة عربية، رغم أنهم يعلمون جيداً بأن الإشادة لم تكن صادقة بقدر ما هي انتهازية أمريكية تعودناها، والهدف منها الدعوة لاستمرار المزيد من الفوضى في المنطقة، والمزيد من العنف والكثير من الطائفية والبغضاء، لتأتي أمريكا في النهاية وتقطف الثمرة من دون جهد ومشقة. إن التاريخ لن يرحم القائمين على الوسائل الإعلامية العربية، وما قد يتولد في أوطاننا من اضطرابات من خلال الإيحاءات المباشرة وغير المباشرة للعزة والشرف والحرية، وكأن كل تلك الحقوق الإنسانية المشروعة لن تأتي إلا عن طريق الفوضى والدمار؛ إن حرية كهذه التي يصورها الإعلام العربي ليست إلا حرية مصنوعة في غرف "التضليل" والخداع والمؤامرات، وسيدفع الشباب العربي ثمن تصديقها غالياً.. ومثلما قال كاظم الساهر: شبابنا بريء ولا يعرف ما يحاك في دوائر السياسيين من أعداء العرب.