حتى الإذاعات التي لم نتعوّد منها سوى الالتزام بالمفردات المختارة والمقبولة لدى المستمع . وكذا في الحوارات والجدل في الفضائيات وجدنا كلمة " البلطجية " تتردد على مسامعنا أكثر من مرة في اليوم الواحد . ولا توجد تعابير فصحى في المعاجم . وربما اشتقت من : بلط اللِّصُّ القَوْمَ: لم يَدَعْ لهم شيئاً . والبَلْطُ، ويُضَمُّ: المِخْرَطُ، وتبالط القَوْمُ: تَجالَدوا بالسُّيوفِ . وقال بعض اللغويين :معناها في الاستخدام الشائع: فرض الرأي بالقوة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم. وهي لفظ دارج في العامية وليس له أصل في العربية، ويعود أصله إلى اللغة التركية، ويتكون من مقطعين: "بلطة" و"جي"؛ أي حامل البلطة، و"البلطة" كما هو معروف أداة للقطع والذبح. والبلطجة في الاصطلاح العامي هي استعمال القوة لاستغلال موارد الآخرين بهدف تحقيق مصلحة خاصة؛ وهي نابعة من احتياج صاحب القوة -فردا أو مجتمعا أو دولة- لموارد ومواهب وقدرات الآخرين لتوظيفها بطريقة نفعية . ولم تكن البلطجة وليدة زماننا ، فقد ذكرها التاريخ البرلماني في بريطانيا ، ولكن في القرن الثالث عشر الميلادي . فهم يذكرون عبارة " البرلمان المجنون " وهو الذي عُقد في أكسفورد سنة 1257 ميلادية ، في عهد الملك هنري الثالث ، وسُمّي كذلك على إثر ما وقع من إجراءات طائشة وقام به اللوردات من تصرفات غير مألوفة إذ استأجروا رجالا مسلحين وأدخلوهم إلى قاعة الجلسة ، ثم حمي الجدال واحتدم النزاع بين الملك واللوردات، وبين أعضاء العموم وتماسكوا بالأيدي واضطربت الحال إلى حدّ جنوني ، وألصق بذلك البرلمان الاسم المذكور . ودخل المعاجم باسم Parliamentum Insanum (باللاتيني) . وكاريكاتير الزميل الهليّل في هذه الجريدة قبل أسبوع يوحي بأن كلمة " إسقاط " أصبحت ذات معنى واحد لدى العامة . فيظهر رجل يسأل صاحب متجر الاتصالات عن جهاز إسقاط ، ويجيبه البائع : ما تحكي بالسياسة.